البحث

التفاصيل

بيان حول ما يجري  في الصومال من اقتتال

الرابط المختصر :

الدوحة: 6 جمادى الآخرة 1430هـ

        30 مايو 2009م

 

 

بيان حول ما يجري  في الصومال من اقتتال

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه.

(وبعد)

يتابع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بقلق شديد التطورات الأخيرة التي تعيشها العاصمة الصومالية مقديشيو على إثر اندلاع الاقتتال بين القوات الحكومية الصومالية والأطراف المعارضة لها ممثلة خاصة في الحزب الإسلامي وجماعة شباب المجاهدين، وما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في البلاد عموما.

وتأتي هذه التطورات الخطيرة بين إخوة الأمس القريب الذين استطاعوا بفضل من الله تعالى ثم بثباتهم وتكاثفهم، وتعاطف كافة الشعب الصومالي معهم أن يخرجوا القوات الأثيوبية التي احتلت بلادهم سنتين كاملتين، ليطرح السؤال: ما هي مبررات هذا الاقتتال بين إخوة طالما جاهدوا جنباً إلى جنب، من أجل تحقيق هدف سام هو تحرير بلادهم من الاحتلال حتى منّ الله عليهم بذلك؟

إن كل المبرّرات مهما زيّنت لأصحابها، فهي لا تبيح إراقة الدماء المسلمة الطاهرة بدون مسوغ شرعي مجمع على قبوله.

وقد نبّه الاتحاد في بياناته السابقة إلى مغبة أن يتحول الصومال إلى أفغانستان جديدة، يواجه فيها المسلم أخاه المسلم بالسلاح، فيخربون بيوتهم بأيديهم، ويقتل بعضهم بعضا، على الرغم من التحذير النبوي الصريح: "لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض" "إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار".

ولهذا فإن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين انطلاقا من المبدأ القرآني: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحجرات:10] يدعو الإخوة في الصومال إلى مراجعة مواقفهم، ويذكّرهم بما يلي:

1 - أن إراقة الدماء المسلمة بدون سند شرعي قطعي الثبوت والدلالة هي من أكبر الكبائر عند الله سبحانه، وهذا ما أكدت عليه الآيات الكريمة: {أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً} [المائدة:32] {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} [الفرقان:68]{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} [النساء:93].  

 2- أن تفرقهم واقتتالهم- بالإضافة إلى أنه من أكبر الكبائر - يجعلهم أكثر ضعفا كما قال الله تعالى: {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [لأنفال:46]، بل إنه يجعلهم في مهب الريح، كما شاهدنا مثل ذلك كثيرا، وبالتالي يجني الثمار آخرون غير المجاهدين. وفي الحديث الصحيح: "لا تختلفوا فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا".

3- يدعو الاتحاد الإخوة في المعارضة بشكل خاص أن يستجيبوا إلى الدعوات المتكررة التي أطلقتها الحكومة للحوار، كما يدعو الحكومة لبدء تطبيق الشريعة فورا، والتفاوض على كل المسائل التي هي محل خلاف وعدم رضا من جانب إخوانهم، حتى يفوّتوا الفرصة على المتربصين ببلادهم، وكذلك رحمة بهذا الشعب العظيم الذي وقف معهم وساندهم، رغم أوضاعه المأساوية، ضد الاحتلال، فلا يليق أن يجازى بحرب جديدة تأتي على ما أبقته الحروب السابقة.

4 - يؤكد الاتحاد من جديد على الإخوة في الحكومة وعلى رأسهم رئيس الجمهورية الأخ شيخ شريف شيخ أحمد إلى مزيد من ضبط النفس، وعدم الانجرار وراء الاستفزازات، والصبر على إخوانه مهما بدر منهم، فمسؤولية البلاد تقتضي منهم التحلي بسعة الصدر، والمواصلة في سياسة الدعوة إلى الحوار، وتحريم الاقتتال الداخلي، وعدم الانسياق إلى ردة الفعل.

5 - يدعو الاتحاد جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي إلى بذل كل جهودهما لحقن الدماء، وتحقيق المصالحة الكاملة، والتوسط فورا لإنهاء النزاع، وتخصيص مبالغ مالية مناسبة لإغاثة هذا الشعب المنكوب بالحروب.

 

6 - يحيّي الاتحاد الإخوة العلماء الأعضاء في هيئة علماء الصومال على ما يبذلونه من جهود في سبيل المصالحة، وإطفاء الحريق، ويطلب منهم الاستمرار، والمواصلة لخطواتهم المباركة للتصالح بين القوى المتناوئة. وتجنيب الصومال الحبيب مزيدا من ويلات الحرب التي طالت أكثر مما ينبغي.

7 - يجدّد الاتحاد استعداده لمساندة جهد الإخوة العلماء في الصومال بالتوسط المباشر بين الإخوة الفرقاء، وذلك بإرسال وفد من قيادته العليا في أي وقت يراه الإخوة مناسبا، حتى نضع حدا لهذا الاقتتال ونحقن دماء المسلمين، ليتفرغ أهل الصومال من جديد إلى بناء بلدهم، الذي دمّرته الحروب الأهلية، وعودة الأمن والاستقرار لهذا الشعب الممتحن.

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

 

 

الأمين العام                                                 الرئيس

أ.د. محمد سليم العوا                                                             أ.د. يوسف القرضاوي

 





التالي
الشيخ رائد صلاح: عشت كل أيامي في سجون الاحتلال معزولاً
السابق
بيان حول قرار الدائرة التمهيدية للمحكمة الجنائية الدولية باعتقال الرئيس السوداني عمر حسن البشير

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع