البيان الختامي
لاجتماع مجلس الأمناء الخامس
للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
المنعقد في استانبول بتاريخ 14-15 رجب 1430هـ الموافق 6-7/7/2009م
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبيّنـا محمد، وعلى سائر إخوانه من النبيّين والمرسلين، وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه إلى يوم الدين، وبعد.
فإنّ الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بمجلس أمنائه المجتمع حاليا في مدينة استانبول، وبقاعدته العريضة من علماء الأمّة، قد رأى من واجبه في هذه الظروف التي يمرُّ بها العالم عامّةً والمسلمون خاصّةً، من مظالم واعتداءات على المستضعفين في كلّ مكان، ومن مجازر ومذابح تحلّ بالمسلمين في بلاد المسلمين وغيرهم، ولا سيّما في فلسطين، أن يبيّن الأمور التالية، استحضاراً لمسؤولية العلماء في إسداء النصح للأمّة (حكّاماً ومحكومين) إذا أصابها ما يهدّد مصلحتها العليا في ثقافتها وثوابتها وسلامة ديارها، أو وحدة أراضيها، أو استقرارها، ونهوضاً بواجبهم في تبصير الأمّة بمكامن الخطر، وصدعاً بكلمة الحقّ.
أولاً: يؤكد الاتحاد على أنّ ما يصيب الأمّة من جرحها النازف منذ نيّف ونصف قرن، في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس من أرض فلسطين التي بارك الله فيها، يوجب على المسلمين حيثما كانوا أن يعينوا إخوانهم بالمال واللسان والقلم وغير ذلك، وأن يستنفروا القوى المحبّة للخير في العالم للوقوف صفاً واحداً لاستنكار جرائم الكيان الصهيوني في حقّ الإنسان الفلسطيني ومسكنه وحرثه ونسله، وأن يحولوا بكل وعي وحزم دون أيّ خفض لسقف المطالبة بحقّ الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه والعودة إلى أرضه.
ثانياً: يحذّر الاتحاد من استجابة أية دولة عربية أو طرف فلسطيني لما يسمّى "حلّ الدولتين"، الذي تسعى بعض القوى الكبرى وخاصة الولايات المتحدة إلى فرضه على الفلسطينيين والعرب والمسلمين. فهذا الحل يصفّي الحقّ الفلسطيني والعربي في فلسطين من خلال التسليم المسبق باغتصاب الأرض الفلسطينية وإقامة الدولة الصهيونية على 78% منها عام 1948. وهو ينهي حقّ العودة من خلال التعويض والتوطين للفلسطينيين الذين هجّروا من ديارهم وأراضيهم.
ويتّجه إلى فرض الاعتراف بيهودية الدولة تمهيداً لتهجير حوالي مليون ونصف المليون فلسطيني ممّن بقوا تحت الاحتلال منذ 1949. كما يتضمّن وضع الأماكن المقدّسة الإسلامية والمسيحية في القدس تحت الإشراف الدولي في حين يكرّس ضمّ القدس بشطريها الغربي والشرقي لدولة الكيان الصهيوني.
أما الدويلة الفلسطينية التي يريد إقامتها على الأراضي التي احتلّت عام 1967، فستكون بلا سيادة ومنزوعة السلاح، وقد فقدت القدس وجميع الأراضي التي قامت عليها المستوطنات والطرق الالتفافية، وما ضمّه الجدار، وما أحاط نهر الأردن والبحر الميت من أرض فلسطينية مما يجعلها دويلة هزيلة لا تستحقّ اسمها، ويعرّض مئات الألوف لهجر قراهم بسبب الاستيلاء على أراضيها.
ويرى المجلس أنّ "حلّ الدولتين" هو حلّ يصفّي القضية الفلسطينية والحقوق الثابتة للفلسطينيين والعرب والمسلمين في كلّ فلسطين.
ثالثاً: ينبّه الاتحاد أمّة الإسلام إلى الخطر الداهم الذي يواجهه المسجد الأقصى المبارك، بتهديد العصابات الصهيونية المتطرِّفة بمهاجمته واحتلاله فضلاً عمّا يجري تحته من حفريات وحوله من تهديدات، تمهيداً لما يبيِّتونه من نوايا خبيثة، تنتهي بهدمه وإقامة هيكلهم المزعوم على أنقاضه. ويؤكّد الاتحاد ما دعت إليه المؤسسات العاملة للقدس في بيانها حول هذا الموضوع، من ضرورة حماية المسجد الأقصى الشريف من هذه المؤامرة الصهيونية الجديدة، ويُعلن أنّ هذه الحماية واجب الحكومات والعلماء والشعوب والجمعيّات والمؤسسات الإسلامية والإنسانية كافة، بحيث يصبح فرضَ عينٍ على كلّ مسلم أن يهبَّ لبذل النفس والنفيس فداءً للمسجد الأقصى ودفاعاً عنه. ويطالب الاتحاد علماء الأمّة ودُعاتها ومفكِّريها ومثقَّفيها في كل مكان، أن يقوموا بواجبهم في تنبيه الأمّة إلى هذا الخطر المُحدِق بالقدس وبالمسجد الأقصى، وهذه المحاولات الدائبة للعدوان عليه، وأن يعملوا على تعبئة قوى الأمّة لتقف صفاً واحداً كالبنيان المرصوص في مواجهة هذه المؤامرة الصهيونية الشرِّيرة.
ويهيب الاتحاد بالدول والهيئات الأوروبية والأمريكية وغيرها أن لا تساند العدوان على حقوق المسلمين ومقدّساتهم، وذلك إحقاقاً للحقّ وحرصاً على مصالحها وعلاقاتها بالعالم الإسلامي، وعملاً بحقوق الإنسان التي ينادون بها.
رابعاً: يؤكّد الاتحاد أنّ المقاومة الفلسطينية الباسلة، تمثِّل واحدةً من أنبل مواقف هذه الأمَّة في القديم والحديث، وهي ممارسة مشروعة لحقّ مقاومة الاحتلال الذي يقرّره الإسلام وسائر الشرائع الدينية، وتنصّ عليه كذلك هيئة الأمم المتحدة في قراراتها المتوالية. ومن الواجب على كلّ مسلم أن يقدِّم للمقاومة الفلسطينية ما يستطيع من دعم. وهي تستحقُّ التهنئة والثناء على ما أبدته ولا تزال تبديه من ثبات وصمود في مقاومة العدوان والمطالبة بالحقوق والتمسّك بالثوابت، وعلى ما تميّزت به من وعي عميق، واتِّزانٍ في التعامل مع الآخر، وحرصٍ على تجنُّب أي خلاف يفرِّق الصفّ الفلسطيني، من الداخل أو الخارج. ويدعو الاتحاد المقاومة وجميع قيادات الشعب الفلسطيني إلى الثبات على هذا الموقف حتّى يتحقّق النصر والتحرير بإذن الله.
خامساً: ينبّه الاتحاد إلى أنّ الشعب الفلسطيني اليوم ولا سيما في قطاع غزّة المصابر المرابط، يتعرّض لحملة ضارية ظالمة لتجويعه، فضلاً عما يتعرّض له منذ سنين بصورة يومية من حملات القتل والاغتيال والهدم والتدمير لأبطاله وشبابه ورجاله ونسائه وأطفاله ومزارعه ومصانعه ومؤسساته وبيوت أفراده. ومن واجب كلّ مسلم أن يعمل بكلّ وسيلة ممكنة على فك الحصار الظالم الذي يمنع وصول الغذاء والدواء ومواد البناء إلى شعب غزّة، ويقتل أطفاله ونساءه ومرضاه قتلاً بطيئاً. ويبيّن الاتحاد حرمة إغلاق المعابر ولا سيما معبر رفح. ويذكّر من يشارك فيه من المسلمين بحديث النبي صلى الله عليه وآله وسلّم: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه).
وهذا الشعب البطل المجاهد المصابر في الرأي الإجماعي لمجلس أمناء الاتحاد يجب إعانته من أموال الزكاة والصدقات والوصايا بالخيرات العامة، وغيرها. بل يجب أن يقتطع المسلمون نصيباً من أموالهم الخاصّة، ومن أقواتهم، لدعم إخوانهم في فلسطين. ويذكّر الاتحاد بحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم: (ليس منّا من بات شبعان وجاره جائع وهو يعلم).
وفي هذا السياق، يعرب الاتحاد عن تقديره لجميع الجهود والمحاولات التي يبذلها عدد من المخلصين من أحرار العالم مؤسسات وأفراداً ولا سيما تلك القوافل الإنسانية التي حاولت كسر الحصار الظالم براً وبحراً، وإيصال الضروريات من غذاء ودواء وكساء ومواد بناء إلى أهلنا في غزّة.
سادساً: أخذ المجلس علماً بما كان للجولة التي قام بها وفد الاتحاد برئاسة سماحة رئيسه على عدد من ملوك ورؤساء الدول العربية والإسلامية، من أثر عظيم على نفوس الشعب الفلسطيني في أثناء الحرب وكذلك على نفوس القيادات جميعاً وعلى العلماء في فلسطين وخارجها. ويشجّع المجلس أمثال هذه الزيارات التي تهدف إلى وضع المسؤولين أمام مسؤولياتهم الشرعية.
سابعاً: يعرب الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين عن قلقه الشديد واستيائه البالغ مما تشهده باكستان من الأحداث الأليمة والمؤسفة وهي الدولة الإسلامية النوويّة المهمّة التي يسعى أعداء المسلمين للنيل منها ولإثارة الفوضى والقلاقل فيها حتى تستنـزف إمكانياتها ومن ثم يسهل تنفيذ ما بدا من أفواههم من البغضاء وما تخفيه صدورهم تجاه وجود دولة باكستان.
والاتحاد إذ يضع هذه الحقائق في الاعتبار يناشد جميع أفراد الشعب الباكستاني والحكومة والأحزاب السياسية والمؤسسة العسكرية أن تدرك خطورة الأوضاع وأن يقوم كلّ بدوره لإخماد نار الفتنة، والحيلولة دون تشريد الملايين من المدنيين الأبرياء.
ثامناً: يدين الاتحاد استمرار العدوان العسكري الغاشم على الشعب الأفغاني بقتله وتدمير بيوته وممتلكاته وأراضيه على يد القوات الأمريكية والبريطانية وتوسّع هذه القوات في عدوانها خاصة في الأسابيع الماضية، ويدعو الاتحاد الدول الإسلامية والعربية كافة إلى مواجهة هذا العدوان بما يستحقّه من مواقف عملية في مواجهة مرتكبيه ضدّ الشعب الأفغاني.
تاسعاً: تابع الاتحاد بقلق بالغ ما عرضته وسائل الإعلام من هجمة شرسة على المدنيين العزّل في تركستان الشرقية وغيرها، نتج عنها وقوع ضحايا (قتلى وجرحى) بالمئات، واعتقال الآلاف من الأبرياء، والاتحاد إذ يدين هذا الاعتداء الغاشم على إخواننا في تركستان وغيرها يطالب الحكومة الصينية بالكفّ فوراً عن هذه الممارسات التي تضرّ بعلاقة الصين التاريخية والتجارية والاقتصادية الحالية بالعالم الإسلامي، ويطالبها بمنح جميع الحقوق المشروعة للمسلمين في الصين، وبهذه المناسبة يطالب الاتحاد حكومات العالم الإسلامي، بأن تقوم بواجبها نحو إخواننا في الصين للضغط على الحكومة الصينية لإيقاف هذه المجازر. كما يطالب منظمات حقوق الإنسان في العالم أجمع بالقيام بواجبها نحو المضطهدين من المسلمين في الصين.
عاشراً: فوجئ الاتحاد بتجدد الحرب بين الحكومة وبين المسلمين في بعض مناطق جنوب الفليبين، مع ما ترتّب عليها من تشريد، وتهجير، ووقوع الضحايا بين المدنيين، بعدما وقّعت الاتفاقية القاضية بمنح الحقوق المشروعة والحكم الذاتي للمسلمين في الجنوب. والاتحاد إذ يندد بتجدد الحرب يطالب الحكومة بتنفيذ جميع اتفاقياتها مع الأقلية الإسلامية حفاظاً على علاقتها بالعالم الإسلامي، وحقناً للدماء.
حادي عشر: تابع الاتحاد موضوع الشيخ محمّد علي المؤيد ورفيقه محمد محسن زايد اللذين تمّ استدراجهما للقبض عليهما في ألمانيا، ثمّ سيقا إلى السجون الأمريكية منذ أكثر من ستّ سنوات، ولم تستطع الحكومة الأمريكية السابقة أن تقدّم أي دليل قانوني ضدّهما، شأنهما في ذلك شأن عدد غير قليل من المسجونين في أمريكا، وغوانتنامو.
ولذلك يطالب الاتحاد الإدارة الجديدة في الولايات المتّحدة بإطلاق سراحهما وغيرهما من المسجونين الذين لم تثبت إدانتهم بأي دليل قانوني معتبر، وبتعويضهم عن الظلم الذي يحيق بهم، كما يطالب منظمات حقوق الإنسان بالسعي الجاد لإطلاق سراحهم جميعاً.
ثاني عشر: يتابع الاتحاد بقلق بالغ ما يجري في اليمن من أحداث ومشكلات. والاتحاد إذ يدعو جميع الإخوة اليمنيين إلى الحكمة اليمانية التي وصفهم بها الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلّم، والجلوس معاً لحلّ جميع المشكلات بالحكمة، يطالب الحكومة اليمنية بضمان شمول العدل والشورى الحقيقية والتنمية لجميع مناطق اليمن، كما يطالب المعارضة بوضع مصالح الأمة والشعب اليمني فوق كلّ اعتبار، والحفاظ على الوحدة مهما كان الثمن قطعاً للطريق على التدخلات الخارجية.
ثالث عشر: يؤكد الاتحاد على ضرورة تحقيق المصالحة بين مكونات الشعب العراقي والابتعاد عن أي نوع من التشنّج والتخندق الطائفي والعرقي، كما يطالب بالانسحاب الكامل للقوات الأجنبية من التراب العراقي ويأمل باستعادة العراق لدوره الإيجابي في قضايا الأمة، ويدعو الدول الشقيقة والصديقة للانفتاح عليه ومؤازرته في ما يمرّ به دون أي تدخّل في شؤونه الداخلية الخاصّة.
رابع عشر: اطّلع المجلس على الأوضاع الحالية في السودان وتبيّن له أن مشكلة دارفور تشكّل عنصر الضغط الذي تمارسه القوى الأجنبية على السودان. ومن ثمّ يناشد الاتحاد الأطراف المختلفة في هذا النـزاع تسريع المفاوضات السلمية لحل هذا الإشكال، وانتهاز فرصة المبادرات المطروحة لوقف إطلاق النار. كما أنّ الاتحاد يرى أن قرار المحكمة الجنائية الدولية ضدّ الرئيس عمر البشير قرار ظالم ومخالف للنظام الأساسي للمحكمة واتفاقية إنشائها.
ويثمّن المجلس، الجهود المبذولة لإجراء انتخابات حرّة ونزيهة تحت مراقبة دولية ويرى في إجرائها خطوة مهمة نحو التداول السلمي للسلطة، وحل سائر المشكلات المتعلقة باستقرار الحكم وتداوله والتوجه للإعمار والتنمية.
خامس عشر: تابع الاتحاد- ولا يزال يتابع- بقلق بالغ الحرب الدائرة في الصومال، ولا سيما ما انتهت إليه الحرب بين بعض الجماعات الإسلامية والحكومة الصومالية وقد كان من المأمول أن يجلس الجميع على مائدة الحوار بروح إسلامية عالية، وأخوّة إيمانية تجمعهم على المبادئ والثوابت، وتكون كافية في حقن الدماء، وتحقيق المصالحة الشاملة سيما بعدما التزمت الحكومة والبرلمان بتطبيق الشريعة الإسلامية.
والاتحاد إذ يندد بهذا القتال الذي لا يستفيد منه إلاّ أعداء الإسلام، يطالب فوراً بوقف هذا الاقتتال والشروع بمصالحة شاملة عادلة.
سادس عشر: يحيّي مجلس الأمناء التزام الجمهورية الإسلامية الإيرانية بنظام الشورى وتداول السلطة، ويدعو الجميع إلى حلّ الاختلافات بالطرق الدستورية بما يحفظ البلاد من التمزّق وكيد الأعداء والمحافظة على لغة الحوار الوطني واحترام الآخر التي عرفت بها الجمهورية الإسلامية. كما يدعو إلى التمسّك بالمكاسب الإسلامية، ويدين كلّ أنماط التهديد وخاصة من الكيان الصهيوني وحلفائه. ويؤيّد الاتحاد كلّ تطوّر علمي في البلاد الإسلامية عامة، كما يؤيّد حقّ الجمهورية الإسلامية في امتلاك الطاقة النووية للأغراض السلمية.
سابع عشر: لاحظ الاتحاد بقلق بالغ تصاعد وتيرة العنصرية والخوف من الإسلام والمسلمين في الغرب، حيث لم يقف الأمر عند الجانب الإعلامي والسياسي، وإنما وصل إلى تسجيل عدة اعتداءات عنصرية ضدّ المسلمين، كان آخرها الجريمة العنصرية التي وقعت على السيدة المصرية مروة الشربيني – رحمها الله- في محكمة ألمانية بطعنها حتى الموت.
والاتحاد إذ يدين هذه الجرائم العنصرية في أي مكان وقعت، يدعو الدول والشعوب الأوروبية والغرب عموماً لاتخاذ جميع الوسائل المتاحة لمنع مثل هذه الجرائم، وعدم إذكاء روح العداء والخوف من الإسلام، لما في ذلك من مخالفة لجميع المبادئ والقيم الدينية والإنسانية، كما أنه يضر بالعلاقات الغربية الإسلامية، وبالاندماج الإيجابي للأقليات المسلمة في الشعوب والدول التي يقيمون بها.
ولا يجد الاتحاد مبرراً لموقف الحكومة الفرنسية من حقّ بعض نساء المسلمين في ارتداء النقاب، فإنّ هذا الموقف يشكّل تعدياً على حريتهنّ الدينية والشخصية ويتناقض مع مبادئ الحرية والعدالة والمساواة التي قامت عليها الدولة الفرنسية.
ثامن عشر: يدعم الاتحاد كافة الجهود التي تسعى لتقديم رؤى إسلامية من أجل مواجهة وحلّ المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي تواجه العالم في شتى أرجائه. وبمناسبة مواكبة دورة المجلس الحالية لانعقاد مؤتمر الإسلام والبيئة وإعلان خطة المسلمين التنفيذية السباعية للتعامل مع التغيرات المناخية في مدينة استانبول التركية الذي شارك فيه رئيس الاتحاد وعدد من أعضاء مجلس أمنائه، فإنّ الاتحاد يؤكّد مجدداً على أنّ الإسلام بمصادره وأصوله وأحكام شريعته قد قدّم ما يكفي ويشفي ويغني بشأن هذه المشكلة وغيرها من المشكلات التي تواجهها الإنسانية. ويدعو الاتحاد إلى التعاون من أجل العمل على تنفيذ هذه الخطة التي تؤكّد على دور المسلمين الفاعل أمام التحديات التي تواجه كوكب الأرض.
تاسع عشر: بحث الاتحاد في موضوع السفر لأداء مناسك الحج أو العمرة في هذا العام في ضوء ما حدث أخيراً من انتشار ما أصبح يعرف بانفلونزا الخنازير (H1N1) في الكثير من بلدان العالم، ورفع درجة التحذير من الوباء إلى الدرجة السادسة، وقد قام المجلس بالاتصال بالمسؤولين في منظمة الصحة العالمية فأفادوا أن هذه الدرجات المشار إليها هي درجات للانتشار الجغرافي، ولا علاقة لها على الإطلاق بدرجة الخطورة، وقد أُعلنت الدرجة السادسة لأن عدة حالات من المرض قد ظهرت في جميع قارات العالم، وقد أوضحت المديرة العامة للمنظمة - وهي المفوضة الوحيدة من قبل دول العالم بتطبيق وتفسير اللوائح الصحية الدولية – أن شدة المرض معتدلة، ولا تزيد عن شدة الأنفلونزا الموسمية المعهودة.
وبناء على ما تقدم، لا يرى المجلس مسوغاً لتثبيط همم من يعقد العزم على أداء الحج أو العمرة هذا العام.
على أنه من الضروري على كل حال اتخاذ التدابير الواقية من هذا المرض ومن غيره من الأوبئة ويتّفق المجلس مع ما ورد في فتوى المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث في دورته التاسعة عشرة من الناحيتين الطبية والفقهية.
عشرون: يؤكّد الاتحاد تضامنه مع الشعب الكشميري المسلم ويطالب المجتمع الدولي بتنفيذ القرارات الدولية الصادرة من الأمم المتحدة ويدعو حكومات العالم الإسلامي وشعوبه إلى التمسّك بالموقف الثابت تجاه القضية الكشميرية الذي أكّدت عليه عدّة مؤتمرات لدول العالم الإسلامي. كما يدعو الاتحاد الحكومة الهندية إلى إطلاق سراح الأسرى الكشميريين.
واحد وعشرون: يدعو الاتحاد جميع المنظمات الخيرية في العالم أجمع وفي العالم الإسلامي بصورة خاصة إلى القيام بواجبها نحو المهجرين والمشردين بسبب الحروب والكوارث ولا سيما في باكستان، والصومال، ودارفور، والفليبين.
اثنان وعشرون: إدراكاً من الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين لضرورة بيان قدرة الإسلام ونظمه في المجالات كافة على حلّ مشكلات العالم وتوفير السعادة والرخاء لسكانه جميعاً، وبمناسبة الأزمة الاقتصادية العالمية التي يعاني العالم منها نتيجة الظلم الرأسمالي واستغلال الضعفاء والفقراء فقد قرّر الاتحاد إلى الدعوة لمؤتمر اقتصادي عالمي يشارك فيه علماء في الاقتصاد والاجتماع والسياسة والفقه الإسلامي لتدارس ما يقدّمه الإسلام من حلول ناجعة للأزمة الاقتصادية والمالية الحالية ومن وسائل لمنع تكرارها مستقبلاً. وسوف يحدد موعد هذا المؤتمر وتوجه الدعوة إليه في خلال ثلاثة أشهر من الآن إن شاء الله.
ثلاث وعشرون: يثمّن المجلس ثقة العلماء وروابطهم وجمعياتهم وسائر المسلمين بمرجعية الاتحاد في تبني قضاياهم العادلة، ولتحقيق ذلك فقد تمّت الموافقة على فتح فروع للاتحاد في روسيا الاتحادية وتركيا وقطر. وبهذه المناسبة يقدّم الاتحاد شكره للمسؤولين في هذه الأقطار ولجميع من ساهم في تسهيل ذلك.
((((((((
ويشكر الاتحاد الحكومة التركية والجمعيات الأهلية التي تعاونت مع الاتحاد ولجنته التحضيرية لتيسير عقد هذا الاجتماع في استانبول.
وختاماً يؤكّد الاتحاد على موقفه الرافض للغلو والعنف والإرهاب ويدعو إلى حلّ جميع الخلافات بالحكمة والموعظة الحسنة، كما يدعو أبناء الأمّة إلى الاستمساك بالعروة الوثقى، والاعتصام بحبل الله، والعودة إلى حقيقة الإسلام، والانتصار على أسباب الضعف والوهن والتخاذل، فإنّه لا يصلح أمر آخر هذه الأمّة إلاّ بما صلح به أوّلها.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
رئيس الاتحاد الأمين العام
أ.د يوسف القرضاوي أ.د محمد سليم العوا