في افتتاح ملتقى حماية الأسرة.. بثينة عبدالغني: وثيقة "حماية المرأة" تتعارض مع تعاليم الإسلام
الأحد, مايو 12, 2013
الملتقى يهدف للتعبير عن رفض الشعوب العربية والإسلامية للوثيقة
د.القره داغي: الأسرة تتعرض لهجمة شرسة لإضعافها وتجريدها من قيمها
د.فاطمة نصيف: نهدف لتكوين مرجعية تشريعية لقوانين الأسرة في العالم الإسلامي
نظمت اللجنة العالمية لشؤون الأسرة بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين صباح أمس الملتقى التأسيسي الأول لحماية الأسرة بمشاركة عدد من رئيسات وأعضاء المنظمات واللجان والمنتديات النسائية من داخل وخارج قطر.
وجاء الملتقى لمواجهة التجاوزات والانتهاكات المتتالية للعقائد والتعاليم السماوية والأعراف والتقاليد الخاصة بالشعوب العربية والإسلامية، والتي كان آخرها وأكثرها الوثائق التي تصدرها الأمم المتحدة وخصوصا تلك الوثيقة المسماة بوثيقة "العنف ضد المرأة" وإحلال مفهوم الشراكة بين الزوجين بدل قوامة الرجل على المرأة والدعوة إلى المساواة التامة بين المرأة والرجل، وإلغاء تعدد الزوجات وسحب سلطة التطليق من يد الزوج وجعلها من اختصاص القضاء فقط.
كما دعت الوثيقة إلى منح الفتاة كافة الحرية لممارسة الجنس مع الرجال أو مع النساء وتقنين ذلك ومساواة المومسات بالزوجات، والأبناء غير الشرعيين بالأبناء الشرعيين.
وذكرت اللجنة أن كل هذه الأمور دعت إلى عقد هذا الملتقى للتعبير عن رفض الشعوب العربية والإسلامية لهذه الوثائق بطريقة منهجية شرعية منظمة وفاعلة.
ويعد هذا الملتقى هو الأول الذي تلتقي فيه المنظمات النسائية والحقوقية من أنحاء العالم الإسلامي لاستعراض وطرح تلك الوثائق ودراستها بطرق علمية وموضوعية للوصول إلى قرارات وتوصيات مؤثرة على تلك الوثائق.
وألقت رئيس اللجنة العليا المنظمة للملتقى الأستاذة بثينة عبد الله عبد الغني آل عبد الغني، المدير التنفيذي للجنة العالمية لشؤون الأسرة، كلمة أشارت فيها إلى أن رئاسة اللجنة وجهت بضرورة عقد لقاء طارئ يضم منظمات عربية وإسلامية وذلك على إثر انعقاد مؤتمر لجنة مركز المرأة بالأمم المتحدة وصدور وثيقة "منع كافة أشكال العنف والتمييز ضد النساء والفتيات".
وقالت: يأتي عقد الملتقى عقب مؤتمرات متعددة نظمتها هيئة الأمم المتحدة، وصدرت عنها عدة اتفاقيات ووثائق أممية خاصة بالمرأة والطفل مثل اتفاقية سيداو، وثيقة بكين، وثيقة القاهرة للسكان، واتفاقية حقوق الطفل وغيرها.. وحيث إن الكثير من تلك الوثائق التي عُمِّمَت على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، ومن بينها الدول الإسلامية، تحمل فكرًا وثقافة تغريبية تتعارض بشكل صريح مع الدين الإسلامي وسائر الأديان السماوية، فضلا عن انتهاك تلك الوثائق للحقوق الحقيقية والفعلية التي اختصت بها الشريعة الإسلامية المرأة، والقيم الأصيلة التي حصنت بها الأسرة.
مشددة على أن الوضع الآن أضحى ملحًا للشعوب المسلمة التي تؤمن بقيمها ومنهجيات دينها الحنيف (الكتاب والسنة) أن تقف موقفًا إيجابياً فاعلاً ومؤثراً تجاه المد الغريب الذي يهدد الأسرة في العالم أجمع.
وأشارت إلى أن الاجتماع الأخير للجنة مركز المرأة بالأمم المتحدة تم في شهر مارس المنصرم 2013 بنيويورك حيث حضرته الوفود العربية والمسلمة وغيرها من دول العالم، والذي كان محددًا بعنوان (منع كافة أشكال العنف والتمييز ضد النساء والفتيات).
وأوضحت أن الوثيقة الصادرة عن ذلك الاجتماع تضمنت العديد من البنود التي لا تتوافق مع الشريعة الإسلامية وقيمها، مما دعا الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إلى إصدار بيانٍ يرد فيه ويتحفظ على ما اشتملت عليه الوثيقة من المطالب المتعارضة مع الشريعة.
وأضافت: مع تلك الضغوط التي تمليها الأمم المتحدة على الدول الأعضاء للالتزام بما تنص عليه الاتفاقيات الدولية، وهو ما يعد تأكيداً على مدى قوة الضغط الذي تمارسه الأمم المتحدة على شعوب العالم، فإننا كشعوب مسلمة نؤكد أننا لن نتوارى وراء جدار الصمت القاتل، وفي ظل تلك التحديات نؤكد أننا نمتلك شرائع وقوانين تحكم منهجية بناء الأسرة، وتحفظ للمرأة كرامتها وحقوقها، وندرك أن الإسلام لم يترك أمور الأسرة هملاً دون أن يضع لها موازين وضوابط تحكمها وتحميها من التقلبات التي تعترضها، خاصة أننا نلحظ أن الأسرة باتت مستهدفة من أعداء الدين، باستخدام جميع القوى التي يمكن أن تستأصل دورها وتشتت شملها، وحيث إن هذا الأمر بلغ من الخطورة ما بلغ فقد دعت اللجنة العالمية لشؤون الأسرة إلى تنظيم الملتقى العالمي لحماية الأسرة كأول بادرة للمنظمات واللجان النسائية للتعبير عن رفض شعوب الدول العربية والإسلامية لهذه الوثائق، بطريقة منهجية شرعية منظمة وفاعلة.
وقالت في ختام كلمتها: هؤلاء القوم يعملون على تنفيذ خططهم ليل نهار، ولا يأبهون بالزمن ولا الوقت (بمعنى أصح لهم نفس طويل) وبشكل خفي حتى إذا ما وجدوا أنهم قد تمكنوا وجهوا العالم حيث شاءوا، وعليه فنحن كمسلمين يجب علينا أن نعمل بتلك الآلية التي مكنتهم من السيطرة والتأثير على العالم (التخطيط الخفي والبطئ)، حيث إن ما جاء باستعجال وانفعال دون قراءة واقعية وسخرت له أدوات عملية مؤثرة تتطاير مع الريح وغدا كأن شيئًا لم يكن.
من جهتها أكدت الدكتورة فاطمة عمر نصيف رئيسة اللجنة العالمية لشؤون الأسرة أن أهداف الملتقى تتمحور في رصد التجاوزات والاختراقات المختلفة (الدينية، الأخلاقية، الاجتماعية، الصحية، والحقوقية) في وثيقة القضاء على جميع أشكال العنف ضد المرأة ومنعها، وطرح الرؤى الإسلامية لهذه القضايا على المستويات الحكومية لتكون مرجعية تشريعية لقوانين الأسرة والمرأة والطفل في العالم الإسلامي، إلى جانب الخروج بأجندة خاصة بمشاكل المرأة المسلمة ومعالجتها بطريقة موضوعية علمية شرعية قضائية حتى تشعر بالأمان وتتمكن من العيش بحياة إسلامية حقيقية تحمي بها نفسها وأسرتها، فلا تغتر بتلك الشعارات الزائفة ولا تنساق وراءها.
وأضافت: إن لجنة مركز المرأة للأمم المتحدة (CSW) تعقد سنويًا مؤتمرًا للمرأة في نيويورك لتتابع تطبيق الاتفاقيات الدولية الخاصة بالمرأة (اتفاقية سيداو ووثيقة بكين) بغرض التأكيد على التزام الحكومات بالتطبيق الكامل والفوري لتلك الوثائق، وتلك الوثائق لا تحترم التنوع الديني والثقافي لشعوب الأرض وتعمل على فرض نمط ثقافي واحد عليها، وهذا النمط يحتوي على كثير من المخالفات الشرعية، ولتمريرها تمارس الأمم المتحدة ضغوطًا اقتصادية وضغوطًا سياسية، حتى أنهم بدأوا يتدخلون في الحياة الأسرية وفي العلاقات الخصوصية للأسرة.
وقالت: لبيان خطورة الوثيقة الجديدة التي طرحت في 4 مارس 2013م علينا أن نقرأ بنود هذه الوثيقة ونتأمل ما جاء فيها حتى نكون على علم بما يُكاد لنا، وسوف نكتشف أن هذه البنود يتضح فيها الكيد المتعمد للشريعة الإسلامية وإلا لماذا تشير الوثيقة إلى أحكام لا وجود لها في الشرائع الأخرى شرقها وغربها إلا في الشريعة الإسلامية كالقوامة والتعدد والعدة وأحكام الأسرة والعفة أرجو في هذا الملتقى أن يكون لنا دور وموقف فاعل تجاه كل ذلك.. كما أرجو أن نتعاون ونتشاور لنخرج منه بأعمال جادة وفاعلة ومشاريع بناءة لتفعيل توصيات المؤتمر ولننقذ مجتمعاتنا ونحمي أسرنا من هذه المكائد وهذا الشر العظيم.
ومن جانبه، قال الأستاذ الدكتور علي القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي للمسلمين إن القرآن الكريم جعل إدارة البيت توافقية، فليس لصوت الزوج (الذي له القوامة أي الإدارة) ميزة عن صوت الزوجة بنص القرآن الكريم حيث استعمل مشاركة باب التفاعل التي تدل على التساوي التام بين الطرفين فقال تعالى (فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا) حيث اشترط تراضي الطرفين وتشاورهما دون إجازة أن ينفرد أحدهما بالرأي.
وأمام هذه الأهمية القصوى تتعرض الأسرة كلها لهجمة شرسة لإضعافها ولتجريدها من قيمها الروحية والدينية، ومع الأسف الشديد تحدث بعض هذه المحاولات من المنظمة الدولية المنوط بها الأمن والسلم العالميين، حيث خرجت وثيقة تحت اسم (وثيقة العنف ضد المرأة - سيداو 57) تضمن مجموعة من المفاهيم الغريبة، بل المتعارضة مع جميع القيم الدينية، منها مساواة المومس بالزوجة، والأولاد غير الشرعيين بالأولاد الشرعيين، ومنها منح الفتاة كامل الحرية لممارسة الجنس مع الرجل أو مع الأنثى، وتقنين ذلك.
وتابع: أمام هذه التحديات قام الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بإصدار بيان أوضح فيه موقف الإسلام مما جاء في هذه الوثيقة، ولكن الأمر أكبر من بيان ولذلك قامت لجنة الأسرة والمرأة التابعة للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين برئاسة د. فاطمة نصيف ومديرها التنفيذي أ.بثينة عبد الله آل عبد الغني بترتيب الملتقى العالمي لحماية الأسرة، ونحن متفائلون من أن هذا الملتقى سيخرج بإعلان إسلامي يتضمن الرد العلمي والقانوني والشرعي على البنود المخالفة، وببديل كامل ليعتمد من مجلس الأمناء، ثم يوزع على العالم بخاصة العالم الإسلامي حكوماته ومؤسسات المجتمع المدني.
وبدورها، شرحت المهندسة كاميليا حلمي رئيس اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل أهم التجاوزات الواردة في وثيقة القضاء على كافة أشكال العنف ضد النساء والفتيات ومنعها.
وتناول المحور الأول في الجلسة التي رأستها الأستاذة مريم المالكي مدير عام المؤسسة القطرية لمكافحة الاتجار بالبشر الجانب الديني والأخلاقي والصحي، حيث تحدثت الأستاذة الدكتورة سناء الثقفي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين عن الجانب الديني والأخلاقي، والأستاذة خديجة بادحدح أستاذ مشارك في جامعة الملك عبد العزيز عن الجانب الديني الأخلاقي والأستاذة ميمونة عبد التواب محاضر بجامعة أم القرى عن الحريات الجنسية وعواقبها وعلاجها.. فيما تناولت الدكتورة فاطمة شعبان أستاذ محاضر في الجامعة اللبنانية موضوع: "الجنس الآمن.. وسيلة وقاية أم تشجيع للفساد وتعمية عن المخاطر"، وتحدث الدكتور عزالدين معميش المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة الإيسيسكو عن الجذور الفكرية للانتهاكات والتجاوزات الدينية للمواثيق الدولية في بعض شؤون المرأاة وآفاق الحوار العالمي فيها.
أما المحور الثاني فقد رأست الجلسة فيه الدكتورة عائشة باحجار رئيسة المنتدى الإسلامي العالمي للأسرة والمرأة، وتناول الجانب الحقوقي والقانوني، حيث قدمت الأستاذة سيدة محمود رئيس قسم البحوث في اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل قراءة تحليلية لمضمون الوثائق الدولية، وتعرضت الدكتور أسماء القرشي عميد كلية البنات في جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية الجانب الحقوقي والقانوني.. وتحدثت الدكتور خديجة الكشك مسؤولة وحدة الدراسات والبحوث باللجنة العالمية لشؤون الأسرة عن الجانب الحقوقي والقانوني أيضا وكذلك الدكتورة بثينة قروري رئيس شبكة منتدى الزهراء للمرأة المغربية.
في تصريحات على هامش الملتقى.. مريم المالكي:
أكدت الأستاذة مريم المالكي، مدير عام المؤسسة القطرية لمكافحة الاتجار بالبشر، على هامش الملتقى العالمي لحماية الأسرة أنه تمت مناقشة الجوانب الدينية والأخلاقية والاجتماعية والصحية وخطورة هذه الوثيقة (مكافحة العنف ضد المرأة) وخطورة توجيه الخطاب الديني، معربة عن أملها في الخروج بتوصيات ومقترحات لرفعها للجهات المعنية.
وقالت: لابد أن يكون للمسلمين وللنساء المسلمات دور في حماية فكر النشء وغرس القيم الدينية التي تحافظ عليه وتحميه من الفساد.
وأشارت إلى أن دولة قطر صادقت على اتفاقية "سيداو" وقدمت تقريرا وطنيا معنيا بحماية المرأة من العنف ولكن هناك بعض التحفظات من الدولة على هذه الوثيقة..مضيفة "ودورنا أن نوضح هذه التحفظات خاصة فيما يتعلق بالجوانب التي تخالف الشريعة الإسلامية والأسس التي يقوم عليها المجتمع الإسلامي في قطر".
وأوضحت أنه تمت بعض النقاشات حول الممارسات اللاأخلاقية، مثل الانحرافات الجنسية والشذوذ والمساواة في الميراث، وهذه من الأمور التي تحفظت عليها دولة قطر في الاتفاقية.
وتابعت: خلال الملتقى سنخرج بتوصية توضح للعالم وللمجتمع الدولي القيمة التي يتحلى بها الإسلام وركائز الشريعة الإسلامية التي جاءت متوافقة مع المنطق والطبيعة الإنسانية طبيعة المرأة والرجل بما يحفظ المساواة في الحقوق والواجبات التي تخص طبيعة كل امرأة ورجل وبما لا يتعارض مع هذه الطبيعة الفطرية.
مؤكدة أن الهدف في كل اتفاقية وإجراءات قانونية وتشريعية هو الحفاظ على الكيان الأسري والحفاظ على هوية المرأة والرجل حيث كلاهما يكمل الآخر في هذه الأدوار الاجتماعية مؤكدة وجود التزامات دولية وقطر جزء من المنظومة العالمية الدولية مشيرة إلى أن الملتقى هو لمناقشة وجهات نظر بدون أي عداوة مع أحد وهناك التزامات ومواثيق دولية نحترمها وتشريعات بما لا يتعارض مع قيمنا الإسلامية التي نادت بها الشريعة الإسلامية.
ومن جهتها قالت الأستاذة شيخة راشد المفتاح لـ الراية إن الملتقى مهم جدا وكل أوراق العمل التي طرحت مهمة وتبين مدى خطورة بعض القرارات على المرأة المسلمة وعلى الأسرة ككل، معبرة عن أملها في أن يخرج الملتقى بتوصيات يتم تفعيلها على أرض الواقع ولا تبقى حبرا على ورق، فالمرأة في الإسلام لها مكانة عالية وكذلك في الديانات الأخرى.
المصدر: جريدة الراية القطرية
تاريخ النشر: الأحد 12/5/2013