البحث

التفاصيل

ما يحتاجه الصائم من الأحكام الفقهية

الرابط المختصر :

ما يحتاجه الصائم من الأحكام الفقهية

الشيخ . عصام تليمة

شهر رمضان فرض الله علينا صيامه، وهناك أسئلة متكررة من الناس في هذا الشهر الكريم، وللأسف يغلب على عدد من المشايخ التشدد في الفتوى للناس، رغم أن القرآن الكريم عند حديثه عن الصوم قال: (يريد الله بكم اليسر، ولا يريد بكم العسر) البقرة: 185.

وعندما جاء رسول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هلكت. قال: “‌وما ‌أهلكك؟” قال: وقعت على امرأتي في رمضان. فقال: “أتجد رقبة؟” قال: لا. قال: “تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟” قال: لا. قال: “تستطيع تطعم ستين مسكينا؟ ” قال: لا. قال: “اجلس” فأتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر – والعرق: المكتل الضخم – قال: “تصدق بهذا” قال: على أفقر منا؟ ما بين لابتيها أفقر منا، قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: “أطعمه أهلك”.

فلو أن هذا السائل سأل أحد مشايخ اليوم لأفتاه بالقضاء والكفارة، ولعنفه، لكن الرجل جاء للنبي صلى الله عليه وسلم مرتكبا لخطأ، وعاد من عنده ومعه طعام لأبنائه. وسوف نعرض هنا ما يحتاجه المسلم الصائم من الأحكام الفقهية، اختصارا، دون ذكر خلافات الفقهاء، وأدلة كل منهم، ومن أراد الاستزادة فليرجع للمراجع والمصادر الفقهية.

على من يجب الصوم؟

يجب الصوم على كل مسلم، بالغ، عاقل، مقيم، صحيح، وأن يكون خاليا من الحيض والنفاس بالنسبة للمرأة. فيجب على المسلم، وهذا معناه ألا يفرض الصوم على المواطنين غير المسلمين، بدعوى تطبيق الشريعة، فالصوم مطلوب من المسلم فقط. ويجب على البالغ، فخرج بذلك غير البالغ، كالأطفال، ويمكن تدريبهم على الصوم بلا تعنت معهم.

سقوط الصوم عمن أصابته غيبوبة:

أما شرط العقل، فمقصود به، أن يكون الصائم عاقلا، فخرج بذلك المجنون، وكذلك من أصابته غيبوبة أو إغماء لعدة أيام، وكذلك من دخل في غيبوبة طويلة، يسقط عنه الصوم ولا قضاء عليه.

السفر الذي يبيح الفطر:

ويشترط في الصائم أن يكون مقيما لا مسافرا، لقوله تعالى: (فمن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر) البقرة: 184، أما السفر الذي يبيح للصائم الفطر، فهو كل ما يطلق عليه السفر، ولا عبرة هنا بالتعب والمشقة فيه أم الراحة، بل العبرة بأنه سفر، فالرخصة ربطها الله عز وجل بالسفر.

المرض الذي يبيح الفطر:

أما المرض الذي يبيح الفطر للإنسان الصائم، فهو كل مرض يزداد بالصوم، أو يتأخر الشفاء به، مهما كان نوع المرض والألم منه، حتى ورد عن بعض السلف الفطر من الصداع، وألم الضرس، وضباط ذلك: ما يحكم به الطبيب بأنه مرض يحتاج للفطر، أو يقدر الإنسان المريض نفسه ذلك.

صوم الجنب والحائض والنفساء:

ويشترط في المرأة حتى تصوم ألا تكون حائضا أو نفساء، وتقضي ما أفطرته بعد ذلك، أما الجنابة في ليل رمضان، وأصبح الجنب صائما، فصيامه صحيح، فالطهارة من الجنابة ليست شرطا في صحة الصوم، فقد كان صلى الله عليه وسلم يصبح جنبا وهو صائم.

ما يفطر الصائم:

لقد تحدث القرآن الكريم عن الصيام وأحكامه وربطها بالتيسير فيها، كما ذكرنا، ولذا من المؤسف أن كثيرا من كتبنا الفقهية التراثية قد توسعت في المفطرات، بينما الصواب هو التضييق فيها، فلا نفتي بفطر إنسان، إلا ما ثبت أنه يفطر به، من قرآن أو سنة، وهو ما دعا إليه فقهاء كبار ومارسوه، كالبخاري، وابن تيمية، وابن حزم، وغيرهم من الأئمة.

ما أجمع عليه الفقهاء بأنه يفطر ودعمته النصوص، هو: الأكل، والشرب، والجماع، كل ذلك عن عمد، فمن فعل ذلك ناسيا فصومه صحيح، لقوله صلى الله عليه وسلم: “فإنما أطعمه الله وسقاه”، ولقوله صلى الله عليه وسلم: “رفع عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه”.

كفارة الفطر في رمضان:

من أفطر في رمضان عامدا، سواء أكل أو شرب، فعليه قضاء يوم مكانه، أما من جامع في نهار رمضان، فعليه قضاء وكفارة، يقضي اليوم الذي أفطره، ويكفر إما بصيام ستين يوما، أو إطعام ستين مسكينا، وهناك خلاف بين الفقهاء هل يكفر الرجل والمرأة أم الرجل فقط؟ أما الرجل فيقضي يوما ويكفر الكفارة، والمرأة تقضي اليوم فقط، ولا كفارة عليها.

ما لا يفطر الصائم:

كل ما ذكرناه من المفطرات، تفطر الصائم، وما عدا ذلك فهو داخل في دائرة ما لا يفطر، فكل ما يدخل في الفم للأكل والشرب فقط يفطر، أما ما دخل من غير الفم فلا يفطر على الراجح من الأقوال، مثل: العطور، وما في حكمها من الروائح الزكية أو غير الزكية، وأي علاج للرأس، أو قطرة العين، أو الأذن، أو الأنف مما يستعمله الصائم من باب العلاج.

الحقن والقيء عمدا أو غير عمد غير مفطر:

وكل أنواع الحقن، كذلك لا تفطر، حتى الحقنة الشرجية، لأن وظيفتها إخراج ما في الجسد، وليست إدخال شيء للجسد، أو المعدة،

وكل ما يخرج من الجسد لا يفطر، سواء كان دما، أو قيئا، سواء عمدا أو غير عمد، فالدم ليس مفطر، فلو تبرع إنسان بدمه، فلا يفطر، وكذلك القيء لا يفطر، سواء كان عامدا أم غير عامد، على أرجح الأقوال.

نية الصوم:

يشترط لصحة الصوم النية، بأن ينوي الإنسان الصوم، واختلف الفقهاء في كيفيتها، فمنهم من اشترطها لكل يوم، ومنهم من اشترطها مرة لكل الشهر، والحقيقة أن صوم الإنسان في حد ذاته هو نية، ولا يحتاج الإنسان للوسوسة فيها، فما الذي يمنعك من تناول الطعام؟ إنه الصوم، هذه نية، وتكفي.





التالي
أسرار الصيام للإمام أبو حامد الغزالي
السابق
أحداث تاريخية رمضانية "موقعة عين جالوت.. وإنهاء الخطر المغولي"

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع