البحث

التفاصيل

غُلوُّ عَبَدة البقر في الهجوم على سيد البشر (مقال)

الرابط المختصر :

غُلوُّ عَبَدة البقر في الهجوم على سيد البشر (مقال)

بقلم: أ.د. عبد الرزاق قسوم – عضو الاتحاد

 

عجبت للجرأة الناجمة عن الغلو والتطرف التي اتسمت بها طائفة الهندوس، هذه الأيام، في التعامل مع المسلمين، ومع نبي الإسلام بالذات. فبعد عملية السحل العلني، والقتل الهمجي، الذي مارسه الهندوس، ضدّ المسلمين، دون وازع ولا رادع، ها هي هذه الطائفة المنبوذة، تعود ليمتد بغضها وأذاها إلى سيد البشر، النبي محمد الأبر.

وعجبت للصمت المطبق الذي يلف دوائر العالم الإسلامي، على جميع الأصعدة، إزاء ما يحدث من عبّاد البقرة، ضد قراء البقرة.

إنّ الصور التي تظهرها وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، عن السلوك الشاذ للهندوس، في قمعهم للمحجبات، ونيلهم من المصلّيات، واعتدائهم بالضرب والسحل والقتل على الأقليات قد فاق كلّ التوقعات.

ولو أنِّي بُلِيتُ بهاشميٍّ ** خُؤولتُهُ بنو عبدِ المَدانِ

لهانَ عليَّ ما ألقى ولكنْ ** تعالوا فانظروا بمن ابْتَلانِي

اللهم لا شماتة بأي مذهب! ولا انتقاص من أي معتقد، ولكن اللافت للأمر، أن الهندوسي الذي كان يقدم نفسه للعالم، على أنه الزاهد، العابد، والمسالم الحالم، هو نفسه الذي ينزع عنه رداء اللاعنف، ويأتي كلّ أنواع العنف، والغلو، والتطرف.

فما سرّ هذا التصرف في سلوك الهندوس؟

إن ما نعرفه، عن أصل المعتقد الهندوسي، هو أن البقرة التي يعبدها، هي من أكثر الحيوانات مسالمة، وحتى خوارها، لا يكاد يسمع إلا قليلاعكس باقي الحيوانات، كالبغال، والحمير، والتيوس وغيرها.

هل هو انتقام من المسلم الذي يذبح البقرة ويأكلها، ولا يرعى فيها إلاًّ ولا ذمة؟

معاذ الله، فكلّ الأجناس تأكل البقر وتعتبره من ألذّ اللحوم غذاء، فما لعبادّ البقرة، لا ينقمون إلا على المسلمين، ولا ينتقمون إلا منهم؟

وبالمقابل، لماذا لا يسخَر المسلمون من هذه العبادة، ولا يتهمون أهلها بالسذاجة؟

أن المسلمين قد أدبهم الإسلام فأحسن تأديبهم، وهو الذي لقنهم قاعدة «لا إكراه في الدين» وقاعدة «لكم دينكم ولي دين».

إنّ ما راعنا، هو أن الهندوسيين، وعلى جميع المستويات، بدءا بالمواطن العادي، ووصولا إلى المسؤول السياسي، يجد من نفسه الجرأة على السخرية بالدين الإسلامي، وبرموزه بدءا بنبي الإسلام محمد عليه الصلاة والسلام.

وماذا يجدون في الإسلام من ثلب وسلب، لو كانوا يعقلون؟ ألا ساء ما يفعلون!

لقد صُدم العالم الإسلامي، بما خرج به على الناس مسؤولون سياسيون في الحزب الهندي الحاكم، من تصريحات خادشة وماسة برموز الإسلام، وهو ما أدى بدولتي أندونيسيا وماليزيا، إلى استدعاء سفيري الهند، لديهما، وإبلاغهما امتعاض المسلمين، مما أدلى به المتحدث باسم الحزب الوطني الهندي الحاكم «بهاراتيا جاناتا» الذي انتقد في تصريحاته علاقة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم مع زوجته عائشة.

وإن تعجب فأعجب لصمت الدوائر السياسية، وحتى الأكاديمية، في العديد من الدول الإسلامية، التي ينص دستورها على أن الإسلام هو دين الدولة.

إن ما أقدم عليه الهندوس في أيامنا هذه، من سخرية بنبي الإسلام، بعد حملة الهجمات على المصلين، والركّع الساجدين من المسلمين، والتنكيل بالمواطنين العاديين، إنما ينم عن تخلف في العقول، وانحطاط في الأخلاق والسلوك.

فقد كنا نظن {وبعض الظن ليس بإثم} إنّ ممارسة الإسلاموفوبيا، ومحاولة النيل من الإسلام وتشويه صورته، هو من عمل الإنسان الغربي، لما يحمله من ضغينة وأحقاد ضدّ المجتمع الإسلامي الذي خرج من ديار الإسلام مذموما مدحورا. لكن ها هم أولاء الهنود والذين ليس لهم صدام حضاري مع المسلمين عبر التاريخ، ها هم أيضا يخرجون على الناس بهذه المشاعر الإسلاموفوبية الصادمة.

ويحدث هذا في عصر العلم والتكنولوجيا والذي هو عصر الانفتاح، والسماح، وتعايش مختلف الطوائف، حتى الأشباح. فهل فشل العلم، وأخفقت التكنولوجيا في إعادة صياغة بعض العقول، وخاصة التي ران عليها التعبّد بالبقر والعجول؟

اللهم إننا نبرأ إليك مما في الهند من مقولة، مرذولة في العقل، وغير مقبولة.

ونهيب بكافة المسلمين، في كلّ بقاع العالم، أن يتصدوا، بالتي هي أحسن، لحملات الهندوس، بالتنديد والتهديد، حماية للإنسان في شتى مظاهره، وللإنسانية في أعلى وأغلى وأبهى معانيها.

لقد انتهى عصر حروب الديانات، وانتهى إلى غير رجعة زمن العصبيات، والطائفيات والمذهبيات، وأصبح الكفر مستحيلا كما تُؤكّد ذلك مختلف المناهج العلمية والعالمية.

﴿فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُر﴾ [سورة الكهف، الآية 29].

لكن أن يتسلل تحت هذا الغطاء التسامحي بعض الذين في قلوبهم مرض، ممن لا يزالون يعانون من جائحة التطرف العلماني، أو الغلو الإيماني فيستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير، فذلك ما لم يعد يتسع له العقل الواعي، ولا المثقف الساعي، وعلى أية حال ستدور الدائرة على المتزمتين، السذج المنغلقين، ولاة حين مناص.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* د. عبدالرزاق قسوم: عضو مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ورئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين





التالي
الإساءة للرسول الكريم.. الهند: والدة طفل مسلم قتلته الشرطة "يجب معاقبة قاتل ابني.. والإسلام سيبقى عظيما للأبد"
السابق
قضى 7 أعوام في سجون الاحتلال.. وفد مقدسي برئاسة خطيب الأقصى يزور الأسير المحرر معاوية علقم

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع