سريلانكا.. الأزمة الاقتصادية والسياسية توحد الشعب السريلانكي وتخفف حدة "الإسلاموفوبيا"
- الأزمة الاقتصادية والسياسية خلقت نوعا من الوحدة بين طوائف الشعب السريلانكي.
- تراجعت حدة الممارسات المعادية للمسلمين ولو مؤقتا، وفق خبراء.
- برلماني: الأزمة تسببت في وحدة الشعب بغض النظر عن الخلفيات الدينية.
- محامي: نحن أبناء أمة واحدة ونواجه أزمة، الجميع يبحر في نفس القارب.
الأزمة الاقتصادية والسياسية خلقت نوعا من الوحدة بين طوائف الشعب السريلانكي، كما تراجعت حدة الممارسات المعادية للمسلمين ولو مؤقتا، وفق خبراء.
خلص خبراء إلى أن الأزمة الاقتصادية في سريلانكا وعدم الاستقرار السياسي الناجم عنها، شكل عاملا هاما في تخفيف حدة التصدع الديني ومشاعر "الإسلاموفوبيا" ضد المسلمين.
وظلت ظاهرة "الإسلاموفوبيا" (الخوف من الإسلام) لفترة طويلة، أداة لاستهداف المسلمين في سريلانكا منذ نهاية الحرب الأهلية عام 2009، ومن ثم التفجيرات الإرهابية في 2019.
وشهدت سريلانكا، في أبريل/نيسان 2019، مجموعة من التفجيرات تزامنا مع عيد الفصح، استهدفت ثلاث كنائس مسيحية وخمسة فنادق في عدة مدن، بما فيها العاصمة كولمبو.
وتسببت التفجيرات في مقتل ما لا يقل عن 259 شخصا، إضافة إلى إصابة أكثر من 500 آخرين.
وعلى مدار السنوات الماضية، أصبح المسلمون الذين يشكلون 9.7 بالمئة من إجمالي عدد السكان البالغ عددهم 21 مليون نسمة، أهدافًا للجماعات البوذية السنهالية المتشددة.
** وحدة الشعب
وفي حديث للأناضول، قال النائب البرلماني حافظ نظير أحمد، عن حزب "مؤتمر مسلمي سريلانكا"، إنه رغم تأثير الأزمة الجارية في سريلانكا على كافة المواطنين "إلا أنها تسببت في وحدة الشعب بغض النظر عن الخلفيات الدينية".
وأضاف المتحدث، أن السريلانكيين "باتوا يدركون المغالطات السياسية والمجتمعية التي تسببت في توليد شعور معاد للمسلمين".
وأردف: "أدرك الشباب بالتحديد أنه لا بد من حشد الجهود من أجل التمتع بسريلانكا موحدة، لا تقوم على التفرقة المجتمعية والطائفية".
من جهته، أوضح مفاز إسحاق، صاحب شركة لتكنولوجيا المعلومات، أن جميع السريلانكيين حاليا "يكافحون ضد المشكلات الاقتصادية، ما نتج عنه توحيد لجميع فئات المجتمع وطوائفه".
وتابع للأناضول: "أثرت أزمة الوقود والغاز علينا جميعًا، لكنها جمعتنا معا لإحداث التغيير وحتى لا تتكرر سوء الإدارة الاقتصادية للبلاد".
ومع ذلك، تخوف المتحدث، من ألا تستمر هذه الحالة المجتمعية القائمة على الوئام طويلا.
وفي عام 2014، اتهم تحالف الأقليات السريلانكي (مجموعة من ثماني منظمات مجتمع مدني)، رهبان متطرفين بالترويج لخطاب الكراهية والتحريض على أعمال شغب ضد المسلمين.
وقال التحالف آنذاك، إن إدارة الرئيس الهارب غوتابايا راجاباكسا، منحت الجناة "إفلاتا تاما من العقاب".
** اعتداءات ضد المسلمين
في عام 2013، أطلقت منظمة "بودو بالا سينا" (BBS) في سريلانكا، حملة ضد الطعام الحلال، وهي منظمة قومية سنهالية بوذية.
كما قادت المنظمة أيضا هجمات ضد المسلمين في بلدة "ألوثغاما" الساحلية في 2014، وبمنطقة كاندي (وسط) في 2018، ما أدى إلى خسائر في الأرواح وتدمير للممتلكات.
وتصاعدت الهجمات في سريلانكا ضد المسلمين بعد أن نفذ تسعة انتحاريين سلسلة من التفجيرات خلال عيد الفصح، في 2019.
وفي 2019، قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية، إن المسلمين في سريلانكا "يواجهون انتهاكات بينها الاعتقال التعسفي".
وفي عام 2021، وافق مجلس الوزراء السريلانكي رانيل ويكرمسينغه، على مقترح لحظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة، وجرى إغلاق أكثر من ألف مدرسة إسلامية بالبلاد.
** أزمة على الجميع
المحامي والدبلوماسي السريلانكي السابق، رازق زروق، أفاد بأن "عامة الناس لديهم الآن مشكلة مشتركة، نحن أبناء أمة واحدة وهذا النوع من المشاعر موجود، نحن نواجه أزمة، الجميع يبحر في نفس القارب".
وألقى زروق في حديث للأناضول، باللوم على السياسيين في المشاعر المعادية للمسلمين في البلاد.
وأردف: "لقد استخدم السياسيون هذه القضية في سياساتهم، والآن لم تعد مهمة، لا نعرف إلى متى سيستمر الوضع لكن الآن لا أحد يفكر في الطائفية".
فيما أوضح رجل الأعمال امتياز بوهاردين، أنه في الماضي كانت هناك مشكلات يختص بها المسلمون "لكن الأزمة الاقتصادية الحالية باتت تؤثر على الجميع".
وقال للأناضول: "الكراهية والمشاعر المعادية للمسلمين هدأت قليلا في الوقت الحالي، لا يمكننا قول أي شيء عن المستقبل، من الصعب التكهن".
واستطرد: "الماضي لم يكن جيدا، والآن تحسنت العلاقة بين طوائف المجتمع ونأمل أن تتحسن الأمور أكثر".
وتشهد سريلانكا أزمة سياسية واقتصادية تفاقمت باندلاع احتجاجات شعبية واقتحام مواطنين غاضبين لمقر إقامة الرئيس غوتابايا راجاباكسا، ما دفعه للهروب خارج البلاد، في يوليو/تموز الجاري.
وتعاني سريلانكا منذ عدة أشهر نقصا حادا في الغذاء والوقود والأدوية، وهي أسوأ أزمة اقتصادية منذ استقلال البلاد عام 1948، بعد أن أدت جائحة كورونا إلى انخفاض كبير في عائدات السياحة والتحويلات المالية من المغتربين.
كما تواجه البلاد المثقلة بالديون أوضاعا اقتصادية ومالية متفاقمة، نتيجة تراجع المداخيل المالية الناجمة عن تأثير الجائحة، وعجز عن الاستيراد لعدم توفر النقد الأجنبي.
المصدر: الأناضول