حياتك لك لا لغيرك
بقلم: د. أحمد إبراهيم سميرات – عضو الاتحاد
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدي رسول الله وعلى آله وصحبه ومن ولاه،، وبعد:
فقد قال أحدهم: كان رجلان صديقان يسيران في بساتين الأرض بأمن وأمان واطمئنان يتمتعان بطبيعتها وما أودع الله فيها من إبداع وعظمة وقدرة وألاء، وعجائب الجمال والألوان، وانواع الورد وجداول الماء العذب يسيران بفرح ومرح وسرور وحبور.
يسرح في بساتينها ويمرح الغلمان والولدان، يجوبون على خضرائها، ويردون عذب مائها وفراتها، يضحكون ويلهون ويلعبون، على محيّاهم البراءة والود والحب، لا مكرٌ عندهم ولا غل، تجمعهم الألفة والمحبة ولا كلفة بينهم، يدهم وكلمتهم واحدة، كأنهم يقرأون من كتاب واحد.
وفي غفلة يسيرة صُمّت منها الآذان ورمشت العيون ورجفت القلوب فإذا الصاحبان ينتبهان لصوت بعيد... يقترب شيئاً فشيئا وتتضح الأصوات.
فاذا كأنها حديقة حيوانات هربت حيواناتها.. أو غابة غادرها قطعان من الحيوانات.
وإذا أصوات نباح كلاب عالية وعواء ذئاب ونهيق حمير منكره واصوات وعوولٍ شرسة واصوات حيوانات اخرى منها الكبير ومنها الصغير حتى الفئران صار لها صوت كأنها اسود تزأر.
والحال أصبح ما تهدأ نباح الكلاب حتى تنبح أخرى، ولا تفتر ذئاب حتى تعوّي غيرها، ولا تركد أصوات نهيق الحمير حتى تنهق حميرٌ بأصوات أشد نُكرا، ولا تكاد تنعدم أصوات وعوولٍ حتى تخرج أصوات وعوولٍ أشد شراسة من الأخرى،
حتى ساد المكان اللطيف الجميل اليانع الهادئ الآمن ساده هولٌ من الخوف والهلع، فوجلت قلوبٌ وبكت عيونٌ وعلت صيحاتٌ من هنا وهناك، وفُقد الأمن والأمان والاستقرار والاطمئنان والهدوء وسادت الفوضى المكان وعمّت، حتى كأنه جراد منتشر، وما عاد بالإمكان رجوع الحال كما كان.
فيا للهول انقلب الصديقان الحميمان على اعقابها بخيبات الأمل واليأس مما سمعا وشاهدا ويا عجبا ما هذا!!
خيبة امل اخرى عندما علما أن الأمر مُفتعل مخطط له مدبّر، وراءه جماعات أردوا أن يفسدوا عليهم رحلتهم ونعيم متعتهم، أرادوا لهم ألاّ يكونوا سعداء.
وكان الأمل يشدوهم أن يكملا رحلة سعيدة تغمر قلوبهم وتقوي عزائمهم وتشحذ هممهم ويعودوا إلى اهليهم وموطنهم ويتحدثوا عمّا كانوا يؤملون ويتوقعون حتى وقع لهم ما ليس بالحسبان،،
اخذ الصاحبان يتهامسان ويقولان ما على هذه الأصوات اعتادت اسماعنا ولا على هذه تربت قلوبنا ولا على هذه بُنيت عقولنا.
لم تعرف اذاننا الا سماع آيات القرآن ونداءات الصلوات والتكبيرات ولم تألف الا ذلك.
لم نألف إلا سماع اصوات الطيور الندية، والبلابل الشدية، وهديل اليمامات البهية، وتغريدات طيور الدوري عذبة نقيه.
لم نألف شمّ روائح كريهة كتلك التي رافقت قطعان الوحوش الشرسة، فلم نألف إلا رائحة الورد الشذية وعطر اريج الفل والياسمين والنرجس والجوري معها عطور زهرات الليمون والبرتقال الغَوّرِيّة.
غادر الرجلان الحميمان على أمل أن يجدا رحلة خيرا منها لا يسمعان فيها نباح كلاب ولا نهيق حمير ولا روائح كريهة نتنة عفنة.
حياتك ملك لك فلا تدع للمفسدين عليك سبيل، فينغصوا عليك عيشك، ويخلعوا طعم السعادة من قلبك، ويغيروا لباس التقوى والايمان إلى لباس كفرٍ وطغيان، ولا يحوّلوا مجالس الأخوة والمحبة إلى مجالس طرب وغناء ومهرجانات.
دعونا نعيش ونحيا حياتنا مع الله.
اللهم نجنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم