البحث

التفاصيل

تغيير قوانين الأسرة يبدأ بترويج الشبهات المتعلّقة بالأسرة | د. سناء الحداد (فيديو)

الرابط المختصر :

تغيير قوانين الأسرة يبدأ بترويج الشبهات المتعلّقة بالأسرة | د. سناء الحداد (فيديو)

 

برنامج "الردّ على شبهة اللامساواة في الميراث"

الحلقة (3) بعنوان: تغيير قوانين الأسرة يبدأ بترويج الشبهات المتعلّقة بالأسرة

- من المعلوم أنّ قوانين الأسرة في كلّ الأنظمة والعصور تكون محكومة عموما بالاعتبارات الدينيّة والأخلاقيّة.

وأحكام الميراث هي جزء من قوانين الأسرة ولكن منذ عقود لاحظنا وجود مساع حثيثة لتغيير قوانين الأسرة في البلدان الإسلاميّة وتطويعها لملاءمتها مع الأجندة الأمميّة، فأصبح الثابت محلّ تشكيك وأصبح الثّابت موضع شبهة وانتقاد

- فتغيير قوانين الأسرة يبدأ بترويج الشبهات المتعلّقة بالأسرة واتّهام التشريع الإسلاميّ بظلمه للمرأة.

هذا يعني أنّ الشبهات المثارة حول أحكام الميراث واتّهامها بالتمييز ضدّ المرأة إنّما الغاية منها تغيير قوانين الأسرة عموما وتغيير أحكام الميراث في البلدان الإسلاميّة بما يتماشى مع الاتّفاقيّات الدوليّة.

- أهمّ هذه الاتّفاقيّات الدوليّة التي لها علاقة بالأحوال الشخصيّة:

* اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (متعارف عليها باتفاقية سيداو) وهي اتّفاقيّة أمميّة

* واتّفاقيّة حقوق الطفل وهي أيضا اتّفاقيّة صادرة عن الأمم المتحدة

* ومؤخّرا دخلت حيّز التنفيذ سنة 2014 اتفاقيّة إسطنبول المفتوحة الصادرة عن مجلس أوروبا والمتعلّقة بمكافحة العنف ضد المرأة والعنف المنزلي.

جميع هذه الاتّفاقيّات الدوليّة تفرض على الدول الأطراف مقاومة العنف ضدّ المرأة ومقاومة العنف ضدّ الطفل، وتفرض عليهم مفهوما معيّنا للعنف.

وقد انتهت الهيئات الأمميّة إلى أنّ كلّ تمييز ضدّ المرأة هو عنف ضدّ المرأة وكلّ عنف ضدّها هو تمييز ضدّ المرأة

- طبعا لا خلاف ولا جدال في حُرمة العنف لأنّه ظلم والظلم ظلمات يوم القيامة ولكنّ الإشكال يتمثّل في محاولة الغرب عبر اتّفاقيّاته التي يصفها بالدوليّة فرض مفهوم معيّن للعنف ضدّ المرأة: فأن يعتبر المهر عنفا ضدّ المرأة وأن تعتبر القوامة عنفا ضدّ المرأة وأن يعتبر تجريم الزنا عنفا ضدّ المرأة وأن يعتبر تجريم الشذوذ عنفا ضدّ المرأة وأن تعتبر قاعدة للذكر مثل حظّ الأنثيين عنفا ضد المرأة، فهذا هو عين العنف ضدّ المرأة وضدّ الرجل وضدّ مجتمعاتنا وهو ما يتعارض مع هويّة شعوبنا الإسلاميّة ومع الدّين الإسلاميّ.

- إنّ الهدف من إثارة الشبهات ومن بينها شبهة اللامساواة في الميراث هو تغيير قوانين الأسرة بما يتلاءم مع الاتّفاقيّات الدوليّة،

فتعدّدت الضغوط الدوليّة في هذا الاتّجاه وقد أخذت الضغوط الأمميّة أساسا إمّا شكل توصيات عامّة وإمّا شكل توصيات خاصّة موجّهة لدول بعينها.. أذكر في هذا الإطار على سبيل الذّكر لا الحصر:-

1- التوصية العامّة رقم 21 للّجنة المعنيّة بالقضاء على التمييز ضد المرأة بشأن المساواة في الزّواج وفي العلاقات الأسرية حيث جاء بهذه التوصية أن المادة 16 فقرة 1 (ح) من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة تفرض المساواة في الميراث، وجاء في تلك التوصية تذكير بتوصية أخرى  للمجلس الاقتصادي والاجتماعي أوصت الدّول بأن يكون للرّجال وللنّساء الّذين هم في نفس درجة القرابة من الهالك نفس النّصيب من الميراث ونفس الدّرجة في ترتيب مستحقّي الإرث (هذا يعني أنّ اللجنة توصي بإلغاء قاعدة... باعتبارها تطبّق كلّما اجتمع ذكر وأنثى في نفس درجة القرابة: ابن مع بنت/ أخ مع أخت)، ثم أضافت اللجنة في التوصية العامة رقم 21 أنّ قوانين دول عديدة تتضمّن تمييزا واضحا تجاه المرأة ممّا يجعل المرأة تتحصّل على نصيب من ممتلكات الزّوج أو الأب عند الوفاة أقلّ ممّا يحصل عليه الزّوج أو الابن وهو مخالف للاتفاقية. (وهنا دعوة لتغيير أحكام ميراث الزوجة)

2- كذلك أخذت هذه الضغوط الدوليّة شكل توصيات خاصّة موجّهة لدول بعينها لمطالبتها بتغيير قانون الميراث، من ذلك مثلا:

* الملاحظات الختاميّة للّجنة المعنيّة بالقضاء على التّمييز ضدّ المرأة الموجّهة للدولة التّونسيّة: فتحت عنوان "الزّواج والعلاقات العائلية" لاحظت اللجنة أنّها " تظلّ قلقة إزاء استمرار التمييز فيما يتعلّق بالأحوال الشّخصيّة ولا سيّما فيما يتعلّق بـــــــ... الإرث... وبهذا الخصوص تعرب اللّجنة عن قلقها إزاء وجود أمر إداريّ يحضر الزّواج بين امرأة تونسيّة مسلمة ورجل غير مسلم، وتلاحظ اللّجنة أيضا أنّه لا يزال التّمييز في مجال الإرث مستمرّا".

* الملاحظات الختاميّة للّجنة المعنيّة بالقضاء على التمييز ضد المرأة الموجّهة لدولة الجزائر:

فتحت عنوان "الزواج والعلاقات الأسرية"، أوصت لجنة سيداو الجزائر "بمراجعة وتعديل الأحكام التّمييزيّة في قانون الأسرة خاصة :... النظر في قانون الميراث لتمكين المرأة من الميراث على قدم المساواة مع الرّجل"

* جاء كذلك في الملاحظات الختاميّة للّجنة المعنيّة بالقضاء على التمييز ضد المرأة الموجّهة لمملكة الأردن:

تحت عنوان "الزّواج والعلاقات الأسريّة"، أنّ اللجنة تعرب عن قلقها إزاء : "استمرار التمييز ضدّ النساء والفتيات في قانون الميراث بالنّسبة للبنات والأرامل على حدّ السّواء"، كما أوصت اللّجنة المملكة الأردنية بـــــــ"مواصلة جهودها الرّاميّة لتمكين الفتيات والنّساء من ممارسة حقّهنّ في الميراث على قدم المساواة مع نظرائهنّ من الذّكور.

- السياق الدولي له إذن تأثير كبير في ترويج الشبهات حول أحكام الميراث

فباسم منظومة حقوق الإنسان الكونيّة الشاملة غير القابلة للتجزئة، تمارس ضغوط على بلداننا الإسلاميّة لتغيير أحكام الميراث ولتغيير قوانين الأسرة ولاجتثاثنا من جذورنا.

وتزداد تلك الضغوط قوّة كلّما ضعفت وتشتّتت بلداننا.

في تونس مثلا قدّم رئيس الجمهوريّة السّابق مشروع قانون ينزع القداسة عن أحكام الميراث ويلغي قاعدة للذكر مثل حظّ الأنثيين ويعد بتحقيق مساواة شكليّة ووهميّة بين الرّجل والمرأة في الميراث.

مشروع القانون هذا وضع في رفوف البرلمان التونسي فلم ير النّور ولكن هذه الهدنة التي نعيشها اليوم سرعان ما تنتهي ليتواصل التدافع بين الحقّ والباطل .

مشروع القانون هذا الذي قدّم في تونس يندرج ضمن معطى دوليّ يستهدف جميع البلدان الإسلاميّة

هي كرة ثلج أو جمرة نار أُلقي بها في إحدى البلدان الإسلاميّة، والله وحده أعلم أين ستتوقف كرة الثلج تلك وأين سيصل لهيب تلك الجمرة.

المصدر: الاتحاد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* د. سناء الحداد – عضو مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين


: الأوسمة



التالي
"لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر"

مواضيع مرتبطة

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع