قروض السكن وأموال البنوك والرشوة.. الشيخ فضل يحسم الجدل بقاعدة "الضرورات تبيح المحظورات"
استضاف برنامج "الشريعة والحياة في رمضان" (2023/3/27) الدكتور فضل عبد الله مراد أستاذ الفقه والقضايا المعاصرة بكلية الشريعة جامعة قطر وعضو مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وذلك للحديث عن بعض القضايا الإسلامية العالقة وحسم الجدل فيها.
وعن دوائر التشريع والفتوى، أوضح الشيخ فضل أنها تضم دائرة الحرام البين، وهي قواطع الشريعة التي لا يجهلها الناس جميعا، ولذلك لا يتم إصدار الفتاوى في هذه الدائرة، أما الدائرة الثانية فتضم الحلال البين، فيما يوجد في الدائرة الثالثة ما يتنازع بشأنه بين الدائرتين.
وشدد الدكتور فضل على أن الله سبحانه وتعالى ضيق باب الحرام وفصله، وجعل الواسع باب للحلال، معتبرا أن الأصل في الأشياء هو أن تكون مباحة، ولذلك يجب أن يكون الدليل على الحرام من القرآن والسنة.
وفي حديثه التفصيلي عن القواعد الفقهية مثل "أخف الضررين" و"الضرورات تبيح المحظورات" التي تستخدم أحيانا بشكل سيئ، أوضح الشيخ فضل أن هذه القواعد حاكمة وضابطة، فالله سبحانه وتعالى أباح للإنسان في حال الضرورة ما لا يجوز في الحالات الطبيعية، مشددا بهذا الصدد على قاعدة "الضرورة تقدر بقدرها" والتي تقضي بأن يكون تقدير الضرورة في الزمان والمكان والظروف التي تفرض على الإنسان ذلك.
وفي حديثه عن الرشوة، أكد الدكتور فضل أنها حرام ولكن هناك في حالات الضرورة واستخراج الحق بالمال يمكن السماح بها، وضرب مثلا هنا بأنه يجوز دفع المال للعدو لأخذ الأسير رغم أنه لا يحل له ذلك، وقد اعتبر هنا أن الإثم يكون على الآخذ لا على المعطي.
وفي مسألة القروض الربوية، شدد الشيخ فضل على أنه من المعروف أن الربا من المحرمات القطعية، ولكن في حال كان الإنسان مضطرا لأن يقوم بعملية جراحية أو أن يدفع رسوم دراسته أو مادام القرض يخص غذاء أسرته، ففي هذه الحالات يجوز ذلك لكون الأمر يتعلق بالضروريات.
وبخصوص قروض السكن، أوضح الدكتور فضل أن السكن من الضروريات، ولكن الشرع جعل عوضا عن التملك الإيجار. أما في بلاد الغرب، ومادام مبلغ الإيجار ينتج عنه العديد من التبعات والأضرار، فقد أوضح أن فقهاء المجامع أجازوا أن يأخذ الإنسان قرضا لتأمين السكن لا التجارة.
أما عن إيداع الأموال في البنوك، فأشار الشيخ فضل إلى أن المعاملات المالية وفقا للشريعة مضبوطة بضوابط، وهي خلوها من الربا المتحقق أو الغالب، ورضا الطرفين، وألا تكون هناك جهالة مؤثرة في البيع والشراء (كالقمار والبيع بالآجل والهامش). وأيضا ألا يكون هناك نص تحريمي للعقد، إضافة إلى عدم وقوع الضرر على السوق والأفراد والمستهلك من خلال الاحتكار والخداع.
واختتم الشيخ ضيف البرنامج أنه من خلال هذه الضوابط يبدو أن الإيداع بالبنوك والاستفادة منها تضم المانع الأول وهو الربا، وهو أمر محرم، ولكن يجوز للإنسان أن يضع أمواله في صيغ إسلامية باسم المضاربة وعقود الاستصناع وغيرها من الصيغ الاستثمارية.
المصدر: الجزيرة