كيف نحفظ صيامنا؛ ليثبت أجرنا؟
بقلم: د. أحمد الإدريسي
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
الصيام قُـربة نتعبَّـد بها الله عز وجل ونتقرب إليه، وشهر رمضان من شعائر الله، يجب تعظيمه؛ صياما وذكرا وقياما، عملا بقوله تعالى: (ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ)[1] لذا ينبغي أن نحفظ صيامنا، ونسعى لما يثبت أعمالنا وأجورنا، وذلك بأمور منها:
1- حفظ اللسان من اللغو وقول الزور ومن جميع المعاصي والسيئات التي تنقص ثواب الصوم؛ لأنه يقتضي الإمساك عن جميع المحرمات الحسية والمعنوية. فعن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: (قال الله عز وجل: كلُّ عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جُنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفُث ولا يفسق ولا يصخب، فإن سابَّه أحد أو قاتله، فليقل: إني صائم، والذي نفس محمد بيده، لَخُلوف فم الصائم أطيب عند اللَّه من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بصومه، وإذا لقي ربه فرح بصومه). رواه الإمام البخاري.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه). رواه الإمام البخاري.
وقال جابر رضي الله عنه: (إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمآثم، ودع أذى الجار، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء).
2- الاشتغال بالذكر بأن يملأ نهاره بأنواع الطاعات من تلاوة للقرآن والدعاء والتسبيح والتهليل والتحميد والتكبير والتطوع بالصلاة.
3- الاشتغال بقيام الليل والتدبر في كتاب الله، فعن عبد الله بن عباسٍ رضي الله عنهما قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن فلَـرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة).
4- تجنب مكروهات الصيام، وهي:
* المبالغة في المضمضة والاستنشاق: قال الإمام النووي في كتابه المجموع: (المبالغة في المضمضة والاستنشاق – يقصد لغير الصائم – سنة بلا خلاف).
أمّا للصّائم فالمبالغة فيهما مكروهة؛ لحديث لَقِيط بن صَبِرَةَ أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا توضَّأْتَ فأسبِغِ الوضوءَ وخلِّلْ بينَ الأصابعِ وبالِغْ في الاستنشاقِ إلَّا أنْ تكونَ صائماً). رواه أبو داود والترمذي.
* ذوق الطعام بغير حاجة: يكره ذوق الطعام بغير حاجة، وهذا باتِّفاق المذاهب الفقهيَّة الأربعة؛ وذلك لأنه ربما ينزل شيء من هذا الطعام إلى جوف الصائم من غير أن يشعر به، فيكون في ذوقه لهذا الطعام تعريض لفساد الصوم. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه مجموع الفتاوى: (ذوق الطعام يكره بغير حاجة لكنه لا يفطره، أما للحاجة فهو كالمضمضة).
* المبالغة في بعض المباحات كالتطيب وشم الريح الطيبة.
* القبلة والملامسة وما شابههما:
يكره للصائم أن يقبل زوجته أو أن يلامسها؛ لأنه يخشى على نفسه من الوقوع في فساد صيامه، وهذا باتِّفاق المذاهب الفقهيَّة الأربعة. عن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المباشرة للصائم، فرخص له. وأتاه آخر فسأله، فنهاه، فإذا الذي رخص له شيخ، والذي نهاه شاب). (رواه الإمام أبو داود).
يقصد بالمباشرة في الحديث أي الملامسة وما شابهها ولا يقصد بها الجماع.
فنهى النبي صلى الله عليه وسلم الشاب ورخص للشيخ أي الكبير في السن؛ لأن الشاب أكثر عرضةً من الشيخ لأن يفسد صومه.
* صوم الوصال، وهو ألا يفطر بين اليومين بأكل أو شرب.
5- الجود والكرم، والنشاط في العمل، والإحسان لكل الناس، ومما يرجى أن يكون من أسباب دخول الجنة الجمعَ بين الصيام والإطعام؛ كما جاء في الحديث الشريف، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن في الجنة غرفاً يُرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، أعدها الله تعالى لمن أطعم الطعام، ولان الكلام، وتابع الصيام، وصلى بالليل والناس نيام). رواه الإمام الترمذي.
ومن أوجه الجود في هذا الشهر الكريم تفطير الصائمين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من فطّر صائماً كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً) رواه الإمام الترمذي.