البحث

التفاصيل

حضور كبار القادة والشخصيات البارزة في أمسية رمضانية للمجتمع المسلم الاسترالي

الرابط المختصر :

حضور كبار القادة والشخصيات البارزة في أمسية رمضانية للمجتمع المسلم الاسترالي

في مساء الأربعاء 5/4/2032، احتفل المجتمع المسلم في استراليا بأمسية رمضانية تعد واحدة من ليالي المجد والفخر. حضر الحفل عدد كبير من الشخصيات البارزة، بما في ذلك ممثلة ملك بريطانيا السيدة مارجريت بيذلي، ورئيس الوزراء الفدرالي لأستراليا السيد أنتوني ألبانيزي، ورئيس وزراء ولاية نيوساوث ويلز السيد كرس مينز، ورئيس البرلمان السيد توني بيرك، بالإضافة إلى 38 وزيرًا ونائبًا.

وحضر الحفل أكثر من 700 ضيف من كبار القادة والشخصيات البارزة. وقد ألقى فضيلة مفتي استراليا الأستاذ الدكتور إبراهيم أبو محمد، حفظه الله، خطاباً في هذه الأمسية الدينية المميزة. وتم قراءة الترجمة أمام الحضور بواسطة منى عبد الرحيم.

وتناول الخطاب في مضمونه العديد من القضايا المهمة، بما في ذلك أسس الحضارة الإسلامية عقديا وتشريعيا و أهمية الوحدة والتسامح في  حياة المسلم، ودعم التعايش السلمي بين الثقافات المختلفة، وأهمية التفاهم والاحترام المتبادل بين أفراد المجتمع. كما شدد فضيلته على أهمية التعليم والعلم في تطوير المجتمع والارتقاء به نحو مستقبل أفضل.

وأثنى الحضور على كلمات الدكتور إبراهيم أبو محمد، وعبّروا عن تقديرهم لجهود المسلمين في استراليا في تعزيز التعايش السلمي والتفاهم الثقافي. كما أكدوا على أهمية العمل المشترك بين مختلف المجتمعات والأديان في بناء مجتمع متسامح ومتراحم يعمل من أجل تعزيز الكلمة المفتي العام للقارة الأسترالية

وهذا نص خطاب سماحة المفتي الدكتور إبراهيم أبو محمد :

 

                                بسم الله الرحمن الرحيم

صاحبة المعالى السيدة مارجريت بيذلي ممثلة ملك بريطانيا. 

 صاحب المعالي السيد أنتوني ألبانيز رئيس وزراء استراليا

   سعادة السيد كرس مينز رئيس وزراء ولاية نيوثاوث ويلز.

    سعادة النائب الوزير/ توني بيرك رئيس البرلمان للحزب الحاكم 

أصحاب المعالى الوزراء والنواب، أصحاب السعادة السادة السفراء، ضيوفنا الأعزاء

 السلام عليكم ورحمة الله.

نقدر حضوركم معنا، ومشاركتكم لنا هذا الإفطار الرمضاني فشكرا لحضوركم العظيم.

 السيدات والسادة: رمضان يجمعنا في شراكة دينية وتاريخية عظيمة، فهو عيد ميلاد الرسالات السماوية كلها.

• ففي الليلة 1 من رمضان نزلت صحف إبراهيم ﷺ

• وفي الليلة 6 من رمضان نزلت التوراة على نبي الله موسى ﷺ

• وفي الليلة 13 من رمضان نزلت الإنجيل على نبي الله عيسى ﷺ

• وفي الليلة 18 من رمضان نزل الزبور على نبي الله داوود ﷺ

• وفي الليلة 17   من رمضان نزلت القرآن الكريم على نبي الله محمد ﷺ

                        أيها السادة والسيدات.

مارجريت تاتشر (Margaret Thatcher‏) كانت زعيمة لحزب المحافظين ورئيسة لوزراء بريطانيا لمدة 11 سنة

•   المرأة الحديدية كانت تعرف قدر القراءة وقيمة العلم فقالت لولدها " إقرأ يا ولدى فالكاتب يعطيك عصارة عقله، وكلما قرأت كتابا جديدا كلما ضممت إلى عقلك عقلا جديدا"

•   الكلمات لها مغزى يعرفه طلاب العلم ويستشعر قيمتها كل باحث.

وديننا معجزته كتاب، والكلمة الأولى فيه "اقرأ "ومنهج هذا الكتاب يستهدف بناء إنسان تتكامل في عقله المعرفة بالعمل والتطبيق، ويمتزج في قلبه الإيمان بالرحمة والمحبة، وتحمل رسالته مسؤولية أخلاقية وأدبية تحشد كل الطاقات والقدرات لتحقيق منظومة من القيم تمثل لب وأساس الإيمان الديني العظيم وهذه المنظومة هي:

1.   عبادة الرحمن، ..............ولا عبادة إلا بعد علم 

2.   وعمارة الأكوان، ............ولا عمارة إلا بعد علم

3.   ورعاية الإنسان، ...........ولا رعاية إلا بعد علم.

                            أيها السادة والسيدات:

نحرص دائما على أن يكون وجودنا كمسلمين إضافة علمية وإضافة أخلاقية  وإضافة أدبية وحضارية ، وحين نتحدث إلى النخب الثقافية والعلمية والسياسية من المسلمين وغير المسلمين باعتبارهم  قاطرة التقدم نركز دائما على أن ثقافة الواجب قبل المطالبة بالحقوق، وثقافة الواجب تجعل للحمة الحضارية والنسيج الاجتماعي هنا في استراليا أولوية مطلقة، كما تجعل من تحقيق العدل والحرية واحترام القانون وحماية الأمن وبذل المحبة للآخرين في مقدمة الواجبات التى نري أنها تنطلق في نظرنا من التدين الصحيح الذى يوجب الحب على أتباعه تجاه الآخرين.

أيها السادة والسيدات

 وطننا الاسترالي العظيم نموذج للتعدية الثقافية والحضارية والدينية ففيه أكثر من 120 معتقد، وأكثر من م 200 عرق، فكيف ينظر الإسلام إلى هذه التعددية

الإسلام ينظر إلى العالم على أنه منتدى للحضارات وللثقافات، والتعددية المطلقة في نظره قانون كوني وليست خيارا إنسانيا يقبله البعض ويرفضه البعض، وقد ساهمت الرحمة فيه ببناء سلام جديد، ينتشر فيه الحب والتسامح والتناغم الحضاري، وينعم فيه البشر بالحرية والأمان. فكيف يتحقق ذلك؟

ولكي يتحقق ذلك قدم الإسلام مجموعة من الحقائق جعلها جزءا من إيمان المسلم نجملها في الآتي: 

 أولا: أن البشر جميعا من مصدر واحد، وأن الإرادة العليا التي شاءت لنا ان نأتي إلى هذا العالم .

ودتنا بوحدة بيولوجية غاية في الدقة وهي وحدة لا تفرق بين إنسان وإنسان، لأن الخلق جميعا عيال الله وأحبهم إلي الله أنفعهم لعياله.

ثانيا: هذه الإرادة الإلهية العليا طالبتنا بالتعاون على حماية كوكبنا الذي نعيش فيه وكانت كلمات السلام والحب هي من اول الوصايا التي تلقاها الانسان من ربه وحيا مقروءا على لسان الأنبياء، والنبي محمد ﷺ حمَّل المسلم مسؤولية سلامة الآخرين وحماية الناس وأمنهم، من كل أنواع الأذى،  وبخاصة تلك التي تأتى من اللسان واليد، فاللسان يعنى القول الشرير، واليد تعنى تحويل هذا الشر إلي فعل يتأذى منه الناس، ولقد طالب النبي محمد ﷺ أتباعه والمؤمنين به بإغلاق هذين المصدرين للشر فقال ﷺ: " المسلم من سلم الناس من لسانه ويده · 

• ثالثا: اعتمد الإسلام العقل ليحاور ولم يعتمد القوة ليعيش، فأسس ودعا لحوار صريح يقوم على التكافؤ ويحرص كل طرف فيه على معرفة المناطق المثيرة للقلق أو للغضب حتى يمكن تجنبها، ولا يتم ذلك دون إزالة الحواجز النفسية بين أطراف الحوار، ومن ثم يكون الحوار أول مراحل الفهم. وطالب أن يتحول الحوار الذي يسعى للوفاق بين البشر من ظاهرة إلى منهج. يدرس لأبنائنا في مراحل التعليم المختلفة.

• رابعا: في مجال حماية الإنسان كفرد نظر الإسلام أيضا إلى الإنسان علي أنه بنيان الله، شيده بالقدرة والإرادة والعلم، وأمده بالعقل والكرامة والحرية، فكان الإنسان في الرؤية الإسلامية فوق كل اعتبار. ولذلك قالت قوانين الرسالة: 

•  إن الحق فوق القوة، وقالت قوانين الشريعة: إن العدل فوق الخصومة.، وقالت قوانين الإيمان في الرسالة والشريعة معا: إن إنسانية الإنسان فوق كل اعتبار.، ومن هنا كان حق الإنسان - عل المجتمع: أن أمانه واجب، وحرماته مصانة، وحقوقه فرائض.

وحياته من أعظم وأقدس المحميات في هذا الوجود.، قال القرآن الكريم :

{ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}  ﴿المائدة: ٣٢﴾

خامسا: في محيط العلاقة بالآخرين من غير المسلمين راعي الإسلام كل قواعد الأدب وحسن المعاملة والمجاملة والذوق العام.

• فاعتبر عقائد الآخرين ودياناتهم. محميات دينية ومناطق مغلقة لا يجوز اقتحامها، وطالب بحمايتها وحفظها، فلا يجوز لأحد مهما كان أن يتعدى عليها أو يجرح مشاعر أصحابها حتى ولو كانت باطلة في نظره، ومن هنا جاء النص الكريم في قول الله تعالى " {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَٰلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ﴿الأنعام: ١٠٨﴾

ومن هنا كان لا يجوز أبدا سب عقائدهم ولا العدوان على كنائسهم، ولا تشويه صلبانهم لأن ذلك مما يدعوا للصراع ويبعث على الكراهية. وذلك كله من أجل حماية النسيج الاجتماعي والحماية للحمة الحضارية ووحدة المجتمع والتسامح والتناغم الحضاري، وينعم فيه البشر بالحرية والأمان. 

أيها السادة والسيدات

نتيجة هذا المدى الواسع من احترام الآخر وحسن التعامل معه والحوار العلمي الخلاق أثبت التاريخ أن الثقافة الإسلامية احتوت وتضمنت واحتضنت الثقافتين اليهودية والمسيحية وقد نبغ في ظل تلك الثقافة عباقرة من شتى البلاد والأجناس قدمتهم الحضارة الإسلامية للعالم وعرفت بهم وترجمت أعمالهم حتى بعد أن مات بعضهم وكاد تراثه الفلسفي والعلمي أن يضيع في ذاكرة النسيان، فلما جاءت الثقافة الإسلامية بما تحمله من تسامح وتقدير للمواهب قدمت هؤلاء للعالم وكان منهم سقراط وأرسطو برغم اختلاف الجنس واللغة والدين.

ولذلك نستطيع أن نلخص رسالة الإسلام في أنه

· دعوة إلى العقل ليفكر فيهتدى،

 ودعوة إلى القلب ليؤمن فيطمئن

 ودعوة إلى اليد لتعمل وتنتج وتبدع فتكتفي.

· ودعوة إلى الإرادة لتتحرك فتتحرر.

 ودعوة إلى النفس لتتزكى وتتطهر فتعلو وتسمو.

ودعوة إلى الروح لتبقي من أمر ربها فلا تتلوث.

  ودعوة إلى وجدان الإنسان ليمتلئ حبا وفرحا.

  ودعوة إلى مجتمع الدنيا ليدخل في السلم كافة فينعم بالحرية والكرامة والسلام والأمن.

 وعلينا كمسلمين ودعاة وبخاصة الأئمة والعلماء فعليهم أن يقدموا الإسلام على أنه رحمة تعالج شقاء البشر، وعلاجا يضمد جراحهم ويشفي آلامهم.

قدموه زهورا تملأ الأرض عطرا وتحول القيظ ربيعا.

قدموه فكرا يطهر الأرض من جراثيم الاستبداد، ويحول صحراء العقول الجامدة إلى روضات وجنات.

قدموه دينا يملأ الوجود بالحياة والحركة،

ويملأ العقل الإنساني بالمعرفة والعلم،

 ويبنى القلب والوجدان بإيمان راسخ يربط بين الأرض والسماء. ويمزج بين عالم الغيب وعالم الشهادة، ويزاوج بين قوة المادة وطاقات الروح، ويحمي الحضارات بسياج الأخلاق والشرف وتحقيق العدالة، ولا يتخلى أبدا مهما كانت الصعاب والتحديات عن الولاء لله.

قدموه حبا يحتضن مشاعر كل الناس، ويفيض عطفا على الجيران في المسكن. والصاحب في السفر، والجليس في القطار والزميل في العمل والشريك في كل مرافق الحياة.

•   أمزجوه بفكركم وسلولكم لتتحول حركتكم إلي عصارة حية تخضر بها عقول الأجيال القادمة، وتتفتح بها زهور المستقبل الواعد لبلدنا وأمتنا في داخل استراليا وخارجها.

 قدموه سلاما يملأ الآفاق بتراتيل المحبة، ويزين الأرض والسموات بأكاليل السلام.

•    قدموه صديقا للإنسان يجبر كسره إذا أخطأ، ويقيل عثرته إذا تعثر، ويمسح التراب عن وجهه إذا سقط، ويأخذ بيده ليعاود الوقوف من جديد، ويمنحه بالتوبة دورا جديدا مليئا بطهر الحياة وشرفها.

قدموه حبا يحتضن الدنيا، ونهارا لا يعرف ليلا.

سعدنا بوجودكم. وشكرا لكم، وعليكم سلام الله ورحمته.





السابق
هيومن رايتس ووتش: المهرجانات الهندوسية تحرض على مزيد من العنف ضد المسلمين

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع