البحث

التفاصيل

مع الداعية الشيخ نعمة الله (2)

الرابط المختصر :

مع الداعية الشيخ نعمة الله (2)

دعوة الشيخ نعمة الله

 

بقلم: د. صالح مهدي السامرائي

 

صاحبت الشيخ نعمة الله في ميدان الدعوة في اليابان وغيرها لمدة خمسة عشر سنة واستوعبت طريقته في الدعوة الى الله وتوصلت إلى:

من بين جميع الدعوات الإصلاحية الدينية في القرنين الماضيين إلى يومنا هذا، فاني أرى دعوة الشيخ نعمة الله هي من أقواها فعالية وأسرعها في النتائج، وأيدت كلماته التي يرددها دائماً وإنه لو قام كل مسلم بواجب الدعوة إلى الله بأي طريقة كانت فانه خلال سنتين سيسود الإسلام جميع بقاع الأرض، الطريقة بسيطة وكل مسلم يستطيع أن يقوم بها، ألم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم: بلغوا عني ولو آية؟

إن أساس فلسفة الشيخ في الدعوة هو أن الرسول صلى عليه وسلم كان يقول للعرب (قولوا لا إله إلا الله تفلحوا)، لقد بسط الشيخ هذه الكلمة المباركة حيث يقول للناس: كلمتان من يقولهما تذهب عنه جميع المشاكل التي يعاني منها، وينجح في الحياة. ويقول كذلك: إنه من يردد هذه الكلمة: إن كان مسلماً يتجدد إيمانه، ومن كان غير مسلم فانه يدخل الإسلام، حتى وإن لم يفهم معناها، إن الكلمة تنور أذنه وفمه وقلبه. ألا تنزل السكينة والرحمة حين يسمعها السامع وينطقها؟

طور الشيخ وطورنا هذه الطريقة حيث بدأ يقول باللغة الانكليزية (one gol all problems finished)، انجليزي على عربي، (gol) بالعربي (قول)، ولقد أستبدلها بكلمة يابانية (shi awasei no kutuba) فيفهم السامع من هذه الجمل أنه يريد منه أن يردد لا إله إلا الله محمد رسول الله.

في اعتقاد الشيخ ان من يردد هذه الكلمة فقد دخل الإسلام، وبعدها يقو له (present Islam Name) نقدم لك هدية أسم إسلامي (أحمد، محمد، فاطمة، عائشة).

من جانبنا طورنا هذه الطريقة ، فمثلاً في اجتماع لنا في اليابان حضره أكثر من مئة أســتاذ واسـتاذه ، وقف محدثنا الأستاذ علي الزعبي يتحدث عن الإسلام بيابانية طليقة ويجيب على أسئلة الحضور لمدة ساعتين ، إلى هنا كان هذا عملنا في مركزنا الإسلامي في السنين الماضية كما إن هذا هو العمل نفسه تقوم به مراكز ودعاة الدنيا ، قد يسلم البعض بعد المحاضرة في الحال أو يسلم بعضهم بعد اسبوع ، بعد سنة أو لا يسلم احد منهم نهائياً إلى أن يموت ، حيث أن انطباع الأمه الآن أننا يجب أن لا نتسرع في دعوة الناس إلى الإسلام ولا نجرح شعورهم ونصبر عليهم ولو لسنين ، ونعطيهم المزيد من الكتب ومزيد من القدوة الحسنة بل لا نقوم بالدعوة إلا أن نصل درجة الصحابة في الإيمان والتقوى . إلا أنه مما تعلمناه من الشيخ نعمة الله لقد قلنا للحضور أنه من يؤمن بوحدانية الله وبنبوة محمد بقلبه ويقولها بلسانه فانه يصبح مسلماً. وهنا أعلن جميع اليابانيين واليابانيات الحضور: كلنا مستعدون لهذا الأمر قام الشيخ نعمة الله يردد بنغم مؤثر "لا إله إلا الله محمد رسول الله" والجميع يردد معه بهذه الأنشودة. فكر الشيخ وقال لو أن الحضور 2 او 5 او 10، فإننا سنعطي أسماً خاصا لكل رجل وامرأة، إلا أن الحضور أكثر من مئة. شغل الشيخ مخه وقال (all men Muhammad، all women Fatimah) كل الرجال اسمهم محمد، وكل النساء أسمهن فاطمة، صفق الجميع وأعربوا عن سرورهم.

لقد أسميت طريقة الشيخ نعمة الله " طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم في الدعوة" ولخصتها بكلمتين "الاهتمام والشجاعة"، بالنسبة للاهتمام فالرسول صلى الله عليه وسلم كان حريصاً بكل لحظة أن يدعو من تصل إليه يده إلى الإسلام، إن هذا الأمر يحتاج إلى اهتمام كما أنه يحتاج إلى شجاعة وقوة أعصاب، حيث أن العرب في أول أمرهم كانوا يردون دعوة الرسـول ويتهكمون به، ورغم أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتألم، إلا أنه كان يتحمل الإعراض عن دعوته وأصر على الدعوة إلا أن أحرز النجاح. إن الشيخ نعمة الله لا يوفر لحظة واحدة في أن يدعو أي أنسان سواء كان رئيسا، أو مرؤوسا حاكماً، أو محكوماً تاجراً أو مشترياً، رجلاً أو امرأة، وإن نسبة الاستجابة له 99% وحين يعرض عنه أي انسان يقول "أجر شهيد".

إن جذور هذه الطريقة في السيرة النبوية معروفة لدى الكثير، ولعلنا نتذكر عيادة الرسول صلى الله عليه وسلم للطفل اليهودي المريض، وعند زيارته له بدأ يحتضر، فقال له الرسول صلى عليه وسلم: قل لا إله إلا الله محمد رسول الله، فما كان من والده إلا أن قال للطفل: أطع أبا القاسم، فنطق الطفل قبل وفاته بالشهادتين. وتحضرنا كذلك دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم للصحابي الجليل وشهيد أحد، عثمان بن مظعون رضي الله عنه، يقول عثمان كلما رآني الرسول يقول لي مثلك لا تغيب عنه حقيقة الإسلام، فأسلمت مجاملة. ودخلت الحرم المكي في أحد الأيام ورأيت الرسول صلى الله عليه وسلم جالساً بجانب الكعبة ودعاني وقال: أعلمك آية نزلت الآن ((إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعضكم لعلكم تذكرون)) فأدركت أن الإسلام دين حق وجددت إيماني.

وفي أحد زياراتنا أنا والشيخ نعمة الله لمدينة الرياض، حدثنا أحد المشايخ قائلاً: أني أتفق معكم بطريقة الدعوة إلى "لا إله إلا الله" وذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا أحد العرب إلى قول "لا إله إلا الله محمد رسول الله" فقال هذا العربي هذه الكلمات هي أكره شيء عندي فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم قلها ولو كاره، فلما قالها نور الله قلبه وآمن بالإسلام.

إنني لخصت الاهتمام هو أن يكون لك صديق غير مسلم وأساتذة غير مسلمين وطلبة غير مسلمين وعمال غير مسلمين وزملاء غير مسلمين وزبائن غير مسلمين ومتعاملين معك غير مسلمين، فحينما يكون عندك الاهتمام وتستطيع أن تبلغ الدعوة ستوصل رسالة الإسلام إلى كل هؤلاء.. وهذا الأمر يحتاج إلى شجاعة. بالنسبة لي فقد عشت خمس سنوات في سكن للطلبة في اليابان في الستينات من القرن الماضي. كان جاري طالب فلبيني، أبوه ضابط في رئاسة الجمهورية الفلبينية، كل يوم يقول لي هذا الزميل الفلبيني إن أصولي إسلامية وأسم عائلتي يدل على أن أجدادي كانوا مسلمين، ورغم أني منذ صباي مواظب على الصلاة وفاهم لأحكام الدين الإسلامي وطالب في الدراسات العليا في الجامعة، ومع هذا لم أدعه يوماً إلى الإسلام، وإني أشعر إلى يومنا هذا بالحزن والأسى على ذلك. أساتذتي اليابانيون كانوا يقولون "نحن لا نحب التشدد إلا أن تشدد السامرائي نحبه"، ما قدمت لهم يوماً رسالة الإسلام رغم أنهم كانوا يشاهدونني أصـلي في المعمل وفي الحقل حيث إني كنت في كليـــة الزراعة في جامــعة طـــوكيو. زميلي المسيحي العراقي في الجامعة يقول لي دائماً "علمني الإسلام فأقول له أسكت، ظناً مني أنه يستهزأ بي.

يقول الشيخ نعمة الله ، إن الأمة جهلت المبادرة في دعوة الآخرين للإسلام ، ومن تجربتي معه ، فان طريقته كما ذكرنا أعلاه هي الأكثر فعالية ، ففي زياراتنا المتتالية لماليزيا أهتدى الكثير من الصينين والمسيحين والهندوك إلى الإسلام بدعوة الشيخ نعمة الله ، لدرجة أن الكثير منهم كان يعتب على المسلمين لماذا لم ندعوهم إلى الإسلام إن كان الدخول في الإســـلام سهلاً بهذه الطريقة ، ولقد حضرنا اجتماعا في لجماعة ( (out reach أحد فروع جمعية ABIN الشبابية في ماليزيا  والمتخصصة في دعوة غير المسلمين إلى الإسلام ، وأوضحنا لهم كيف استطعنا خلال اقامتنا شهرين في ماليزيا أن نهدي إلى الإسلام المئات ، فقالوا أنكم عملتم خلال الشهرين ما لم نعمله في سنين. وكانت نتيجة سماعهم لتجربتنا أن ازدادوا نشاطاً وأدخلوا الآلاف من غير المسلمين في الإسلام وهذا ما أخبرونا به خلال لقاء وفدهم بنا في اسطنبول بتاريخ 2 /6/ 2010 حيث قالوا إن الآلاف دحلوا في الإسلام من مختلف طبقات المجتمع، أساتذة ومسؤولين ومن عامة الناس.

 وفي مقالاتي المتتالية عن الشيخ نعمة الله أمثلة تظهر فعالية الطريقة التي علمنا إياها الشيخ في الدعوة الإسلامية. إن الخير موجود في الأمة والدعاة إلى الله مليء الأرض، ولست بكلامي هذا منتقصاً من أحد والكل على خير، وهذه بضاعة نسوقها للأمة للاستفادة منها (أولئك الذين اهتدوا فبهداهم اقتده)..

إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله..





التالي
الاتحاد يعزّي في وفاة الأستاذ محمد شكيب الرمال أحد مؤسسي العمل الإعلامي الإسلامي بالمغرب
السابق
الاتحاد يعزّي في وفاة الشيخ المحدث محمد يحيى الندوي البہاري عن عمر ناهز 92 عاما

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع