رمضان في كمبوديا.. إزدحام في دور العبادة وانتشار للدروس الدينية
يمثل المسلمون في كمبوديا نحو 5% من إجمالي عدد السكان البالغ قرابة 17 مليون نسمة، ورغم ذلك يتمتعون بتعايش وسلام، وفي شهر رمضان تقيم الحكومة بقيادة رئيس الوزراء هون سين إفطاراً رسمياً للمسلمين بحضور ضيوف من الخارج.
الإفطار الرسمي الذي نظمته حكومة كمبوديا هذا العام في الخامس من رمضان، حضره رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم، وممثل منظمة التعاون الإسلامي وغيرهما من الضيوف.
وفي تصريحات لـ«المجتمع»، قال الداعية عبدالله شفاعة، وهو مترجم من العربية للكمبودية، ومعلم بمدرسة الإحسان في حي جرنج جمريه في العاصمة بنوم بنه: إنه خلال إفطار هذا العام الذي نُظم في قاعة المؤتمرات الدولية، أشاد رئيس الوزراء الماليزي بالتسامح الذي تعيشه كمبوديا، وقال في كلمته خلال الإفطار الجماعي: إن كمبوديا تتميز عن دول في المنطقة تدين غالبية سكانها بالبوذية بالتعايش والمساواة بين مكونات شعبها.
وأوضح شفاعة أن رئيس الوزراء الكمبودي هون سين انتهز مناسبة الإفطار وكعادته في كل عام للإعلان عن تسهيلات جديدة للأقلية المسلمة.
وأشار إلى أن مسلمي كمبوديا يصومون إما وفق ثبوت رؤية الهلال محلياً أو تبعاً لماليزيا، وعن عادات رمضان يكشف أن الاحتفال بقدوم شهر الصيام يبدأ من نصف شعبان، إذ يعد أهالي القرى ولائم ويدعون الناس إليها ابتهاجاً بقرب قدوم رمضان.
ومن مظاهر الإفطار التقليدي في كمبوديا أن أهالي الحي يفرشون الحصير على طريق الحي قبل المغرب، وكل بيت يأتي بما لديهم من طعام، أو يجهزون الطعام سوياً ويفطرون معاً أمام البيوت، كما تنتشر الإفطارات الجماعية بالمساجد لكنها في الغالب تعتمد على المساعدات.
وأوضح شفاعة أنه في شهر رمضان تزدحم المساجد والمصليات بالمصلين في صلاة التراويح في المدن والقرى، وفي بعض البيوت تقام صلاة الجماعة للنساء، كما يزيد انتشار الدروس الدينية عبر منصات التواصل الاجتماعية باللغة الكمبودية.
وكذلك من مظاهر شهر رمضان أنه يتم تنظيم إفطار جماعي للمسلمين في بيت مفتي كمبوديا الحاج قمر الدين بن الحاج يوسف، بحضور رئيس المنطقة غير المسلم وأعضاء من مجلس النواب.
ومن العادات العجيبة أيضاً، بحسب شفاعة، أن بعض المحسنين يجهزون وجبات إفطار للسجناء المسلمين الذين يبلغ عددهم تقريبا 240 شخصاً، ولديهم مسجد في السجن، ويشاركهم في الإفطار السجناء من غير المسلمين أيضاً.
وتكثر الأعمال الخيرية، ويتم توزيع الطرود الرمضانية على الأسر المسلمة في القرى والمحافظات من جهات ومنظمات وهيئات خيرية ومحلية وإسلامية.
يذكر أن المسلمين في كمبوديا يُعرفون بـ«تشام» نسبة إلى عرقيتهم ودولتهم السابقة «تشامبا» كانت في فيتنام حالياً، وقد عانوا كغيرهم من بقية الشعب الكمبودي، لكنهم كانوا الأكثر تضرراً خلال الحرب الأهلية في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين التي أعقبها سيطرة الخمير الحمر الذين كانوا شيوعيين متطرفين.
وتحت حكم الخمير الحمر (1975 – 1979)، تعرض المسلمون تحت حكمهم للإبادة بقتل نحو 300 ألف منهم، وتعرض الباقون للتعذيب والتشريد، وجرى هدم وتخريب مساجدهم، وحُولت بعضها إلى حظائر، وهُدمت المدارس ومُنع المسلمون من ممارسة شعائرهم، وفي عام 1977 قُتل حوالي 5 آلاف مسلم في قرية «قـَهْ بُل» على أيدي الخمير الحمر.
المصدر: مجلة المجتمع