البحث

التفاصيل

حكم الاحتفال بالمولد النبوي: بين الفضيلة والجدل؟ | يجيب د. فضل مراد (فيديو)

الرابط المختصر :

حكم الاحتفال بالمولد النبوي: بين الفضيلة والجدل؟ | يجيب د. فضل مراد (فيديو)

 

بمناسبة حلول ذكرى المولد النبوي الشريف الذي يصادف يوم 12 ربيع الأول من كل عام هجري، تدور في الأذهان أسئلة عدى عن مدى مشروعية الاحتفال به، وماهي مظاهر الفرحة التي يجب إظهارها، وهل من أعمال مستحبة القيام بهذه الذكرى الشريفة.

المكتب الإعلامي للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، قدم سؤالاً عن حكم الاحتفال بالمولد النبوي: بين الفضيلة والجدل؟، لفضيلة الشيخ الدكتور فضل مراد المقرر العام للجنة الاجتهاد والفتوى بالاتحاد، وأستاذ الفقه والقضايا المعاصرة بجامعة قطر.

فأجاب عنها مشكوراً ومأجوراً برسالة صوتية، تم تفريغها بشكل كامل.

الجواب:

السلام عليكم ورحمه الله تعالى وبركاته،،

بالنسبة للاحتفال بالمولد النبوي الشريف، على صاحبه أفضل الصلاة وأزكى التسليم.. فهو مسألة خلافية اجتهادية قديمة، وقد انقضى عهد الصحابة رضوان الله تعالى عليهم من أولهم إلى آخرهم ولم يحتفلوا بذلك، وانقضى عصر التابعين، وانقضى عصر أتباع التابعين، وجاء الأئمة الأربعة الظاهرية وكذلك لم يثبت عنهم اي احتفال.

وانقضت هذه العصور والنبي ﷺ، يقول: (خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم)، فخير القرون لم يثبت عنهم أي احتفال، وخير الهدى هدى النبي ﷺ، وسنة أصحابه، قال ﷺ: (عليكم بسُنَّتي وسُنَّةِ الخُلَفاءِ الرَّاشِدينَ المَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عليها بالنَّواجِذِ...). ولم يثبت أنهم سنّوا ذلك ولا عملوه ولا أمروا به ولا حدثّ في عصرهم ذلك.

فهذا الاتجاه الأول أخذ بهذه الأدلة، وأن المسائل التي هي تعبدية محضة أو قريبة من التعبُّد لابد فيها من الاتباع، ومعلوم أن المولد المقصود بالاحتفال والفرح بمولد النبي ﷺ، وما يحصل فيها من ذكر الله عز وجل، ومن الفرح ومن السرور، وما يحصل فيها من ذكر الله عز وجل له،

وذكر الله عبادة، فتخصيص يومٍ معينٍ لهذه العبادة من السنة بدعوى معينة لم تأتي في زمن رسول الله ﷺ ولم يفعلها، ولم يفعلها أصحابه، هو نوع من الابتداع، هذا هو الرأي الأول الذي ذهب إلى أن "المولد جملة وتفصيلا من البدع المخالفة".

الراي الثاني: ذهب لأنه يوفيه تفصيل،

أولاً: لا يجوز أن يُعتقد أنه <عيد من أعياد المسلمين>، وأن يُشبّه بعيدٍ من أعياد المسلمين، لأن الأمة الإسلامية ليس لها إلا عيد واحد وعيد ثانِ،

العيد الأول هو عيد الفطر، والعيد الثاني هو عيد الأضحى، فهذاني العيداني هم الشرعيّان، ولا يُقاس عليهما ولا يُتخذوا شيءٌ من الأعياد (ديانة) قياسا عليهما.

لأن القياس يحتاج إلى معقولية المعنى، ولا معقولية لمعنى العيدين -لمعنى تخصيص العاشر من ذي الحجة والأول من شوال- ليس هناك معنى معقول ومعروف في علم أصول الفقه أن العلة من شروطها أن تكون ظاهرة منضبطة مناسبة، والمناسبة معناها؛ أن تكون معقولة المعنى وليست تعبدية فــ"التعبدي" لا يجوز أن يُقاس عليه كعدد الجلد وكذلك كعدد الصلوات وعدد الطوافات والوقوف بعرفة، فهذه أمور ليست معقولة المعنى فلا يقاس عليها-،،

فإذن لا يُقاس على العيدين، فمن ظن أن "المولد النبوي" على صاحبه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، يُداني أو يساوي أو يُقاس على العيدين فهو مخطئ ومبتدع لا شك في ذلك، فهذه المسألة محل اتفاق بين أهل العلم..

التفصيل الآخر؛ إنّ كان فيه الذكرُ لله عزوجل، وتذكيرٌ بسنة رسول الله ﷺ، بدون غُلُوٍ ولا فُحشٍ ولا اختلاطٍ بين الرجال والنساء ولا نهبٍ ولا سلبٍ لأموال الناس باسم المولد [كما تعمل بعض الفرق لبعض الدول؛ يجبرون الناس على الإضاءة الخضراء، ويجبرونهم على التزيين، ويجبون جبايات واسعة، فهذا من السُحتِ، وهذا من المحرم لا يجوز]،،

لكن إن خلى عن كل ذلك وانبرى عالم من العلماء أو داعية من الدعاة لتذكير الناس في المولد بشيء من الذكر، وبشيء من سيرته ﷺ، فرأى جماعات من أهل العلم، أن هذه من الأمور المباحة، ولا يُقصد بها أنها عبادة خاصة مشروعة، وإنما يُقصد بها دخولها تحت أصول وكلياتٍ عامة، فهذا توسط بالنسبة لهذا القول..

وأما إذا خرج إلى السلب والنهب وإجبار الناس على شيء معين ونحو ذلك بأمر من السلطة أو بأمر من الدولة أو لفتاوى ونحو ذلك، فهو محرمٌ وسُحتٌ لا يجوز،،

وفي هذه الحالة: فالقول بمنعه والميل إلى بدعيته لما يرافقهُ من الظلمات الجاهلة هو الأقرب.

وهناك صورة أخرى فبعض الناس يلبس الجديد ويأكل الحلوى وغير ذلك، بدون أن يقول هذه عبادة من العبادات ولا يقيسها على أعياد أهل الإسلام فهل هذا أمر جائز أم لا؟

هذا من الأمور التي أرى أنها من المسكوت عنها، كأن يصنع الحلوى أو الغداء أو نحو ذلك في المولد لأهل بيته، فكما يُصنع في بعض البلدان،،

فالمباح يكون على عادته مباح، والمحرم إذا اختلط مع المباحات ومع ما يمكن أن يُقصد به التذكير بمولده ﷺ بغض النظر عن التاريخ متى، فهذا إذا اختلط بالحرام، فالمباح إذا اختلط بالحرام فهو حرام،،

ولكن إذا دار الأمر بينما ذكرنا من المباحات العادية جدا، وكذلك الذكر الحسن بدون بدعٍ من رقصٍ وتمايلٍ وخزعبلاتٍ وغيرها، فإن هذا يُفتى به.

فإذن المسالة الفتوى التنزيلية التفصيلية، فهناك بلدان يُفتى فيه بأن هذا بدعة، وبأن ما يُصنع في المولد بدعة من البدع، لما فيها من الاختلاط ومن الرقص ومن الخروج عن سنة السلف،،

وهناك بلدان يُقال أنه مباح لأنهم يذكرون الناس بالسيرة النبوية وبسنته ﷺ، ولو تعطروا أو أكلوا شيئاً من الحلوى أو وُزع شيء من الصدقات، فهذه من الأمور العادية،،

وهناك بلدان يتم فيها إجبار الناس على إنفاق الأموال وإجبار الناس على الزينة، فهذا محرمٌ،،

فإذن المسالة تنزيلية بحسب البلاد وبحسب الفعل.

والله تعالى أعلم وبارك الله تعالى فيكم.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* المصدر: المكتب الإعلامي للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين


: الأوسمة



التالي
الاتحاد يعزي العراق -شعبا ورئيسا وحكومة- في واقعة الحريق المأساوية ويعبر عن تضامنه وتعازيه مع الضحايا وأهاليهم
السابق
أرحنا بها يا بلال... كيف تكون صلاتنا راحة لقلوبنا وغداء لأرواحنا؟

مواضيع مرتبطة

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع