بُشرى خير لأبناء الأمة الإسلامية، والشعب البوسني والعلماء وطلبة العلم الناطقين باللغة البوسنية
تفسير القرآن الكريم باللغة البوسنية
لأول مرة، تُتَرجم معاني القرآن الكريم، وتُفسر أحكامه وأصوله من عالم بوسني مجتهد، ولتكون التجربة الأولى من نوعها، والتي قد تشكل مصدراً رئيسياً في تفسير القرآن الكريم التي لكل من يفهم اللغة البوسنية، والذين يتجاوز عددهم نحو أربعين مليون إنسان، وهذا العمل يمثل إبداعاً حضارياً، وإنسانياً عظيماً في تسهيل طريق الباحثين عن الهداية والنور، وطريق الحق، ومحاولة للإجابة عن الأسئلة الوجودية الكبرى التي احتواها التفسير.
هذا أول تفسير كامل للقرآن الكريم من عالم بوسنوي وهو أخي الشيخ الدكتور صفوت مصطفى خليلوفيتش Safvet Halilovic، وكان يعتمد المهتمين وطلبة العلم والمشايخ في بلاد البوسنة - قبل ذلك - على ترجمة لمختصرات علماء قدامى أو أجزاء من التفاسير لكتب الأحكام، ومنها مختصر تفسير ابن كثير والظلال وقصار السور وجزء عم، ولكن هذه المرة تخرج موسوعة متكاملة ونافعة من تأليف الشيخ البوسني الجليل الدكتور صفوت، ووفق المنهج التفسيري الأصلي، وأنا متخصص بذلك، وأُدرّس هذه المواد المتعلقة بعلوم القرآن وتفسيره.
منهج الشيخ صفوت في تفسير القرآن باللغة البوسنية
استغرق الشيخ صفوت خليلوفيتش Safvet Halilovic (جزاه الله خيراً) نحو أحد عشر عاماً في التفسير من رمضان 2013 وحتى رمضان 2024م، والشيخ صفوت من علماء الأزهر الشريف، ومن المنهج الأزهري الوسطي، وقد نال درجة الدكتوراه من كلية أصول الدين في علوم القرآن "تخصص التفسير"، ورسالته حول منهج أبي بكر الرازي في كتابه أحكام القرآن، وهو عمدة التفسير عند الأحناف. وينتمي لمدرسة الشيخ الإمام العلامة يوسف القرضاوي (رحمه الله) كما يذكر في حديثه، ويعد من علماء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين العاملين المجتهدين، وقد بذل في هذا العمل الضخم، بمشورة ودعم بعض الإخوة من زملائه والمشايخ الكرام جهداً كبيراً، حتى أتم هذه الموسوعة التأليفية في أربعة أجزاء، وقد أصدرته كلية التربية الإسلامية في جامعة زننيتسا، وهي جامعة عريقة بالبوسنة والهرسك ( Islamic Pedagogical Faculty, University of Zenica, Bosnia@Herzegovina)
اعتمد الشيخ صفوت خليلوفيتش Safvet Halilovic، منهجاً شمولياً في عمله، بني على أساس قراءة موسعة لأكثر المصادر التفسيرية قديمها وحديثها، حيث اعتمد على كتب وتصانيف وتفاسير العلماء الكبار، ومنهم الأوائل، كالطبري، وابن كثير، والقرطبي، والنسفي، والبغوي، والزمخشري والشوكاني وغيرهم.
والعلماء المعاصرون: أمثال تفسير الشيخ محمد رشيد رضا (تفسير المنار)، والشيخ مصطفى المراغي، والطاهر بن عاشور، والشيخ محمد متولي الشعراوي، والشيخ يوسف القرضاوي. فضلاً عن تفاسير الشيخ السعدي (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان)، و(التفسير الميسر)، و(المنتخب في تفسير القرآن) للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في مصر، وكتاب الشيخ سعيد حوى (الأساس في التفسير) و(المعين على تدبر القرآن الكريم) لمجد مكة، و(مختصر التفسير) للشيخ الصابوني، و(تفسير القرآن) لسيد قطب، وغيرها.
واعتمد الشيخ صفوت على استشارات مجموعة من العلماء والمشايخ، وكان له تواصل معي، ومن بين العلماء الذين استشارهم بشكل مستمر الشيخ أحمد الريسوني، ومحمد الحسن ولد الددو، وجاسر العودة، ومشهور فواز وهو رئيس المجلس الإسلامي للإفتاء في داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة (أم الفحم)، وعلماء في الهند والبوسنة وتركيا وغيرها.
وسار وفق منهج مبني على التفسير الموجز على قاعدة خير الكلام ما قل ودل، وهو ما زاد عليه المسؤولية وطول الزمن، فأحياناً كان يجلس في تفسير الآية الواحدة أو جزء منها أسابيع وشهوراً للوصول إلى المعنى المفهوم للكلمة أو الآية، ويقول: "كنت أسلك هذا المسلك، وأنا ابن المدرسة الوسطية، وتلميذ شيخنا يوسف القرضاوي (رحمه الله).
كلمة شكر وتقدير
هذا العمل أفرح قلبي، وجعل هذا اليوم المبارك "يوم الجمعة"، الذي وصلني فيه الخبر من الشيخ صفوت يوماً عظيماً فوق عظمته، وجعل عيناي تفيضان دمعاً؛ لأن لي فكرة سابقة عن مشروع الشيخ صفوت، وجهده الدؤوب في إنجاز هذا المشروع الحضاري والإنساني والعقائدي والفكري العظيم، ولأجل هذا أسأل الله أن يتقبل من الشيخ صفوت هذا العمل الجليل، وأن يبارك فيه، ويكتب له القبول والانتشار، وأن يجعله سبباً في هداية خلقه، ونفع البشرية منه، وأسأل الله أن يتقبل منه ومن العلماء الذين دعموه، ومن إخوانه الذين أعانوه في المراجعة والترجمة والتدقيق والتحرير والطباعة والنشر.
وإن مثل هذه المشاريع الجليلة العمالقة تستحق الإشادة والتشجيع لأنها مفاتيح للخير والدعوة إلى الله، وتبليغ رسالته، والعمل بما يرضيه إن شاء الله.
وأدعو بصفتي الأمين العام للاتحاد العالمي إخواني الأفاضل من الخطباء والعلماء وطلبة العلم والدعاة إلى الله والرجال العاملين في ميادين الخير، للاجتهاد أكثر في الدعوة إلى الله، وتعريف البشرية بعظمة هذا الدين، والقيم الإنسانية الرفيعة التي بشَّر بها الكتاب العزيز، وطبقها رسول العالمين النبي (صلى الله عليه وسلم) في دعوته، وسار عليها الخلفاء الراشدون، والصحابة الأطهار، وعلماء الأمة الميامين قديمهم وحديثهم.
وآخر دعوانا أن
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين
والحمد لله رب العالمين
كتبها الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
الشيخ الدكتور علي محمد الصلابي
الدوحة
15 ذو الحجة 1445ه/ 21 يونيو 2024م