إضاءات ومفاهيم قرآنية (2):
سورة البقرة "صفتها، وتسميتها، ونزولها،
وفضلها"
الكاتب: د. علي محمد الصلابي
الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء
المسلمين
سورة البقرة هي السورة الثانية في ترتيب سور
المصحف الشريف، وتأتي بعد سورة الفاتحة، وهي من السور المدنية، وتُعتبر من طوال
السّور، بل هي أطول سورة في القرآن الكريم على الإطلاق، والتي تتضمن آياتها العديد
من أحكام التشريع الإسلامي، وتعالج مجموعة ضخمة من النظم، والمبادئ، والتشريعات
الإسلاميّة المحكمة التي تنظّم المجتمع الإسلامي، ولذلك تنوعت أسباب نزولها، وفيها
أطول آية في القرآن، وهي آية الدَّين التي بيّنت أحكام الدَّين في الإسلام، وفيها
أعظم آية في كتاب الله "آية الكرسي".
وسورة البقرة؛ عدد آياتها مئتان وست وثمانون
آية، كما أنها أول سورة نزلت على رسول الله (عليه الصلاة والسلام) في المدينة
المنورة، حيث بدأ نزولها بعد الهجرة مباشرة، وانتهت آخر آية منها بعد عشرة أعوام
بعد الهجرة.
وسُميت سورة البقرة بهذا الاسم لذكرها معجزة
"بقرة بني إسرائيل"، وهي من المعجزات المدهشة والعجيبة لنبي الله ورسوله
موسى كليم الله (عليه السلام) في دعوته لبني إسرائيل لعبادة الله وتوحيده، حيث
قُتل أحد الأشخاص من بني إسرائيل، ولم يُعرف قاتله، فعُرض الأمر على سيدنا موسى (عليه
السلام) لعله يعرف القاتل بإلهام من الله سبحانه وتعالى، وأوحى الله تعالى إلى
موسى (عليه السلام) أن يأمر بني إسرائيل بذبح البقرة، وأن يضربوا الميت بأحد أجزاء
البقرة، فتعود إليه الحياة بأمرٍ من الله تعالى، ويُخبرهم عن الشخص الذي قتله،
لتكون هذه معجزة على قدرة الله تعالى الذي يحيي الخلق بعد موتهم.
وتسمّى سورة البقرة أيضًا "بفسطاط
القرآن" أيّ خيمة القرآن، وقد سمّاها الرسول ﷺ هي وسورة آل عمران بالزهراوين.
ومما
جاء في من الأحاديث النبوية في سورة البقرة:
تُعتبر
سورة البقرة مصدرًا كبيرًا للبركة في البيت وفي الحياة اليومية. وقد قال
رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "اقرأوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة وتركها
حسرة، ولا تستطيعها البطلة" (رواه مسلم). البطلة تعني السحرة. وفيها آية الكرسي، وهي من أعظم الآيات في كتاب الله عز وجل، وقد قال
النبي (صلّى الله عليه وسلّم): "مَن قرأَ آيةَ الكرسيِّ دبُرَ كلِّ صلاةٍ
مَكْتوبةٍ، لمّ يمنَعهُ مِن دخولِ الجنَّةِ، إلَّا الموتُ".
وإن
قراءة سورة البقرة سببًا في طرد الشياطين من البيوت، إذ قال النبي (صلى الله عليه
وسلم): "لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تُقرأ فيه
سورة البقرة" (رواه مسلم).
وفي
صحيح ابن حبان والحاكم وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن لكل شيء سناما وإن
سنام القرآن سورة البقرة، من قرأها في بيته ليلاً لم يدخل الشيطان بيته ثلاث ليالٍ. صححه الحاكم وحسنه الألباني.
وإن
سورة البقرة تشفع لصاحبها يوم القيامة، فعن أبي أمامة الباهلي (رضي الله عنه) أن
النبي ﷺ قال: «اقرءوا القرآن فإنه
يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه، اقرءوا الزهراوين: سورة البقرة وسورة آل عمران
فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غَيَايَتان أو فِرْقَانَ مِنْ طَيْرِ
صَوَافَ تحاجان عن صاحبهما، اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا
تستطيعها البطلة» (رواه مسلم).
المراجع:
1.
أبو
القاسم الكرماني، غرائب التفسير وعجائب التأويل، جدة: دار القبلة للثقافة الإسلامية،
صفحة 107، جزء 1.
2.
أول
مرة أتدبر القرآن، عادل محمد خليل، (الناشر: شركة إس بي - الكويت)، الطبعة: 1438
هـ/ 2017م، ص. ص26 ــ 35.
3.
سليمان
اللهيميد، تفسير القرآن الكريم، ص 39.
4.
محمد
أبو زهرة، المعجزة الكبرى القرآن، ص 134.
5.
محمد
الأمين الهرري (2001)، تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (الطبعة الأولى)،
بيروت: دار طوق النجاة، ج1/ ص 99-102.