مجلس علماء العراق ينظم ملتقى الدعاة الشباب لتعزيز
دورهم في الدعوة وتنسيق الجهود بين المؤسسات
"سواعد الشباب.. نهضة وبناء"
في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه الأمة الإسلامية في العصر الحالي، بات
من الضروري تعزيز دور الشباب كركيزة أساسية في النهوض بالأمة الإسلامية وتوجيه
المجتمع نحو المسار الصحيح المستند إلى القيم الإسلامية الأصيلة.
ومن هذا المنطلق، نظم مجلس علماء العراق ملتقى الدعاة الشباب في بغداد
بتاريخ 19 أغسطس 2024، تحت شعار "سواعد الشباب.. نهضة وبناء"، بهدف
تعزيز دور الشباب في الدعوة إلى الله وتوحيد الجهود الدعوية بين مختلف المؤسسات
والمجموعات الشبابية التي تتقاسم الأهداف نفسها.
أهمية الملتقى في تعزيز العمل الدعوي
لا يُعد تنظيم هذا الملتقى من قبل مجلس علماء العراق حدثاً عابراً، بل هو
جزء من استراتيجية شاملة تهدف إلى تعزيز دور الشباب في مجال الدعوة وتوحيد الجهود
بين المؤسسات الشرعية والفرق الشبابية المهتمة بهذا المجال. يسعى الملتقى إلى
توفير منصة حوارية مفتوحة للشباب، تتيح لهم تبادل الأفكار والخبرات والعمل معاً
على تطوير وسائل الدعوة بما يتناسب مع التحديات التي تواجه المجتمع الإسلامي.
افتتح الدكتور صلاح النعيمي، ممثل الأمانة العامة في المجلس، الملتقى بكلمة
أكد فيها على أهمية توحيد جهود الشباب في دعم مسيرة الدعوة الإسلامية. وأشار إلى
أن التحديات الراهنة التي تواجه الأمة تتطلب تعاونًا فعّالًا وتنسيقًا محكمًا بين
الشباب والمؤسسات الدعوية لتحقيق الأهداف المشتركة. كما أكد أن هذا الملتقى يمثل
فرصة فريدة لتجميع الطاقات وتوجيهها نحو تحقيق أهداف واضحة تخدم الدعوة الإسلامية
بشكل أفضل.
الجلسات النقاشية: تبادل الأفكار وبناء
استراتيجيات فعّالة
تضمن الملتقى ثلاث جلسات رئيسية، تناولت كل واحدة منها جانبًا مهمًا من
جوانب العمل الدعوي. افتتح الدكتور محمد فيصل الجميلي، مسؤول القسم الدعوي
بالمجلس، الجلسات بكلمة تناول فيها أهمية استغلال الوسائل الحديثة، مثل وسائل
التواصل الاجتماعي والأنشطة الميدانية، لجذب الشباب نحو القيم الإسلامية. وركز على
التحديات التي تواجه الدعاة اليوم، بما في ذلك التحديات الثقافية والإعلامية، وكيف
يمكن للشباب تجاوز هذه العقبات باستخدام وسائل مبتكرة ومتكاملة تنسجم مع توجهات
الجمهور الإسلامي وتلبي احتياجاته.
من جانبه، تحدث المهندس الشيخ حازم الفلاحي، رئيس فرع الكرخ للمجلس، عن
أهمية التعاون والتنسيق بين الفرق الشبابية والمؤسسات الدعوية، مشيرًا إلى أن
العمل الفردي في مجال الدعوة لم يعد كافيًا في ظل التحديات الحالية. وشدد على أن
التعاون المشترك هو السبيل الوحيد لتحقيق الأهداف الكبرى، مقدماً أمثلة على حملات
دعوية ناجحة نتجت عن التعاون بين الفرق المختلفة، مما ساهم في تعزيز الرسالة
الإسلامية في المجتمع.
أما الدكتور عبد الكريم العاني، عضو الأمانة العامة في المجلس، فقد تولى
تقديم تقرير مفصل عن النقاشات التي دارت في الجلسات السابقة. تضمن التقرير توصيات
عملية لتعزيز العمل الدعوي بين الشباب، مع التركيز على ضرورة المتابعة الدائمة
لهذه التوصيات لضمان استمرارية وفعالية العمل الدعوي على المدى الطويل.
مشاركة واسعة وتفاعل إيجابي: مؤشر على
اهتمام الشباب
شهد الملتقى حضورًا واسعًا وتفاعلًا إيجابيًا، حيث تمت دعوة 67 فريقًا
ومؤسسة دعوية من بغداد، ضمت العشرات من الشباب. يعكس هذا العدد الكبير من
المشاركين مدى الاهتمام الذي يحظى به الملتقى بين الشباب والمؤسسات الدعوية في
بغداد. تميزت النقاشات بالعمق والجدية، حيث تم تبادل الأفكار والتجارب بين
المشاركين، مما أسفر عن بلورة رؤى جديدة ومقترحات عملية لتعزيز التعاون بين الفرق
الشبابية المهتمة بميدان الدعوة الإسلامية.
أحد أبرز النقاط التي نوقشت كانت كيفية استغلال وسائل الإعلام الحديثة في
نشر الدعوة الإسلامية. وأُكِّد أن الشباب اليوم يعتمدون إلى حد بعيد على وسائل
التواصل الاجتماعي للحصول على المعلومات والتواصل مع الآخرين. لذا، أصبح من
الضروري أن يكون للفرق الدعوية حضور قوي ومؤثر على هذه المنصات، لتقديم محتوى
إسلامي يعكس قيم الدين الحنيف بطريقة جذابة ومؤثرة.
كما ناقش المشاركون أهمية الأنشطة الميدانية مثل المخيمات الدعوية
والفعاليات الجماهيرية التي تسهم في نشر الدعوة على نحو مباشر بين الناس. هذه
الأنشطة تُعتبر فرصة كبيرة للشباب للتفاعل مع المجتمع وتقديم الدعوة بصورة عملية
وتطبيقية تلمس حياة الناس اليومية.
التحديات والفرص: نحو تعزيز التعاون في
العمل الدعوي
تواجه العمل الدعوي في العراق اليوم تحديات عديدة، لا يمكن التغلب عليها
إلا من خلال التعاون المشترك والتنسيق الفعّال بين الفرق الشبابية والمؤسسات
الدعوية. من بين هذه التحديات، التأثير السلبي لبعض الوسائل الإعلامية التي تروج
لأفكار تتعارض مع القيم الإسلامية، بالإضافة إلى التحديات الاقتصادية والاجتماعية
التي تواجه الشباب، والتي قد تحد من قدرتهم على المشاركة الفعالة في العمل الدعوي.
ومع ذلك، يمكن تحويل هذه التحديات إلى فرص إذا اُسْتُغِلَّت بشكل صحيح.
فالاهتمام المتزايد من الشباب بالوسائل الحديثة مثل وسائل التواصل الاجتماعي يمكن
أن يُستخدم لنشر الدعوة بطريقة مبتكرة وجذابة. كما أن العمل الميداني، إذا نُظِّم
بشكل جيد، يمكن أن يسهم في تعزيز الروابط الاجتماعية بين الشباب والمجتمع، ويجعل
الدعوة جزءًا مهماً من حياتهم اليومية.
الشباب: ركيزة أساسية في نهضة الأمة
جاء هذا الملتقى تحت شعار "الشباب: ركيزة أساسية في نهضة الأمة"،
ليؤكد أن الشباب هم العمود الفقري لبناء مستقبل الأمة ونهضتها. إذ يمثل الشباب
الطاقة المتجددة التي يمكنها دفع المجتمع نحو التقدم والازدهار. ومن خلال توجيه
هذه الطاقة نحو الدعوة إلى الله، يمكن إحداث تحول نوعي في العمل الدعوي في العراق.
رغم التحديات الكثيرة التي يواجهها الشباب اليوم، فإنهم يمتلكون فرصًا
كبيرة يمكن استغلالها لتطوير وسائل وأساليب الدعوة. ومن خلال مبادرات مثل هذا
الملتقى، يمكن توجيه هذه الفرص لتحقيق أهداف أكبر وأكثر تأثيرًا على المجتمع.
آفاق المستقبل: نحو تعاون أكبر واستمرارية
أفضل
يُعتبر النجاح الذي حققه ملتقى الدعاة الشباب نقطة انطلاق نحو مزيد من
التعاون والتنسيق بين المؤسسات والفرق الشبابية. فالتحديات التي تواجه المجتمع
الإسلامي اليوم تتطلب تضافر الجهود وتوحيد الصفوف لمواجهتها. ويجب أن يكون هذا
الملتقى بداية لسلسلة من اللقاءات والفعاليات التي تهدف إلى تعزيز دور الشباب في
الدعوة، وتمكينهم من الأدوات والوسائل التي تمكنهم من أداء دورهم بفعالية وكفاءة
عالية.
يعتمد مستقبل العمل الدعوي إلى حد بعيد على مدى قدرة الشباب على الابتكار
والتجديد في وسائل الدعوة. ومن الضروري أن يتابع المجلس والمؤسسات المشاركة تنفيذ
التوصيات التي تمخضت عن الملتقى، لضمان استمرارية العمل الدعوي وتطويره بما يتماشى
مع احتياجات المجتمع.
نتائج الملتقى وتوصياته: خارطة الطريق
لمستقبل العمل الدعوي في العراق
اختتم الملتقى بمجموعة من التوصيات العملية التي تهدف إلى تعزيز دور الشباب
في الدعوة وتطوير العمل الدعوي في العراق. من بين هذه التوصيات، أُكِّد ضرورة
تكثيف الجهود لتوحيد الصفوف بين الفرق الشبابية وتعزيز التعاون بين المؤسسات
الدعوية لتحقيق الأهداف المتفق عليها. كما شُدِّد على أهمية الاستمرار في تنظيم
مثل هذه الملتقيات بصفة دورية لضمان متابعة تنفيذ التوصيات وتعزيز التواصل بين
الفرق والمؤسسات الدعوية.
وُزِّعَت شهادات مشاركة على الحضور تقديرًا لإسهاماتهم في إنجاح هذا الحدث
المهم. وقد أعرب المشاركون عن شكرهم لمجلس علماء العراق على استضافته للملتقى،
الذي يمثل خطوة مهمة نحو تفعيل دور الشباب في العمل الدعوي. كما أكدوا ضرورة
الاستمرار في تنظيم مثل هذه الفعاليات التي تسهم في توجيه طاقات الشباب نحو خدمة
الدين والمجتمع.
الخلاصة: نحو مستقبل واعد للعمل الدعوي
في آخر المطاف، يمكن القول إن ملتقى الدعاة الشباب الذي نظمه مجلس علماء
العراق يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق نهضة شاملة في العمل الدعوي في العراق. ومع
استمرار هذه الجهود وتكثيفها، يمكن أن نشهد مستقبلًا واعدًا يسهم في بناء مجتمع
إسلامي قوي ومتماسك. فالشباب هم سواعد الأمة التي تبني وتعمر، ومن خلال توجيه هذه
السواعد نحو الدعوة إلى الله، يمكن تحقيق نقلة نوعية في المجتمع تسهم في نهضته
وبناء مستقبل أفضل. لذا، يجب على الجميع دعم مثل هذه المبادرات والمشاركة فيها
لتحقيق أكبر قدر من الأهداف التي تخدم ديننا الإسلامي العظيم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: أعد التقرير مشكورًا الكاتب والصحفي العراقي الدكتور سعد الحلبوسي.