البحث

التفاصيل

الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يعلن عن دورة تكوينية حول "أحكام الشريعة بين الثابت والمتغير" ودورها في الانبعاث الحضاري

الرابط المختصر :

                                           بسم الله الرحمن الرحيم

الاتحاد العلمي لعلماء المسلمين                                 لجنة الثوابت والفكر الإسلامي


إعلان عن دورة تكوينية في موضوع:

"أحكام الشريعة بين الثابت والمتغير" ودورها في الانبعاث الحضاري

أرضية الدورة

      إن منطق الأشياء يؤكد أن التدين ضرورة لا غنى للإنسان عنها، فهي فطرته التي فطر عليها  وصبغته التي اصطبغ بها،  قال تعالى: "وأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطرة الناس"، (الروم/30) وقال عز من قائل: "صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة،"(البقرة/138) وقد فُسِّر الدين بالصبغة، والالتزام بشعائر الدين الصحيح هو استقامة على الطريق السوي، قال تعالى :" إنك على هدى مستقيم"،(الحج/65)  فبالدين تُصحح العقائد، وبه تُرشد الشرائع و تُهذب السلوك وتُنمى الأخلاق، ولذلك فالدين الحق هو ما كان تنزيلا من رب العالمين الذي لا يضل سبحانه وتعالى ولا ينسى، يقول الدكتور عبد الله دراز :" الدين وضع إلهي، سائق لذوي العقول السليمة، باختيارهم، إلى الصلاح  في الحال،  والفلاح في المآل. "([1] )

     والدين بعقائده وشرائعه هو تعاليم تتوزع ما بين نص قطعي و حكم ثابت لا يقبل النسخ  أجمع عليه وعلم من الدين بالضرورة، و آخر متغير خادم ومُكَمِّل له، ومع التسليم بهذه الحقيقة فإن سؤال إمكانية خرق قاعدة الثبات خاصية  القسم الأول وتغييره لظروف طارئة أو أسباب معينة وارد لاعتبارات مختلفة،  قد يكون مراعاةً للمصلحة أو أخذا بمقتضيات السياسة الشرعية أو استحضارا لعوائد سائدة ...، وبخاصة مع وجود تصرفات  صدرت من الثقات  المُصَدِّقِّين بهذا الدين غير المُشَككين في أصوله ولا الطاعنين في أحكامه شهدت بهذا الخرق، والنموذج فعل عمر رضي الله عنه الذي فرق بين الرجل و زوجته  لجمعه الطلاق بلفظ الثلاث،  ففي صحيح مسلم عن ابن عباس  رضي الله عنهما، قال:" كان الطلاقُ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وسنتين من خلافة عمرَ، طلاقُ الثَّلاثِ واحدةً، فقال عمرُ بنُ الخطاب: إنَّ الناسَ قد اسْتعجلوا في أَمرٍ قد كانت لهم فيه أَنَاةٌ فَلَوْ أَمْضَيْناهُ عليهم، فَأمْضاهُ عليهمْ."([2] )

     و اجتهاد عمر رضي الله عنه  أقره عليه الصحابة الكرام رضوان الله عليهم وانعقد عليه الاجماع، واحتمال أن يعود إلى مصلحة  ترجحت عنده، أو من إكراهات السياسة الشرعية انتهى إليها بعد النظر والمشورة، حيث قال رضي الله عنه :" قد بدا لي أن أنفذها فيهم" لتُحمل على العقوبات والزجر إذ تساهلوا في أمر كان لهم فيه سعة، حيث قال تعالى :" الطلاق مرتان"،  (البقرة/229 ) ليكون حفظا للنص من وجه آخر، ووارد أن يكون كما اختاره الإمام النووي في شرحه لحديث ابن عباس السابق من الإخبار:" عن اختلاف عادة الناس لا عن تغيير حكم،" ([3] ) و نظيره أيضا اجتهاده  رضي الله  عنه  في استثناء الأرض المفتوحة من الغنائم وهو من  منصوص عليه وغيره كثير .

      والمؤكد أن  تصرفات  عمر رضي الله عنه، لا يمكن أن تفسر بحال بأنها تغيير منصوص عليه و لا رد لحكم ثابت من صحابي جليل، و لكن السؤال الذي يثور هو، هل يجوز تحت أي اعتبار الاجتهاد مع ورود النص وخرق قاعدة الثبات لأحكام تم الإجماع عليها وهي مسألة تعتبر محسومة سلفا؟ وهل فتح هذا الباب في حال التسليم به مُفْض بالضرورة  إلى  تغيير الأحكام  الثابتة، أم هو حفظ  للنص  في ذاته  بغاية تجديد فهمه و نفي التعطيل عنه أو دفع تهمة الجمود في حقه،  تصديقا  لحكم  كمال الدين وتأكيدا لصفة  أبديته و صلاحيته  لكل زمان ومكان، قال الله تعالى :"اليوم أكملت لكم دينكم  وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا" (المائدة/3)

     إن موقف الجمهور من علماء الأمة أن العلاقة بين مبدأ الثابت و مبدأ المتغير في شريعة الإسلام هي علاقة المُكَمِّل بالمُكَمَّل  كما عبر عنه الإمام الشاطبي، ومع ذلك فقد جنح بعضهم إلى جعلها علاقة تقابل وتضاد، فكان أن انقسم الناس إلى فريقين كبيرين، فريق مال إلى تعطيل مبدأ التغيير وآخر نادى بإلغاء مبدأ الثبات.

          إن الصيحات الداعية إلى إعادة النظر في أحكام ثابتة تتخذ من  تصرفات عمر رضي الله عنه  و مثيلاتها  ذرائع للمطالبة بمراجعات المنصوص عليه قد أصبحت واقعا لا يرتفع،  وخطرها على نصوص الدين و على الانتماء الحضاري للأمة لا يمكن تجاهله، فهي تضغط بقوة في اتجاهات شتى لإلغاء أحكام علمت  من الدين بالضرورة و لتغيير هوية المجتمعات الإسلامية، والمثال دعوة بعضهم  إلى تغيير أحكام  الأسرة بإلغاء مبدأ  التعصيب في الفرائض أو قولهم بحلية زواج المسلمة من غير المسلم أو دعوتهم  إلى إلغاء حكم تعدد الزوجات إلى غير ذلك،  يقول الدكتور يوسف القرضاوي:" وقد استغل بعض المعاصرين – ممن لا يوقرون النصوص الشرعية و لا يقدرونها حق قدرها  من العلمانيين والمغتربين هذا الاجتهاد العمري كما استغلوا أمثاله ليصلوا من ورائه إلى مقولة خطيرة كل الخطر وهي جواز تعطيل النصوص القطعية بسبب المصالح الدنيوية، فإذا تعارض القطعي والمصلحة جمد النص وقدمت المصلحة".([4] )

    إن خطر الدعوات السابقة على النص القطعي و على هوية  الأمة  وانتمائها الحضاري كبير وكبير جدا، لَمَّا أنها تؤخذ بعين الاعتبار - مع الأسف الشديد -  في  سن القوانين في  المجتمعات المسلمة، فضلا عن كونها  تشكل مداخل للتضليل ووسائل  للتشكيك قطعية النصوص وثبوت الأحكام ، ومن ثمة فقد صار لزاما على علماء الأمة ومفكريها مواجهتها والتصدي لها براءة للذمة و أداءً لأمانة البيان. 

      فما هو قول علماء  الإسلام لهذه الدعوات؟ وما هي مجهوداتهم في تفسير اجتهادات عمر و في الكشف عن أسرارها وبيان حِكمها؟ و ما هي عُدتهم في مواجهة هذه التحديات؟ فهل مجرد التسفيه لها و تجاهلها  كاف  في حل المعضلة وتجاوز المشكل،  لنكون بذلك قد أدينا واجب حفظ  النص وانقاذ مجتمعاتنا بل و الإنسانية من التيه و الضلال كما يخطط له أعداء الدين ومن يقف وراءهم من لوبي الفساد؟ أم أن المسألة هي أعقد والتحدي أكبر و أننا نحتاج في ذلك  إلى مواقف أكثر جِدٍّيَة و إلى  اجتهادات أكثر جِدَّة  وإلى إجابات أكثر جَوْدَة.

   إن صفة الانتساب إلى الإسلام لفكر يُعْمِل النظر في  أصوله  ويتخذها منطلقات لإنتاج معرفة تجيب عن أسئلة المرحلة و تتصدى لتحدياتها تلزمه التحرك بثوابت الإسلام  ومعها ولأجلها، فشرط الوفاء للأصول والاتحاد معها في المقاصد معتبر في إسلامية هذا الفكر، ومن ثم فقد أصبح المفكر المسلم ومُجتهد الأمة اليوم مدعوا أكثر من أي وقت مضى إلى تحرير المسألة والتدقيق فيها، فهو مطالب بإعادة  رسم حَدِّ الثابت والمتغير بمنهج واضح وأسلوب دقيق، كما أنه مطالب بتعيين نقط الوصل و الفصل بينهما تأكيدا لقاعدة :"الشريعة لا اختلاف فيها"([5] )، و مطالب أيضا بالاجتهاد في اكتشاف الآليات التي اهتدى إليها عمر في التعامل مع المنصوص عليه،  بما نحفظ  به قطعية النص و نصون به ثبوت أحكامه من جهة و نتوسل به  في إنجازنا الحضاري  من جهة أخرى.

     تحد بهذا المستوى ومسؤولية بهذا الحجم لا يمكن أن يَفِي بها إلا المخلص من أتباع هذا الدين من المفكرين والمجتهدين من أهل الاختصاص، وكل تأخير للبيان عن وقت الحاجة فهو إيذان بانتهاك حرمة النص ومدخل للاعتداء على الحكم الثابت وتعطيل للوظيفة الحضارية للعقل المسلم ومهامه في صنع المُنْجَز الحضاري المأمول.

       ولأجل ذلك وغيره فإن لجنة "الثوابت والفكر الإسلامي" بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين تعتزم بحول من الله وقوته، عقد دورة تكوينية وورشة عمل عن الثوابت والمتغيرات وضرورتها في الانبعاث الحضاري للأمة مستحضرة في ذلك مكتسبات طوفان الأقصى المبارك، ورشة يقوم عليها ثلة من المتخصصين العاملين لدين الله المنافحين عن مستقبل البشرية، سائلين الله عن و جل التوفيق إلى الإجابة عن بعض أسئلة المرحلة، و الاهتداء إلى بعض الحلول المطلوبة، والتصدي لبعض التحديات المستجدة، والاستفادة من منجزات الطوفان.

والله ولي التوفيق وهو من وراء القصد.

                                                                    الدكتورة: نزيهة امعاريج

منسقة وحدة الثوابت والفكر الإسلامي

الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

أهداف الدورة:

-       1- التأكيد على ضرورة الثوابت في البناء الحضاري للأمة.

-       2- الاجتهاد في رسم حد جامع مانع للثوابت.

-       3- تعيين دائرة الثابت ودائرة المتغير وطبيعة العلاقة الجامعة بينهما.

-       4- استفزاز العقل المسلم للبحث عن آليات جديدة في التعامل مع الثوابت نحفظ بها النص ونجيب بها عن نوازل ونتصدى بها لتحديات.

-       5- حل إشكال التضاد المفتعل بين الثابت والمغير ضدا عن مبدأ التكامل.

-       6- التصدي لتحديات النيل من النص القطعي وزعزعة الحكم الثابت استنادا على نماذج من تراث الأمة.

-       7- استنهاض الفكر الإسلامي لصناعة بدائل في المجال تنطلق من الأصول تتحد مع المقاصد.

محاور الدورة التكوينية:

المحور الأول: الثوابت: المفهوم، الدواعي، الأبعاد:

-       الثوابت: مفهومها، أقسامها، أهميتها

-       البحث في الثوابت الدوافع والأسباب

-       البحث في الثوابت الأبعاد والمآلات

-       الثوابت من التأصيل العلمي إلى الثقافة العامة

المحور الثاني: مفاهيم مركزية في مجال الثوابت:

-       القطعيات

-       المحكمات

-       المعلوم من الدين بالضرورة

-       الإجماع

المحور الثالث: الثوابت والمتغيرات:

-       الوسائل والآليات

-       المحاذير والتحديات

-       نماذج علمية وعملية

 المحور الرابع: الخطاب بالثوابت رؤى متنوعة:

-       رؤى شرعية

-       رؤى فكرية حضارية

-       رؤى اجتماعية

-       رؤى إعلامية

-       رؤى قانونية ودستورية

-       رؤى قيمة أخلاقية تربوية

تاريخ الدورة: يومي السبت والأحد 23/24 نونبر 2024.

مكان انعقاد الدورة: دولة تركيا

الصيغة: حضوريا

عنوان الاتصال: [email protected]

رقم الهاتف عبر الوات ساب21267204973100

عدد المقاعد محدودة.

 

ملحوظة: تقدم أعمال الدورة مجانا، وتتكلف الجهة المنظمة خلال يومي الدورة بتوفير الإعاشة للقادمين من داخل تركيا، والإعاشة مع الإقامة للقادمين من خارج تركيا.



) – الدين بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان، ص، 33، ط دار القلم.[1](

) – صحيح مسلم، كتاب الطلاق، باب طلاق الثلاث، حديث رقم، 2781.[2](

) – شرح النووي على مسلم، كتاب الطلاق، باب طلاق الثلاث، حديث رقم، 1472.[3](

) - السياسة الشرعية في ضوء نصوص الشريعة ومقاصدها، ص 189 /199، ط، 2011، مكتبة وهبة. [4](

) – الموافقات في أصول الشريعة، أبو اسحاق الشاطبي، تحقيق عبد الله دراز، 4/86، ط، 2011، دار الكتب العلمية . [5](


: الأوسمة



التالي
وترجَّل الفارس.. الراشد
السابق
الاتحاد يعزي الأمة الإسلامية والعراق في وفاة الداعية والمربي الفاضل محمد أحمد الراشد، الذي وافته المنية صباح اليوم الثلاثاء في ماليزيا

مواضيع مرتبطة

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع