بسم
الله الرحمن الرحيم
النبي صلى الله عليه وسلم زوجا
الكاتب: البروفيسور محمد دمان ذبيح
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
الحمد
لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين ثم أما بعد..
إن الحروف والكلمات تقف
عاجزة عند الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهو الوحيد الذي أقسم به المولى عز
وجل في كتابه: {لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون} [الحجر 72]، ويقول عن نفسه
بأبي أنت وأمي يا رسول الله: "أنا سيدُ ولدِ آدمَ ولا فخر".
ومما يدل على عظمته صلى
الله عليه وسلم أنه القدوة، والصورة المشرقة لجميع الشخصيات التي ترتقي بالإنسان
وتشرفه ، فهو الإمام الصالح، القائد الصالح، الأب الصالح، الابن الصالح، الجار
الصالح، الزوج وهكذا …قال تعالى :{ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان
يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا}[الأحزاب21].
ومن هذا المنطلق ، ومن خلال هذه السطور
المتواضعة سأحاول بإذن الله تعالى أن أتحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم من زاوية
الزوج الصالح، هذه الزاوية التي نحن بحاجة ماسة إليها اليوم ،ذلك لأن صلاح هذه
الزاوية معناه صلاح الأسر،،واستقرار المجتمعات على مستوى جميع الأصعدة.
لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجاته
رحيما، حنونا، عطوفا، ورفيقا، فقد كان تطبيقا عمليا لقوله تعالى: {
وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوف } [ النساء 19]، وكيف لا يكون كذلك وهو القائل:
" خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي".
وفيما يلي بعض النماذج التي تدل على هذه
الخيرية ، وعلى هذه العشرة الراقية منطقا ، وفكرا ، وسلوكا:
- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلَّى الصبح جلس في مصلَّاه، وجلس الناس حوله
حتى تطلع الشمس، ثم دخل على نسائه امرأةً امرأةً، يسلِّم عليهنَّ، ويدعو لهن، فإذا
كان يوم إحداهن جلس عندها"
، أما في المساء فتقول أمنا عائشة رضي الله عنها وعن أبيها : "كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من العصر دخل على نسائه، فيدنو من
إحداهن"
أي: فيقبِّل ويباشر من غير جِماع، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
"الذي كان يقع في أوَّل النهار سلام ودعاء محض، والذي في آخره معه جلوس
واستئناس ومحادثة"
، أما في الليل فكما ذكرت كتب السيرة
فقذ كان النبي صلى الله عليه وسلم يحدث زوجاته، ويؤانسهن، ويأكل معهن ،
بطريقة تشعر معها كل واحدة منهن بسعادة لا توصف، وبراحة منقطعة النظير.
- ومما
ثبت في كتب السيرة أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يضرب زوجة أو يحتقرها ، أو يهينها، قالت أمنا عائشة رضي الله
عنها وعن أبيها: " ما رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ضرب خادمًا له
قط، ولا امرأةً له قط، ولا ضرب بيده شيئًا قط."
- وهذه أمنا عائشة رضي الله عنها وعن أبيها
كانت مع رسولِ اللهِ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - في سَفَرٍ ، قالت : فسابقتُه
فسبَقْتُه على رِجْلَيَّ ، فلما حَمَلْتُ اللحمَ ؛ سابقتُه فسَبَقَني ، فقال : هذه
بتِلِكَ السَّبْقَةِ.
- وهذه أم المؤمنين صفيَّة رضي الله عنها
كانت معه صلى الله عليه وسلم في سفر، فأبطأت في المسير، فاستقبلها رسول الله صلى
الله عليه وسلم وهي تَبكي وتقول: "حمَلتَني على بعير بطيء، فجعل رسول الله
صلى الله عليه وسلم يَمسح بيديه عينيها ويسكتها."
- سئلت أمنا عائشة رضي الله عنها وعن
أبيها: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ فقالت: "كان يكون
في مهنة أهله -تعني خدمة أهله - فإذا حضرَت الصلاة، خرج إلى الصلاة".
- وتقول أيضا في موضع آخر : تقول رضي الله عنها: "كنتُ أشرب
وأنا حائض، ثمَّ أناوله النَّبي صلى الله عليه وسلم، فيضع فاه على موضع فِيَّ
فيشرب، وأتعرَّق العَرْقَ وأنا
حائض، ثم أناوله النَّبي صلى الله عليه وسلم، فيضع فاه على موضع فيَّ.
- يقول أنس بن مالك رضي الله عنه: بلَغ
صفيَّةَ أن حفصة قالت: بنت يهودي، فبكَت، فدخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم وهي
تبكي، فقال: ما يبكيكِ؟ ، فقالت: قالت لي حفصة: إني بنت يهودي، فقال النبي صلى
الله عليه وسلم: إنَّك لابنة نَبي، وإن
عمَّك لنبيٌّ، وإنك لتحت نبيٍّ، ففيمَ تفخر عليك؟ ، ثم قال: اتَّقي الله يا حفصة.
- إنَّ عمرو بن العاص سأل النبيَّ صلى الله
عليه وسلم: أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة، قلت: من الرجال؟ قال: أبوها،
قلت: ثمَّ من؟ قال: عمر، فعدَّ رجالًا، فسكتُّ مخافة أن يجعلني في آخرهم.
وختاما
أقول: هذه بعض الصور الرائعة من سيرته العطرة، فهكذا
كان النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجاته ، حسن العشرة قولا وعملا ، وما أحوج الأزواج اليوم إلى هذه
المعاملة الطيبة، والبعيدة كل البعد عن لغة القهر ، والعنف، والظلم للزوجات ، ولا
تنس أخي الزوج أبدا أن حسن معاملتك لزوجتك من حسن أخلاقك ، ومن حسن فهمك لهذا
الدين ، فهل اتخذت قرارا لتتغير الآن؟.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*
البروفيسور محمد دمان ذبيح: عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين. جامعة محمد
العربي بن مهيدي أم البواقي - الجزائر.
*
ملحوظة: جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي
الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.