رئيسة المجلس
الإسلامي في بريطانيا: المسلمون يمثلون قوة فريدة في الحفاظ على هويتهم الدينية
أكدت زارا محمد رئيسة المجلس
الإسلامي في المملكة المتحدة، أن المسلمين البريطانيين يتمتعون بقدرة فريدة على
الحفاظ على هويتهم الدينية، حيث يعتبرون من الأقوى في التعبير عن عقيدتهم في شتى
مجالات الحياة.
وفي ظهورها في برنامج
"المقابلة" عبر منصة الجزيرة 360، تحدثت زارا عن تجربتها في تولي رئاسة
المجلس، حيث تعد أول امرأة وأصغر شخص يتولى قيادة أكبر تجمع للهيئات المسلمة في
المملكة المتحدة.
وأشارت زارا إلى أن وجود
المسلمين بشكل قوي في بريطانيا يعكس تماسكهم كجماعة أقلية، رغم التحديات المتمثلة
في الإسلاموفوبيا والتمييز المؤسسي.
وأكدت على التزام المسلمين
بتعاليم دينهم في حياتهم اليومية، مما يعكس تحديهم للصور النمطية والضغوط
المجتمعية.
وأضافت زارا أنها تشعر
بالفخر لكونها بريطانية ومسلمة، حيث تتيح لها البيئة في المملكة المتحدة الالتزام
بعقيدتها بشكل فعّال.
وأوضحت أن الأنظمة الموجودة
في البلاد تدعم القيام بأعمال خيرية تتماشى مع المبادئ الأخلاقية التي ترغب في
رؤيتها على مستوى العالم.
وتولت زارا محمد رئاسة
المجلس الإسلامي في عام 2021، وهي في سن 29 عامًا.
وُلدت في غلاسكو لعائلة من
أصول باكستانية، وحصلت على شهادة في القانون والسياسة، بالإضافة إلى درجة
الماجستير في حقوق الإنسان، مما ساهم بشكل كبير في تعزيز جهودها للدفاع عن حقوق
المسلمين في المملكة المتحدة.
الإسلاموفوبيا:
التحدي الأكبر أمام الجاليات المسلمة في بريطانيا
تعتبر زارا محمد أن
الإسلاموفوبيا تمثل التحدي الأهم الذي يواجه الجاليات المسلمة في بريطانيا، مشيرة
إلى أن هذه الظاهرة أصبحت عالمية وتأخذ أشكالًا متنوعة، تشمل ليس فقط الهجمات
اللفظية والعنصرية، بل أيضًا التمييز المؤسساتي ضد المسلمين.
وأعربت عن أسفها قائلة:
"للأسف، الكثير مما يجمع المسلمين في بريطانيا يرتبط بكونهم مجتمعًا تحت
الهجوم المستمر".
وأكدت أن الإسلاموفوبيا تُعد
أحد العوامل التي توحد المجتمع المسلم، إلى جانب القضية الفلسطينية التي تعتبر
رمزًا للتضامن بين المسلمين.
كما أشارت زارا إلى أن
المسلمين البريطانيين يسعون لتحسين أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية، لكنهم يدركون
أن العنصرية والتمييز قد يواجهانهم في مختلف المجالات، سواء في التعليم أو في سوق
العمل.
وفي حديثها عن أسباب هذا
التمييز، عادت محمد إلى العوامل التاريخية والسياسية، مشيرة إلى أن هناك نظريات
عفى عليها الزمن ترى المسلمين كطرف آخر.
وأكدت على دور صعود اليمين
المتطرف في تأجيج هذه المشاعر المعادية للمسلمين.
رحلة زارا
محمد نحو رئاسة المجلس
تحدثت زارا محمد عن مسيرتها
الشخصية، مشيرة إلى أن شغفها بخدمة المجتمع المسلم بدأ منذ كانت طالبة ناشطة في
الجامعة.
وقالت: "في البداية، لم
أكن متأكدة من قدرتي على قيادة مجلس يضم أكثر من 600 مؤسسة إسلامية، لكن بدعم
المجتمع وثقتهم بي، تمكنت من الفوز بمنصب الأمين العام".
ورغم الصعوبات التي واجهتها
كامرأة شابة، أوضحت زارا أن فوزها كان نتيجة رغبة المجتمع المسلم في رؤية تغيير
قيادي حقيقي. وأضافت: "الناس أرادوا شيئًا مختلفًا، وقد حظيت بدعم كبير من
رجال الدين والأئمة الذين دعموا رؤيتي".
وفيما يتعلق بتنوع ثقافات
مسلمي بريطانيا، أكدت زارا أن هذا التنوع يمثل قوة كبيرة، مشيرة إلى أنهم يُعدون
من أكثر الأقليات تنظيمًا في مجال المشاركة السياسية والمجتمعية.
ومع ذلك، أشارت إلى أن هذه
التحديات الثقافية قد تسهم أحيانًا في إعاقة تحقيق المزيد من التقدم والتكامل.
وأضافت أن الجيل الأول من
المهاجرين قد يواجه صعوبة في التكيف مع الهوية البريطانية، لكنها، بصفتها من الجيل
الثالث، ترى نفسها بريطانية بشكل كامل، وتعتقد أن الجيل الجديد من المسلمين قادر
على التوفيق بين هويته الإسلامية وهويته البريطانية.
مواجهة
التحديات السياسية
وتحدثت زارا محمد عن
التحديات التي تواجه مسلمي بريطانيا على الساحة السياسية، مشيرة إلى أن المجتمع
المسلم لا يزال يعاني من الشيطنة والإقصاء.
وأوضحت أن المسلمين يُطالبون
دائمًا بإدانة الأعمال الإرهابية، في حين لا تواجه الأقليات الأخرى، مثل اليهود
والسيخ والهندوس، هذا النوع من الضغوط.
كما أشارت إلى الدور الكبير
الذي يلعبه اللوبي الصهيوني في بريطانيا وتأثيره على قضايا المسلمين، خاصة فيما
يتعلق بالصراع في فلسطين.
وذكرت أن المسلمين يجدون
أنفسهم في موقف دائم للدفاع عن حقوقهم ومواقفهم.
وفي هذا السياق، انتقدت زارا
ما وصفته بـ"النفاق" في التعامل مع القضية، مشيرة إلى أن المسلمين
دائمًا ما يُطالبون بإدانة الأحداث، بينما لا يُطالب اللوبي الصهيوني بإدانة
الجرائم التي ترتكبها إسرائيل.
وترى رئيسة مجلس مسلمي
بريطانيا أن هناك ضرورة للتوازن بين روح التحدي والمواجهة للتغيير، والعمل ضمن
الأطر القانونية والسياسية المتاحة.
وأضافت: "نحن أقلية،
لكننا كثيرون، وعلينا أن نكون تكتيكيين وإستراتيجيين في خطواتنا".
شغب اليمين
المتطرف
وفي حديثها عن الاحتجاجات
الأخيرة المناهضة للمسلمين والمهاجرين في بريطانيا، أشارت زارا محمد إلى أن هذه
الأحداث تعود إلى عدة عوامل، من بينها تبني الحكومة السابقة لخطاب أقصى اليمين
المتطرف، بالإضافة إلى دور وسائل التواصل الاجتماعي في تحريف الحقائق.
ورغم خطورة هذه الاحتجاجات،
أكدت محمد أن هذه الظاهرة لا تمثل الأغلبية الساحقة من البريطانيين.
وقالت: "من المنصف
القول إن ذلك لا يمثل الأغلبية الكاسحة من البريطانيين، وقد رأينا الكثيرين من
البريطانيين يتظاهرون ضد هذه الاعتداءات".
وأشادت بدور الشرطة ونظام
العدالة في التعامل مع هذه الأحداث، قائلة: "نرى أن الشرطة قامت بدورها، فقد
تم القبض على العديد من المعتدين، والحمد لله، هدأت الأمور كثيرًا".
وفيما يتعلق بالتمييز في
معالجة قضايا الإرهاب، نقلت محمد عن أحد أكبر مراكز الأبحاث في المملكة المتحدة
قوله إن الأساليب التي تتبعها الأجهزة الأمنية في ما يتعلق بما يُسمى بالإرهاب
الإسلامي تختلف كثيرًا عن تلك المتبعة مع اليمين المتطرف.
المصدر: الجزيرة