من أشراط
الساعة.. ظهور المعازف والمغنيات
بقلم: البروفيسور:
محمد دمان ذبيح
عضو
الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على
سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله الطيبين ثم أما بعد
كما هو معلوم أن من علامات الساعة الصغرى
انتشار الآلات الموسيقية والغناء؛ فعن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: " سيكونُ في آخرِ الزمانِ خَسْفُ وقذفٌ ومَسْخٌ ، إذا ظَهَرَتِ
المعازِفُ والقَيْناتُ ، واسْتُحِلَّتِ الخمْرُ ".
فمن خلال هذا الحديث نستخلص الأسباب التي تؤدي
إلى غضب المولى عز وجل على هذه الأمة، وبالتالي إلى الخسف والقذف والمسخ، والتي من
بينها: شيوع الآلات الموسيقية، والمغنيات اللواتي يمتهن الطرب والفن، خاصة في
واقعنا اليوم أين أصبح الغناء مصحوبا بالعري والفسق في القنوات الفضائية، وفي
القاعات المختلفة، وفي الحفلات الصاخبة ليلا ونهارا، صيفا وشتاء؟!
ولا شك أنها الأسلحة الفتاكة التي يستخدمها
إبليس من أجل إفساد المجتمع، والقضاء عليه بكل ما تحمل الكلمة من معنى، قال الله
تعالى: ﴿وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ﴾ [الإسراء:64].
بل إنني أقول إتها من أقوى أسلحة الدمار
الشامل التي يستخدمها أيضا أعداء الأمة من أجل صرف شبابها عن دينهم، وعن تاريخهم،
وعن قضيتهم الكبرى -المسجد الأقصى- لذلك
ترى الأعداء لا يدخرون جهدا في سبيل نشر الغناء والمغنيات، والرقص والراقصات خاصة
عبر وسائل الإعلام المختلفة -المرئية، المسموعة، والمكتوبة-، بل حتى في مواقع
التواصل الاجتماعي المتعددة.
وإن تعجب فعجب من أقوام من بني جلدتنا،
ويتكلمون بألسنتنا كيف يمهدون لهم الطريق، ويحققون لهم الغايات، وينشرون الفاضح،
وما ينافي الحياء والمروءات؟!
إذا كان هذا الواقع المرير يعبر وبصدق عن جزء من
حجم المعاناة التي تعيشها الأمة شرقا وغربا، جنوبا وشمالا، فأين هو الحل يا ترى؟
بتفكيري المتواضع والبسيط أرى الحل
في ثلاث نقاط رئيسة سأتحدث عنها بلغة الضرورة والوجوب وهي:
-
يجب
أن تدرك أمة الإسلام أن أعداءها يزدادون يوما بعد يوم، وأنها كما كانت المقصودة في
الماضي، فلا زالت كذلك في الحاضر والمستقبل، كما أن أعداءها يعملون وبشكل جدي من
أجل القضاء عليها، وطمس هويتها، مستخدمين في ذلك كل الوسائل التي تحقق لهم هذا
الغرض من الغناء والرقص وغيره،
ولا
يكترثون أبدا بما أنفقوه في سبيل ذلك من درهم أو دولار، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ
الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ
فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ ۗ
وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ﴾ [الأنفال: 36].
- يجب
أن تدرك الأمة كل الإدراك أن النصر ليس مع الغناء والرقص، وإنما مع العلم والعمل ،
والجد والاجتهاد ، ومع البنيان المرصوص والجسد الواحد، قال الله تعالى : ﴿ وَأَعِدُّوا
لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ
عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ
اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ
إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ﴾ [الأنفال : 60]، وقال صلى الله عليه وسلم
: " وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ألا إنَّ القوَّةَ
الرَّميُ ألا إنَّ القوَّةَ الرَّميُ ألا إنَّ القوَّةَ الرَّميُ".
-
يجب
ألا تنسى الأمة غايتها، و رسالتها في هذه الحياة ، قال الله تعالى : الَّذِينَ
إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ
وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ
الْأُمُورِ [الحج : 41]، وقال أيضا :
كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ
وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ
الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ
الْفَاسِقُونَ [آل عمران: 110]، ولا
شك أنها الغاية التي تجعلها دوما تسمو بنفسها عن سفاسف الأمور من غناء ورقص وغيره،
كما تجعلها أيضا تحرص حرصا شديدا على خدمة البشرية جمعاء، من أجل راحتها واستقرارها، والوصول بها إلى السعادة
الحقيقية في الدنيا والآخرة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* البروفيسور: محمد
دمان ذبيح: عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين. جامعة محمد العربي بن مهيدي أم
البواقي / الجزائر.
* ملحوظة: جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي
كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.