لمحات عن الإسلام في النرويج
بقلم: د. علي فتيني
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
في هذا المقال نسلط
الضوء على المراحل التاريخية لتواجد المسلمين في النرويج، بدءًا من بداياتهم
الأولى قبل نصف قرن تقريبا وحتى واقعهم المعاصر. كما نستعرض الإيجابيات لهذا
الحضور الإسلامي ، بالإضافة إلى التحديات التي يواجهها المسلمون في ظل مجتمع جديد
تختلف عاداته وثقافته ، ونهدف من هذه السطور حفظ هذه الصفحات التاريخية الخاصة
بالمسلمين في النرويج ، والاستفادة منها للمطلعين والمهتمين، ولفهم أعمق لوضع
المسلمين الحالي ، ولدورهم في المحافظة على دينهم ونشر الوعي به ، إضافة لدورهم في
نشر قيم التعايش ، ومشاركتهم في بناء المجتمع الذي يعيشون فيه.
النرويج معلومات
وميزات:
النرويج
بلد الفايكنغ ، يقع في أقصى شمال القارة الأوروبية، وتحتل الجزء الغربي من شبه
الجزيرة الإسكندنافية القطبية.
فهي الأرض الباردة
المتجمدة الثلجية في الشتاء ، حيث يطول ليلها كثيرا وتختفي الشمس في معظم الوقت ،
والعكس صيفا حيث يطول النهار وتشرق الشمس عليها معظم الوقت ، بل إن المناطق
الشمالية من النرويج قد يطول الليل في بعضها شهورا قد تصل لنصف السنة ، والعكس في
الصيف حيث يطول النهار مثل ذلك ، ويذكرنا ذلك بالقول النبوي المعجز في وصف كيفية
الصلاة في مثل هذه الحالات ، حيث ورد الحديث عن آخر الزمن حين ظهور الدجال ،
فتختلف أيامه ، فمنها ماهو كأسبوع ، ومنها كشهر ،ومنها كسنة ، فلما سألوا النبي
عليه الصلاة والسلام عن كيفية الصلاة قال: "اقدروا له قدره". وفي
النرويج تظهر ظواهر كونية ربانية عجيبة، يرحل السائحون من كل مكان لمشاهدتها
وأهمها:
- ظاهرة شمس منتصف
الليل في الصيف، حيث تستمر الشمس في الظهور لبعد منتصف الليل.
- وظاهرة الشفق القطبي،
بأضوائه الساحرة الجميلة في ظلام الشتاء.
ومساحة النرويج 385 ألف
كيلومتر مربع، جزأ كبير منها مياه وجبال، ولها حدود مع السويد والدنمارك وفنلندا.
وعدد سكانها خمسة مليون
تقريبا، معظمهم من أتباع الديانة المسيحية وخاصة أعضاء الكنيسة الوطنية اللوثرية،
وإن كانت النسبة بدأت تقل بسبب انتشار ظاهرة الإلحاد واللادينية حسب إحصائيات
واستبيانات حديثة.
ميزات
النرويج:
*
تُعد النرويج من أفضل دول العالم من حيث الرخاء والرفاهية وجودة المعيشة، وهي أكبر منتج للنفط في القارة الأوروبية.
* تتميز
النرويج بالتسامح، والحرية، والديمقراطية، والتعدد الثقافي، كما أنها من بين
البلدان الأكثر أمناً وهدوءاً .
*
من أبرز ميزات النرويج المساواة في الحقوق بين الكنيسة وأي مؤسسة دينية أخرى،
ولذلك تحصل المساجد والمراكز الإسلامية
على نفس الدعم التي تتمتع به الكنائس.
* النرويج
من البلدان الأوربية التي ليس لها صراعات مع العالم الإسلامي عبر التاريخ ، خاصة
فترة الحملات الصليبية القديمة ، أو مشاركة في
الاستعمار الحديث .
* وتتميز
بمواقفها الإنسانية عموما ، وخاصة في دعم القضية الفلسطينية ، قياسا بغيرها على
مستوى القارة الأوربية .
محطات من
تاريخ الإسلام في النرويج:
* رحلة ابن فضلان إلى
النرويج
يُعتقد أن الرحالة المسلم أحمد بن
فضلان هو أول مسلم وصل إلى النرويج في القرن العاشر الميلادي، ضمن بعثة أُرسلت
بأمر من الخليفة العباسي المقتدر بالله. كانت هذه البعثة تتألف من مجموعة برئاسة
ابن فضلان، وقد أُرسلت بناءً على طلب ملك الصقالبة لتعليم الإسلام له ولشعبه. وثق
ابن فضلان هذه الرحلة في كتابه "رسالة ابن فضلان: في وصف الرحلة إلى بلاد
الترك والخزر والروس والصقالبة"، حيث ذكر أنه التقى بمجموعة من الفايكنغ ووصف
طباعهم وتقاليد حياتهم. يُعتبر كتابه من الوثائق التاريخية المهمة حول
الفايكنغ، وهذا ما يؤكد أن ابن فضلان هو أول مسلم تطأ قدماه أراضي الشمال
الاسكندنافي، خاصة النرويج والسويد، وهذا يتوافق مع ما سجلته المصادر التاريخية في
هذين البلدين.
* الشاعر النرويجي
هنريك آرنولد فيرغيلاند وإسلامه
الشاعر والأديب
النرويجي المعروف، هنريك فيرغيلاند ، المتوفي 1845 م ، هو أحد أبرز الشخصيات
الثقافية والأدبية الرائدة في تاريخ النرويج الحديث ، والتي كان لها دور كبير في
بناء الهوية الوطنية وتطويرها ، كما يعد من أهم رموز النضال الوطني ، أشارت بعض
التقارير إلى أنه قد أرسل قبل موته رسالة لأبيه يعبر فيها عن إعجابه بالإسلام ،
مما جعل البعض يعتقد أنه اعتنق الإسلام
ولم يعلن ذلك لأسباب خاصة به ، ولعدم وجود مسلمين آخرين في النرويج آنذاك،
فيعتقد أنه عرف الإسلام من خلال دراسته للكتب المتوفرة في المكتبات، وخاصة المكتبة
الملكية التي شغل منصب المسؤول عنها.
* دخول الإسلام إلى النرويج في العصر الحديث:
في الستينيات من القرن الماضي عندما
كانت النرويج بحاجة إلى العمالة، شهدت البلاد أولى موجات المهاجرين المسلمين من
باكستان، وذلك بتنسيق رسمي بين الحكومتين.
تبعهم مهاجرون من دول عربية وإسلامية أخرى، وقد
جاؤا بطرق مختلفة ، مثل المغرب وتونس والجزائر والعراق وتركيا وألبانيا والبوسنة والصومال
وفلسطين، ومؤخراً من سوريا. ووفقاً لبعض الإحصاءات غير الرسمية، يُقدّر عدد
المسلمين في النرويج اليوم بحوالي 250 ألفاً ، وهي نسبة4-5% من عدد السكان. ومما
يجدر ذكره أن النرويج قد اعترفت بالإسلام ديناً رسمياً منذ عام 1969م.
أُنشئ أول مسجد في العاصمة أوسلو
عام 1974، وهو المركز الثقافي الإسلامي الذي أسسه المهاجرون الباكستانيون. ومنذ
ذلك الحين، تزايدت أعداد المساجد والمراكز الإسلامية، حيث يصل العدد اليوم إلى نحو
مائة مسجد ومصلّى في العاصمة وحدها، بالإضافة إلى مساجد ومراكز أخرى كثيرة في
مختلف المدن النرويجية.
ونشير إلى أن المراكز الإسلامية في
المدن الكبرى تتوسع من فترة لأخرى بسبب تزايد أعداد المسلمين وخاصة في العاصمة
أوسلو والمدن الكبرى مثل برغن وستفنغر وترندهايم وكريستيانساند وغيرها.
وعلى سبيل المثال ومن
أبرز هذه المراكز الإسلامية في النرويج وأكبرها وهي في العاصمة أوسلو:
- المركز الإسلامي
الثقافي: الذي ذكر سابقا كأول مسجد والذي بنته
الجالية الباكستانية فيما بعد على أرض في وسط العاصمة أوسلو وبشكل حديث وكبير، والذي
يعتقد أنه أصبح أكبر مركز إسلامي في النرويج في الفترة الماضية.
- الرابطة الإسلامية في
النرويج: والتي أسسها مجموعة من الجالية العربية،
وتقوم حاليا بالإعداد لمشروع بناء مركزها الجديد ليكون أكبر مركز إسلامي حديث في
الفترة القادمة.
- مركز التوفيق:
والذي أنشأته الجالية الصومالية، وبنته جديدا على أرض خاصة من فترة قريبة، بعد أن
كانوا في مكان صغير مستأجر.
- مسجد التوبة:
أسسته الجالية المغربية.
بالإضافة إلى مساجد
ومراكز أخرى كثيرة للجالية العربية والباكستانية والصومالية والتركية والكردية
والبوسنية وغيرها في أوسلو، وفي المدن الأخرى، ولا يسع المقام لذكرها وحصرها.
وتقوم هذه المساجد
والمراكز بأنشطة متعددة مثل طبيعة مثيلاتها في أوربا والغرب عموما مثل:
-
إقامة الشعائر الدينية مثل الصلوات الخمس والجمعة والعيدين.
- التوعية
عبر إلقاء الخطب والدروس والمحاضرات والدورات.
- التعليم
وذلك بتدريس القرآن واللغة العربية للأطفال والشباب.
-
الأنشطة الاجتماعية والأسرية مثل عقود الزواج ، والصلح بين الزوجين ، وغيرها.
- مراسيم
دفن الموتى.
-
أنشطة التعريف بالإسلام.
-
المشاركة في التواصل والحوار مع الأديان والجهات الرسمية.
وتتطور الأنشطة وتتوسع
حسب كل مركز ومدى الوعي والتخصص في العلم والدعوة والإدارة .
إيجابيات
الحضور الإسلامي في النرويج:
أولا: إيجابيات الحضور
الإسلامي في محيطه:
1. الزيادة في أعداد
المسلمين: يعود تزايد أعداد المسلمين في النرويج إلى عوامل متعددة، أبرزها النمو الطبيعي
من خلال ارتفاع معدلات المواليد، إضافة إلى تدفق اللاجئين من دول ذات أغلبية مسلمة،
مما أدى إلى توسيع الحضور الإسلامي في المجتمع النرويجي، كما أن نشر الوعي بتعاليم
الإسلام في أوساط المجتمع النرويجي أثر على عدد من النرويجيين الأصليين الذين
دخلوا في الإسلام ويعدون بالآلاف.
2. انتشار المساجد
والمراكز الإسلامية : تشهد النرويج انتشارًا ملحوظًا للمساجد والمراكز الإسلامية
في مختلف المدن والمناطق، كما تتوسع البعض منها بين فترة وأخرى ، مما يعكس التواجد
المتزايد للمسلمين ويعزز من دورهم في المجتمع. وهذه المراكز كما ذكرنا سابقا لا تقتصر
فقط على الصلاة، بل تسعى لتقديم أنشطة
ثقافية وتعليمية متنوعة تخدم المجتمع المسلم. وتمد جسور التواصل مع سائر أطياف
المجتمع.
3. التعاون والتنسيق
بين المراكز الإسلامية: تعمل المساجد والمراكز الإسلامية في النرويج بشكل تنسيقي فيما بينها، خصوصًا في القضايا الرئيسية التي تهم
المسلمين، مثل تحديد مواقيت الصلاة، وأوقات الصيام في شهر رمضان، والاحتفال
بالأعياد الدينية. هذا التعاون يسهم في تعزيز وحدة المسلمين ويظهر روح التضامن
داخل المجتمع المسلم، وتكون بمثابة الممثل للمسلمين أمام الجهات الرسمية، ولأجل
ذلك تأسست مجالس إسلامية للتعاون والتنسيق بين المراكز الإسلامية على مستوى
النرويج ، وبعضها على مستوى الأقاليم ، ومن أبرزها المجلس الإسلامي النرويجي.
ثانيا: إيجابيات الحضور
الإسلامي العامة للمجتمع:
1. التنوع الثقافي
والإثراء الاجتماعي: يعزز المسلمون في النرويج التنوع الثقافي، إذ يسهمون في إثراء
المجتمع النرويجي بعاداتهم وتقاليدهم ومناسباتهم الدينية والثقافية. يشكل هذا
التنوع جسرًا للتواصل والتعايش بين مختلف الأطياف الدينية والثقافية.
2. المشاركة
الاقتصادية: يعمل المسلمون في مختلف القطاعات
الاقتصادية من التعليم والصحة إلى التجارة والصناعة. المسلمون المهاجرون غالبًا ما
يأتون بمهارات ومهن يحتاج لها الاقتصاد النرويجي. كما أن المشروعات التجارية
الصغيرة التي يديرها المسلمون تلعب دورًا في تعزيز الاقتصاد المحلي.
3. المشاركة في الحياة
العامة: المسلمون يشاركون بنشاط وإيجابية في الحياة العامة والسياسية في النرويج، من
خلال عضوية البعض في المجالس المحلية والمنظمات غير الحكومية. هذه المشاركة تسهم
في تعزيز الديمقراطية والتعددية في النرويج.
4. التعاون بين
المسلمين والمجتمع النرويجي: المراكز الإسلامية تسهم في ترسيخ قيم الحوار والاندماج
مع بقية المجتمع النرويجي. مثل هذه الجهود تساعد على تعزيز التفاهم المتبادل ونشر قيم
التسامح والسلام.
5.المشاركة الفعالة في
محاربة الكراهية والعنصرية :
أكثر من يعاني بسبب
العنصرية في النرويج هم المسلمون ، خاصة في ظل تنامي خطاب
الكراهية وتصاعد اليمين المتطرف ، ومن منطلق الشعور بهذا الخطر ليس على المسلمين
فقط بل على المجتمع بكل أطيافه ، فإن المراكز والمؤسسات الإسلامية تساهم بشكل أو
آخر في الوقوف ضد الخطاب العنصري ، وقد أصدرت الحكومة النرويجية خطة محاربة العنصرية والكراهية والتمييز في
النرويج ، وبمشاركة فعالة من المجلس الإسلامي النرويجي، وتم الإعلان عنها في سبتمبر
2020 ، والملفت للنظر أن الخطة أقرت في عهد رئيسة الوزراء النرويجية إرنا سولبرغ
والمحسوبة على اليمين، بعد أحداث عنصرية يمينية متطرفة دقت ناقوس الخطر ، كان
أهمها الهجوم الإرهابي من شاب يميني متطرف على مسجد النور في أوسلو في أغسطس وتحديدا يوم عرفة لعام 2019 . وتعد
هذه الخطة الحكومية لمكافحة العنصرية مبادرة رائدة وسباقة على مستوى قارة أوربا .
التحديات
التي تواجه المسلمين في النرويج:
1. الاندماج في المجتمع:
بعض المسلمين يواجهون صعوبة في الاندماج في المجتمع النرويجي، سواء بسبب حاجز اللغة
أو التفاوت الثقافي. وهناك مخاوف من استمرار الانعزال والانغلاق خوفا من آثار
الاندماج على الأسرة والأطفال على وجه الخصوص ، بينما هناك إمكانية للجمع بين
الإندماج بشكل إيجابي ونافع مع المحافظة على الهوية والخصوصية الدينية والثقافية ،
وهذا ماتسعى المراكز والمؤسسات الإسلامية لنشر الوعي به وترسيخ فهمه ، تحت شعار " اندماج بلا ذوبان " .
2. تصاعد اليمين
المتطرف وخطاب العنصرية "الإسلام فوبيا":
مثل بقية
دول أوروبا، النرويج ليست بمنأى عن تصاعد حركات اليمين المتطرف، التي تستهدف الأقليات،
والمسلمون في المقدمة، وهذا يسبب تحديات كبرى تتعلق بمشاعر الخوف، وأساليب الإساءة
والتشويه للمسلمين ومقدساتهم، إضافة إلى التمييز في فرص العمل والتعليم في بعض
الأحيان.
3. الجيل الجديد وذوبان
الهوية : البعض من المسلمين عموما يعاني من ضغوط كبيرة تتعلق بالمغريات والفتن ، التي تضعف عملية المحافظة على الهوية الإسلامية
في بيئة علمانية. يطغى عليها طابع التحرر والفردانية، وهذا ما يؤثر بشكل كبير خاصة
على الأطفال والشباب الذين ولدوا في النرويج ، في ظل انتشار ثقافة الإلحاد
والمثلية على مستوى التعليم والإعلام.
4. قانون حماية الطفل: يعتبر
قانون حماية الطفل في النرويج من التحديات الكبرى التي تواجه الأسرة المسلمة، حيث
يشعر بعض المسلمين بالقلق على أطفالهم ، خاصة من عملية التطبيق التي قد يشوبها
الخلل والقصور من جهة ، ومن جهة أخرى بعض حالات التمييز والتقصد للأسر المسلمة ،
وإن كان هذا كله يمكن تلافيه من خلال الوعي بالمنهج التربوي الإسلامي السليم ، والذي يتلاءم مع
المنهج التربوي الحديث ، إضافة إلى الوعي بالقانون الخاص بمنظمة حماية الطفل في
النرويج التي تسمى" بارنفان " ، هذا القانون الذي لا يمنع الوالدين من
القيام بتربية وتعليم أولادهم الهوية الثقافية الخاصة بهم ، مادام الأسلوب التربوي
يتجنب العنف والضغط والقسوة ، حيث و الدستور النرويجي يكفل في مواده الأساسية حرية
المعتقد وممارسة الشعائر الخاصة .
5. ضعف المعرفة بالدين:
رغم توفر المساجد والمراكز الإسلامية، والتي تسعى جاهدة للتثقيف ونشر الوعي الإسلامي
، إلا أن هناك الكثير من علامات الضعف في الوعي والالتزام لدى بعض المسلمين، خاصة
الشباب منهم ، هذا الضعف المعرفي يعد من أهم أسباب انحراف البعض وذوبانه في المجتمع ، أو سوء الفهم لتعاليم الإسلام ، مما ينتج عنه إما تفريطا أو غلوا ، وهذا يحتم
على المراكز الإسلامية والأئمة بذل المزيد من الجهود في مجال التعليم والتوعية ،
وابتكار أساليب تجذب الجيل المسلم الجديد في النرويج ، وتتناسب مع خصوصية البيئة
والواقع ، ومع وسائل التواصل الاجتماعي ، والذكاء الاصطناعي.
نجاحات
ومقترحات للتطوير:
الحضور
الإسلامي في النرويج بفضل الله ثم بجهود القائمين على المراكز الإسلامية حقق
نجاحات كثيرة، فقد تطور وتوسع بشكل كبير ، قياسا بالعقود الأولى في السبعينيات
ومابعدها ، والتي كان فيها أعداد المسلمين قليلة جدا ، تقدر بالمئات ، ويمكن تلخيص
النجاحات حسب مراحل التطور إجمالا كما يلي:
-
مرحلة قاعات مستأجرة أو مساجد في مباني للإيجار.
-
مرحلة الاستقرار حيث أصبح المسلمون يملكون المساجد الخاصة بهم في أغلب المدن خاصة
الكبرى منها.
-
مرحلة
المراكز الكبيرة التي تتوفر فيها مرافق متعددة للعبادة والتعليم وغيرها، حتى أن بعضها
تضاهي المساجد في العالم الإسلامي سعة وزخرفة ومآذنها مرتفعة ، كما في وسط العاصمة
أوسلو، ويصلي فيها الآلاف يوم الجمعة ،
وفيها مدراس التعليم للقرآن واللغة العربية ويدرس فيها المئات من الأطفال.
وهنا
ينبغي شكر الله كثيرا على هذه النجاحات والمكتسبات، كما تستحق النرويج الثناء
والشكر على أن منحتنا هذه الحرية الدينية ، والتي بناء عليها يتمتع المسلمون
بحقوقهم كمواطنين نرويجيين مسلمين، هذا الشكر نقدمه من منطلق المبادئ الإسلامية
السامية التي أرساها رسولنا العظيم عليه الصلاة والسلام ومن ذلك قوله: "لا
يشكر الله من لايشكر الناس".
ومع
هذا التطور الإسلامي المبارك فإن هناك قصورا في بعض الجوانب، خاصة التعليمية
والاجتماعية والمدنية، ولذا فنحن بحاجة ماسة لمواصلة طريق التطوير، وإطلاق مرحلة
جديدة، وهي مرحلة المشاريع التخصصية، التي تواكب الواقع المتطور، وتعالج المشاكل
بشكل أكثر تركيزا وعمقا، وتتعامل مع التحديات بطرق أكثر وعيا وحكمة، وسيكون لذلك
دور متميز في تطوير الحضور الإسلامي أكثر وأكثر.
وحتى
نكون أكثر عملية ودقة فسوف أقترح لمرحلة المجال التخصصي إنشاء مشاريع ومؤسسات
حديثة ومتفرغة في الجوانب التالية:
-
مؤسسات تعليمية متخصصة تهتم بالأطفال والشباب.
-
مؤسسات اجتماعية متخصصة تهتم بالأسرة ومشاكلها، وخاصة الوعي بقانون حماية الأطفال
في النرويج.
-
مؤسسات مدنية تهتم بالوعي القانوني والسياسي، وترسخ ثقافة المواطنة.
ختاماً
أتمنى أن أكون قد قدمت فكرة عامة مفيدة
عن المسلمين في النرويج، وواقعهم المعاصر، ويبقى المجال مفتوحا للحديث في بعض
الجوانب التي تحتاج تفصيلا أكثر في المستقبل إن شاء الله.
وبالله
التوفيق ومنه العون والقبول والهداية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*
ملحوظة: جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي
الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.