صفحات
مظلمة من تاريخ النُّصيريّة (1/4):
مذابح النصيرية: مذبحة
"حي بابا عمرو – حمص"
كتبه: د.
منذر عبد الكريم القضاة
عضو
الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
الحمدُ لله وحده،
والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد..
سأتحدث لكم عن صحابي من
الصحابة الأجلاء سمّي، حي بابا عمرو في مدينة حمص باسمه اسم حي بابا عمرو أو باب
عمرو والذي يقع في مدينة حمص والذي تعرض إلى أشد الهجمات الشرسة من النظام السوري
والذي استخدم فيها كافة الأسلحة الثقيلة من دبابات ومدافع وطائرات حربية، له قصة
في التاريخ الإسلامي حيث يحمل هذا الحي اسم صحابيٌّ جليل اسمه – عمرو بن معد يكرب
الزبيدي –.
فمن هو هذا الصحابي
الذي قاتل المجوس والفرس، ونسأل: لماذا أراد الإيرانيين والعلويين النصيريين
والصفويين الجُدد الانتقام من مدينة حمص وبالأخص حي بابا عمرو؟!
لماذا بابا عمرو بالذات
يريد أعداء الله الانتقام منها والتي مورس عليها العنف المضاعف؟
لماذا قال النظام
السوري عن مدينة حمص وحي بابا عمرو سنمسحها عن الخريطة.
نتعرف أولاً على
الصحابي البطل:
عمرو بن معد يكرب من
أمراء قبيلة زبيد العربية الأصلية، وشاعر وفارس اشتهر بالشجاعة والفروسية حتى لُقب
بفارس العرب، وكان له سيف اسمه الصمصامة.
وكان عمرو هذا طويل
القامة، قويُ البنية وحتى أنَّ عمر بن الخطاب (t) قال فيه: الحمد لله الذي خلقنا وخلق عمرو، تعجباً من عظم خلقه
سبحانه وتعالى فقد كان قوي البنية، طويلاً ضخماً صنديداً حتى أنَّه لُقب: أبو ثور.
وقد شارك هذا الصحابي
في معارك الفتح الإسلامي في الشام والعراق وشهد معركة اليرموك والقادسية، ولم
يتخلف عن حربٍ مع المسلمين ضد أعدائهم فقط.
ينظر البعض منا إلى
التاريخ الإسلامي على أنَّه مجرد قصص تُحكى، وأخباراً تروى دون الاهتمام له
والتبصر بأبعاد أحداثه ومقاصده وربط الماضي بالحاضر.
ولذلك يروى أنَّ القائد
الصليبي غورو، عندما دخل حرم الجامع الأحوى ركل برجله قبر صلاح الدين الأيوبي،
وقال: ها قد عدنا يا صلاح الدين، بعد أن حررَّ صلاح الدين بلاد المسلمين من
الاحتلال الصليبي.
قالها متشفياً منتقماً
فالأعداء يقرأون التاريخ وهو من يوجههم.
وقد شهدنا في السنوات السابقة عودة للمجوس والفرس في زي الإسلام والصفوية، وها
هي الفرصة للنيل من المسلمين الذين كانوا
سبباً في فنائه
وتحديدا الانتقام من مدينة
حمص وبابا عمرو معقل الثورة السنية في سوريا وحتى تعرف أكثر للخبر الذي رواه
الطبراني.
قُبيل معركة القادسية،
طلب قائد الجيش سعد بن أبي وقاص مدداً من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ليستعين به
على جرب الفرس، فأرسل أمير المؤمنين إلى سعد بن أبي وقاص رجلين فقط، هما: عمرو بن
معد يكرب. وطليحة بن خويلد.
وقال في رسالته لسعد:
إنَّي أمددتك بألفي رجل، وعندما بدأ القتال، ألقى عمرو بنفسه بين صفوف الأعداء
يضرب فيهم يميناً ويساراً، فلما رآه المسلمون هجموا خلفه يحصدون رؤوس الفرس حصداً،
وأثناء المعركة وقف عمرو وسط الجند يشجعهم ويحثّهم على القتال قائلاً: يا معشر المهاجرين،
كونوا أسوداً أشداء فإنَّ الفارس إذا ألقى رمحه يئس. فلما رآه أحد قواد الفرس يشجع
أصحابه رماه بنبل فأصابت قوسه ولم تصبه، فهجم عليه عمرو، فطعنه ثمَّ أخذه بين صفوف
المسلمين واحتزَّ رأسه، وقال للمسلمين اصنعوا هكذا. وظلَّ يقاتل حتّى أتمَّ الله
النصر للمسلمين – على الفرس – والأهم من ذلك أنّه هو الذي قتل رستم قائد الفرس،
بموقعة القادسية، إلاَّ أنَّ الذي أجهز عليه هو أبو محجن الثقفي (t). توفي (t) في حمص
ودفن في فيها في منطقة سميت فيما بعد بابا عمرو. وقد سُميت منطقة بابا عمرو بهذا
الاسم لأنَّ بابين من أبواب مسجد الصحابي الجليل عمرو بن معد يكرب الذي تمّ بناءه
بطلان على مدينة حمص ذات الأبواب السبعة. ويعدُّ باب عمرو الباب الثامن لمدينة حمص
وهو يتميز عن باقي الأبواب السبعة بأنَّ له بابين أمّا باقي الأبواب فهي التركمان،
والمسدود، والسباع، وتدمر، وهود، والدريب وباب السوق.
هل عرفتم الآن سبب
الهجمة الشرسة وسبب الصمود الأسطوري لمدينة حمص ومنطقة بابا عمرو تحديداً ونعود
إلى مدينة حمص لنرى بعض ما تتميز به، هل تعلمون أنَّ مدينة حمص تحوى فيها ثاني
أكبر مقبرة للصحابة في الإسلام بعد البقيع في المدينة المنورة وهي مقبرة الكثيب.
هل تعلمون أنَّ مدينة
حمص مدفون بأرضها الطاهرة حوالي (400) صحابي من صحابة رسول الله (e).
وهل تعلمون أنَّ منطقة
الخالدية في حمص سُميت نسبة لسيف الله المسلول خالد بن الوليد وفيها قبره ومسجد
وترك فيها الكثير من أولاده وأحفاده من بني خالد، وفي حمص قبر عمر بن عبد العزيز
الخليفة الراشد الخامس والأمام العادل والذي توفي في منطقة دير سمعان، وهي قرية تابعة
لحمص.
وقال الأمام النووي في
التهذيب: توفي بحمص ثوبان مولى رسول الله (e).
إذا هناك شواهد كثيرة
مميزة وخصوصية لمدينة حمص التي تعرضت ومازالت لكبر عملية إبادة طائفية في التاريخ
الحديث.
عبادَ الله:
لقد قامت قوات الأسد
والشبيحة وبالتعاون مع جنود من حزب الله (حزب الشيطان)
وتعاون عسكري لقوات
إيرانية مع قوات شيعية من العراق بأفظع المجازر في سوريا، وساهمت هذه القوات بقمع
الاحتجاجات بقوة في معظم المدن السورية.
لقد دخل إلى حي بابا
عمرو سبعة آلاف جندي من قوات النظام ومن يدعمهم قاموا على مدى أيام بدك الحي
بالمدفعية الثقيلة والصواريخ وقاموا بتدمير المساجد في الحي، ولم يبق هناك أي منزل
في الحي لم يُصب.
وتمَّ إخلاء السكان
قصراً من المنازل والشوارع الأحياء مما أجبر المقاومة الموجودة هناك على ترك هذا
الحي حقناً لأرواح الناس.
المنطقة الوحيدة في
سوريا التي قام بشار الأسد بزيارتها هي حي بابا عمرو بالرغم من المخاطر الكبيرة
التي كانت تحيط بهذه الزيارة، إلاَّ أنّه حرص على زيارتها والمشي في شوارعها
وأحيائها متربعاً على أحياء المنطقة المدمرة.
لماذا؟!
لأنَّه كان حريصاً على
إظهار الانتصار على هذه المنطقة الصامدة التي وقفت في وجه مجافل الصفوية وكتائب
الشيعة لأشهر طويلة، تأكيداً للرغبة المجوسية الإيرانية الصفوية من الانتقام من
أهل السنة السوريين أحفاد الصحابة.
ينظر الباطنيون الرافضة
إلى المسلمين العرب بمنظار الحقد والكراهية لا لشيء: إلاَّ لأنهم هدموا مجد فارس
وقهروا سلطان كسرى.
والتاريخ خير شاهد على
ذلك في العراق وسوريا ولبنان.
والآن علمتم لماذا
يُريد أبناء وأحفاد رستم المجوسي الشيعة أبادة أهل السنة في حمص وبابا عمرو وغيرها
من المناطق السنية.
علمتم لماذا يُريدون
الانتقام من منطقة حملت اسم الصحابي عمرو بن معد يكرب.
وقد قال فيه شاعرُ
العرب عباس بن مرداس: إذا مات عمرو قلت للخيل أوطئي زُبيداً فقد أودى بنجدتها عمر
علمتم الآن، لماذا؟
أكثر من قتل في سوريا هم من سكان مدينة حمص الصامدة.
علتم الآن: سبب الإبادة
والتنكيل والتعذيب وهتك الأعراض، فما أشبه اليوم بالأمس.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
(..يتبع..)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
* ملحوظة: جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي
كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.