البحث

التفاصيل

مؤتمر عالمي يكشف مخاطر أجندة 2030 للتنمية المستدامة على الأسرة ويدعو للانسحاب منها

الرابط المختصر :

مؤتمر عالمي يكشف مخاطر أجندة 2030 للتنمية المستدامة على الأسرة ويدعو للانسحاب منها

 

في خطوةٍ هامة لتسليط الضوء على وثيقة من أخطر الوثائق الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة وبيان أثرها على الأسرة، نظمت لجنة الأسرة بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين مؤتمرًا عالميًا بعنوان "أجندة 2030م للتنمية المستدامة وتداعياتها على الأسرة"، عقد يوم 7/1/2025م، وذلك بمقر جمعية علماء تركيا (UMAD).

وقد أطلقت هيئة الأمم المتحدة تلك الوثيقة في اجتماع الجمعية العمومية المنعقد في نيويورك في سبتمبر2015م، بحضور رؤساء الدول الأعضاء. ومنذ ذلك التاريخ قامت حكومات الدول التي يطلق عليها "الدول النامية"، ببناء سياساتها واستراتيجياتها التنموية على تلك الوثيقة، وقد أطلقت عليها الدول "رؤية 2030 للتنمية المستدامة"، والتي يترتب عليها إحداث تغييرات شاملة في القوانين والتشريعات الخاصة بالأسرة، إضافة إلى تغيير مناهج التعليم، وبرامج الإعلام لتتوافق جميعها مع تلك الوثيقة.

 

أهمية المؤتمر:

تنبع أهمية المؤتمر من تسليط الضوء على "أجندة 2030 للتنمية المستدامة"، والتركيز بشكل خاص على أخطر المضامين التي تشكل تهديدًا واضحًا لهوية الأسرة وتماسكها. 

 

أهداف المؤتمر:

1.  تعزيز الوعي بالتحديات والأخطار العالمية التي تهدد الأسرة نتيجة تطبيق عدد من المعاهدات والمواثيق الدولية، التي تتبنى رؤية أحادية غربية تتعارض في الكثير من بنودها مع أحكام الشريعة الإسلامية.

2.  لفت الانتباه لأهمية تبني ونشر المواثيق الإسلامية للأسرة التي وضعتها هيئات علمائية متخصصة، بديلاً عن تلك المواثيق الدولية، لتكون أرضية إسلامية لتشريع قوانين الأسرة وصياغة سياسات واستراتيجيات تعليمية وإعلامية وتربوية، تتظافر جميعها من أجل تقوية البناء الأسري والمحافظة على هويته وتماسكه.

 

المشاركون والأوراق التي طرحوها في المؤتمر:

z فضيلة العالم الجليل الأستاذ الدكتور علي محي الدين القرة داغي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والذي تحدث عن "فقه الميزان وثوابت العلاقات الأسرية".

وقد اعتبر فضيلته أن "فقه الميزان" في الإسلام هو المفتاح لفهم الشريعة الإسلامية، وبيّن أن الموازين موضحة في القرآن الكريم والسنة النبوية، وأن فقه الميزان يُسهم في ضبط الفوضى الفكرية، وذلك من خلال بيان المقاييس التي توزن بها الأمورُ، وتُؤطّر بها المصطلحات وتُجلى بها المفاهيم. فإذا لم يعط لكل شيء وزنه الخاص اختل الميزان، وبالتالي اختل الحكم والنتيجة. كما يضع فقه الميزان الحلول للکثیر من القضايا الأسرية والغرض من ذلك هو تطبيق مبادئ الإسلام الحنيف، وأن نكون قدوة للعالمين.

وأوضح فضيلته أن الله سبحانه وتعالى يريد لهذه الأمّة أن تكون خير أمّة أخرجت للنّاس، وليست هذه الخيرية بحسب الأعراق والأجناس، وإنّما هي خيرية الصّفات، والخدمة، والقوّة، والعزّة، والرّحمة، ولذلك أولى الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم، عنايةً قصوى للأسرة، وربى رسول الله ﷺ الأمة من خلال أحاديثه، وسيرته وأخلاقه وتعامله على القيم الأسرية السليمة، لتكون الأسرة في الإسلام أسرة هادئة، متماسكةً، قويّةً، قائمةً على المحبّة والمودّة، وقائمةً على الاحترام والعطاء المتبادل، وذلك من خلال تطبيق مبادئ الأسرة في الشريعة الإسلامية.

 

 z الدكتورة كاميليا حلمي طولون، رئيس لجنة الأسرة بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والتي شاركت بورقة حول "أخطر المضامين التي اشتملت عليها أجندة 2030 للتنمية المستدامة".

 

وقد استعرضت في البداية تاريخ إصدار تلك الوثيقة، حيث أطلقتها هيئة الأمم المتحدة في اجتماع الجمعية العمومية المنعقد في نيويورك في سبتمبر/أيلول 2015م، بحضور رؤساء الدول الأعضاء، لتكون وثيقة عالمية محورية تبني عليها الحكومات المختلفة السياسات والاستراتيجيات التنموية فيما عرف بـ"رؤية 2030 للتنمية المستدامة"، والتي يترتب عليها إحداث تغييرات شاملة في القوانين والتشريعات الخاصة بالأسرة، إضافة إلى تغيير مناهج التعليم، وبرامج الإعلام لتتوافق جميعها مع تلك الوثيقة.

ثم تطرقت د. كاميليا في ورقتها إلى أخطر المضامين التي شكلت تهديدًا واضحًا لهوية الأسرة وتماسكها، وأهمها:

أولاً: محاربة الزواج الشرعي المبكر: حيث حاربت "خطة 2030 للتنمية المستدامة" الزواج الشرعي المبكر، وطالبت بالقضاء عليه، واعتبرته من "الممارسات الضارة" بالفتيات.

ثانيًا: تشجيع العلاقات الجنسية غير المشروعة: وذلك من خلال "ضمان حصول الجميع على خدمات رعاية الصحة الجنسية والإنجابية"، بما في ذلك خدمات ومعلومات تنظيم الأسرة والتوعية الخاصة به، وإدماج الصحة الجنسية والإنجابية في الاستراتيجيات والبرامج الوطنية بحلول عام 2030. وتعني كلمة "الجميع": كل الأفراد من كل الأعمار، شاملة المراهقين والشباب غير المتزوجين.

كما تبنت الوثيقة مخرجات المؤتمرات التحضيرية السابقة لها، ومن أخطرها «برنامج عمل القاهرة للسكان ما بعد 2014»، الذي استنكر وجود قوانين جنائية في بعض الدول تجرم الزنا والشذوذ وممارسة الدعارة، واستخدام الإجهاض كوسيلة للتخلص من الحمل غير المرغوب فيه.

ثالثًا: إباحة الشذوذ الجنسي، وشرعنته، من خلال إدماج منظومة "الجندر" في سياسات واستراتيجيات الدول، والذي يعني أن كلا من: الخصائص والسمات، والعلاقات بين الذكر والأنثى أو بين ذكرين أو بين أنثيين، والأدوار ذات العلاقة بالذكورة والأنوثة، جميعها مبنية أو مؤسَّسة مجتمعيًا، أي أن المجتمع هو الذي أسسها وليست فطرة الله التي فطر الناس عليها، وبالتالي فجميعها متغيرة وليست ثابتة، وأن الإنسان من حقه -وفقًا لمنظومة الجندر- اختيار خصائصه، فيتحول إلى أي نوع أو كائن هو يريده، واختيار علاقاته، واختيار أدواره في الأسرة والمجتمع. فلا ثوابت وإنما جميعها متغيرات!!

رابعًا: الإصرار على إلغاء كافة الفوارق بين الرجل والمرأة في الأدوار وفي القوانين والتشريعات: معتبرة أيًا من تلك الفوارق «تمييزًا ضد المرأة» يتوجب إزالته وتغيير القوانين من أجل تأكيد التساوي المطلق بين الرجل والمرأة. وبالطبع يترتب على ذلك إلغاء أهم عوامل الاستقرار الأسري، وهو التكامل والتمايز في الأدوار والمهام بين الزوجين، مثل تحمل الزوج مسؤولية القوامة كاملة، وتحمل الزوجة مسؤولية رعاية الزوج والأبناء، وتشاركهما معًا في التربية، بما يضمن نشوء أجيال قوية تحمل على عاتقها مسؤولية بناء الأوطان وحمايتها. في حين يقضي التساوي التام على ذلك التكامل، ويعزز الندية والتنافس بين الزوجين، وهو ما يهدد الأسرة بالتفكك والفشل.

 

z الأستاذ الدكتور رأفت محمد رشيد الميقاتي، رئيس جامعة طرابلس بلبنان، وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والذي شارك بورقة عنوانها "أجندة 2030 للتنمية المستدامة.. عنف ضد الأسرة".

وأشار إلى مضي قرابة عشر سنوات على صدور أجندة التنمية الاستدامة في منظمة الأمم المتحدة؛ مما يستدعي وقفة تقييمية لهذا المسار الأممي الآن وقبل حلول عام ٢٠٣٠.

وعرض بصورة موجزة لأهم آثار أجندة التنمية المستدامة على الضروريات الخمس في الفقه الإسلامي دينًا ونفسًا وعقلاً وعرضًا ومالاً، كاشفًا عن خطورتها الفادحة وإفلاسها القيمي.

ونبه إلى أن هذه الخطة الأممية صادرت حق الشعوب في تقرير مصيرها الثقافي والتشريعي والأسري بآحادية ملزمة، من ثلاثة أوجه: وذلك بمنع الدول من حقها في التحفظات، وبجعل الخطة غير قابلة للتجزئة في أهدافها السبعة عشر، وبفرض مرجعية اتفاقيات سيداو وبكين والقاهرة في مقدمتها.

كما لفت دكتور الميقاتي إلى خطورة خداع المصطلحات تحت مظلة الجندر وإعادة تشكيل الأسرة والمجتمع؛ وصولاً إلى التحول النوعي من إنسان إلى حيوان أو شيء بعد التحول الجنسي وإقرار الفوضى الجنسية، مرورًا بالعنف الأسري وما يستبطنه هذا المصطلح من هدم الولاية والقوامة الزوجية والنسب والمهر والنفقة وقواعد الميراث باعتبار "العنف" لدى الأمم المتحدة عنوانًا لكل ما يخالف نهجها، ولا يختزل فقط بالإيذاء البدني، وصولاً إلى مصطلح الصحة الإنجابية وحرية الإجهاض، الذي هو تشريع صريح وأثيم باغتيال الأجنة، معتبرًا أن الفوضى الحداثية أفضت إلى منظومة جديدة للتحليل والتحريم، بحيث يتم تحليل الحرام وتحريم الحلال، مع إهدار التعددية الثقافية وإحلال الآحادية الاستبدادية.

وأشار إلى رفض عدد من الدول الكاثوليكية والأرثوذكسية للجندر وللفوضى الجنسية؛ حفاظًا على الأسرة المسيحية أيضًا.

 وختم كلمته بالتقدم بعدد من التوصيات الرامية إلى التوعية الشاملة، وإلى دعوة الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي إلى الانسحاب من هذه الخطة التي لا تؤمّن سوى الانهيار القيمي والأسري المستدام.

 

z الأستاذ عبد الوهاب إيكنجي، الأمين المساعد لاتحاد علماء المسلمين ورئيس جمعية علماء تركيا UMAD، والذي شارك بورقة "أهمية الأسرة وضرورة الوقوف في وجه المؤامرات التي تحاك لهدمها"..

وقد أشار إلى أهمية الأسرة، وأن فقدان مفهوم الأسرة يجعل المجتمع يفقد أحد الصفات المهمة له كونه مجتمعًا إنسانيًا، فيصبح المجتمع كغثاء السيل لا يستطيع أن يحافظ على بقائه وقوته. وإن توافر أسرة ذات أركان متينة يجعل المجتمع مجتمعًا مدنيًا قويًا متماسكًا. وأن الاقتصار على إجراء بحوث والوصول إلى تصورات، وحبس تلك التصورات في المكتبات يجعل هذه الأبحاث بدون جدوى.

وأضاف أن التصورات التي يتوصل لها البحث العلمي، يجب أن يتبعها تحويل الفكر إلى خطوات عملية، انطلاقًا من أهمية الأسرة اجتماعيًا وخلقيًا وسياسيًا. هذه الخطوات العملية مهمة لنا كمسلمين. فقراءة الوصفات التي تنتجها البحوث العلمية يجب أن يترتب عليها كيفية تناول الوصفة، وتحويلها إلى خطوات عملية. ولو ركزنا على تلك الخطوات وأولها تكوين الأسرة من أفراد مسلمين إيمانيًا وخلقيًا واجتماعيًا، وما يترتب على ذلك من كيفية العيش السلمي في المجتمع. من شروط الإيمان العميق وأن يكون لديه الوعي الكافي. بدون هذه الأرضية القوية يصبح هدم الآخرين للأسرة سهلاً.

وأوضح أ. إيكنجي أن المؤسسات العالمية التي تهتم بالأسرة لا تسمن ولا تغني من جوع. وهدفها هدم الأسرة. وأكد على ضرورة الوقوف في وجه المؤامرات التي تحاك لهدمها. وعلى وجوب الاهتمام بالطفل قبل أن يصبح جنينًا في بطن أمه عبر الاختيار الجيد للزوج أو الزوجة، وكذلك الاهتمام بنشأة طفل من جميع النواحي الخلقية والصحية والنفسية.

وأن تكوين مجتمع في ضوء تلك الرؤية يجعل من الصعب هدم الأسرة الذي خطط له الغرب. وهدم الأسرة يبدأ بهدم الفرد، وهذا هو الذي تهدف إليه المخططات الصهيونية، فهم يرون أن بني إسرائيل هم خلقوا لكي يكونوا سادة العالم، وأن بقية البشر هم خدم لبني إسرائيل. ولذلك تهدف إلى تدمير الفرد. ولذلك تم إنشاء مؤسسات عالمية تحت عناوين تخاطب فئات معينة في المجتمعات، لكن تلك المؤسسات تهدف إلى هدم الفرد، ومن ثم هدم الأسرة وزوالها من المجتمعات الإنسانية، وبالتالي تصبح لهم السيادة على هذا العالم.

 

z الشيخ محمد أسوم خليل، رئيس مجلس الشورى في هيئة علماء المسلمين في لبنان، ومنسق حملة حماية الأسرة والمجتمع (حسم)، والذي شارك بورقة "مصطلح الصحة الجنسية والإنجابية في أجندة 2030 للتنمية المستدامة".

أوضح خلالها حقيقة مصطلحي الصحة الجنسية والصحة الإنجابية، اللذان طالبت "أجندة 2030 للتنمية المستدامة" بتوفيرهما لكل الأفراد من كل الأعمار، وخطورتهما على الأسرة والمجتمع .كونهما مصطلحان مترابطان لا يتعلقان بالسلامة الجسدية للأم والطفل كما يتبادر للذهن لأول وهلة، بل بتغيير ثقافة المجتمع ليتقبل ويشرع العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، وليتقبل ويعترف بما ينتج عنها من حمل سفاحًا، وليتقبل ويشرع حرية المرأة بإجهاض حملها دون قيود، وليعمل على تعليم الذكور والإناث كيفية تجنب الإصابة بالأمراض التناسلية، والحمل عند ممارسة الجنس خارج إطار الزواج، وكي يتحمل الذكور مسؤولية تلك العلاقات غير الشرعية، ولا يتركون النساء لوحدهن يتحملن تبعاتها، في حين تجرم تلك الوثائق الزواج الشرعي المبكر.

ثم تطرقت الورقة إلى إظهار أن الإسلام وأحكامه هو الذي حافظ على سلامة الزوجين وسلامة الأطفال، وذلك عبر أحكام الطهارة التي نصت على حصر العلاقة الجنسية في الزواج، وعلى تحريم المقاربة أثناء الحيض، وعلى الاغتسال من الحيض والجنابة، كما عرجت الورقة على الحكمة من تحريم التعدد للنساء، وأيضًا تحريم الإجهاض.

وختم الباحث كلمته بالدعوة للتصدي للجمعيات التي تروج لهذين المصطلحين في عالمنا العربي والإسلامي، وتشجيع الشباب على الزواج، وإلغاء القوانين التي تجرم الزواج الشرعي المبكر.

 

z الأستاذة ديليك تشيلينك، عضو لجنة الأسرة بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والباحثة في الحضارة الإسلامية، والتي قدمت ورقة "آثار المواثيق الدولية السلبية على الأسرة وقطع جذورها العميقة".

وقد أوضحت أن هذه الاتفاقيات تزعم أنها تحمي النساء والأطفال، ولكنها تهدف في الواقع إلى تدمير وتفكيك جميع الأسر ذات البنية الطبيعية، وإزالة المسؤوليات المتبادلة بين الزوجين، وتحويل العلاقة الأسرية إلى شراكة تستند إلى المصلحة، خالية من القيم. كما تدفع الأطفال والشباب إلى التمرد والثورة المستمرة ضد الوالدين والمعلمين والسلطة والدولة، وبالتالي تؤدي إلى تدمير الأسرة التي تمثل النموذج المصغر للدولة، يلي ذلك إضعاف المجتمع الذي تنتمي إليه الأسرة، وفي النهاية تدمير المجتمع بالكامل. كما أدت إلى اختفاء القيم التي تربط مكونات المجتمع مع بعضها البعض، وبالتالي فقدان الحساسية الاجتماعية التي كانت موجودة في الماضي بين الجيران والأقارب والأصدقاء والزملاء، وزيادة الوحدة والاكتئاب في المجتمعات التقليدية والمسلمة.

وذكرت أن من أهم المشكلات التي استجدت بعد الانضمام للمواثيق الدولية:

  • ارتفاع نسب الطلاق.
  • ارتفاع نسب العنف والقتل داخل الأسرة.
  • ارتفاع نسب العنوسة.

وأوضحت أ. ديليك أن من آثار قانون رفع سن الزواج أن تم مقاضاة الأزواج الذين تزوجوا من سنوات، وكانت زوجاتهم أقل من 18عامًا، وأنهم سجنوا لهذا السبب بعد أعوام طويلة. ومن آثار قانون الطلاق، أن الزوج بات ينفق على مطلقته مدى الحياة؛ مما جعل الزواج مرة أخرى بالنسبة له أمرًا في غاية الصعوبة.

كما استعرضت تجربة تركيا في الانسحاب من اتفاقية المجلس الأوروبي للقضاء على العنف ضد المرأة، المعروفة باسم "اتفاقية إسطنبول" التي صدرت عام 2011م، وكانت تركيا أول دولة انضمت إليها، وجاء انسحابها منها عام 2021م، بسبب تأثيراتها السلبية على قيم الأسرة والمجتمع التركي.

في النهاية، اعتبرت الورقة أن انحرافات التشريعات الدولية قد تؤدي إلى تدمير النسيج الاجتماعي، ويجب أن تركز السياسات المحلية على حماية الأسرة وفقًا للقيم الثقافية والدينية التي تقوم عليها المجتمعات المسلمة.

 

z الدكتورة سناء الحداد، عضو لجنة الأسرة بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، المحامية والمتخصصة في علم الفرائض، والتي شاركت بورقة عنوانها "الجندرة وظلم المرأة في الميراث".

تطرّقت خلالها في القسم الأوّل إلى أنّ ترويج شبهة ظلم الإسلام للمرأة في الميراث، ومحاولة فرض الجندرة أو مساواة الجندر في البلدان الإسلاميّة يتنزّل في إطار "استكبار غربيّ" يحاول فرض ثقافته وقيمه وحضارته على شعوب العالم، دون مراعاة لخصوصيّتهم الدينيّة والثقافيّة، ويتم ذلك عبر اتفاقيات دولية لم تكن الدول الإسلامية يومًا طرفًا في صياغتها.

وأوضحت أن ترويج شبهة ظلم الإسلام للمرأة في الميراث، الهدف منه تغيير قوانين الميراث المستمدة من التشريع الإسلامي وإحلال نظام ميراث منسجم مع حضارة الغرب.

وفي إطار ردّها على الذين يتّهمون نظام الإرث في الإسلام بظلمه للمرأة ويطالبون بإزالة هذا الظلم عن طريق تحقيق الجندرة والتي من معانيها مساواة التماثل بين المرأة والرجل، أفادت الدكتورة سناء أنّ مساواة الجندر هي التي تمثّل ظلمًا للمرأة في الميراث: فمساواة الجندر تعني المساواة المطلقة بين الذّكر والأنثى، والحال أنّهما مختلفان، ومن هذا المنطلق فإنّ "مساواة الجندر" تعني أوّلا: أن تحرم الأنثى من حقها في المهر، وأن تحرمها من حقها في النفقة المحمولة شرعًا على الذّكر، وأن تُلزَم بالإنفاق على الأسرة على قدم المساواة مع الذّكر، وهذا ظلم بيَّن للمرأة. وتعني ثانيًا: أن تتساوى الأنثى والذّكر في طريقة التوريث، وفي ذلك حرمان للأنثى من امتيازات في الميراث لا يتمتع بها الذّكر. وهذا ظلم ثان للمرأة تكرسه "الجندرة".

ولتبيان أن "الجندرة" هي التي تمثل ظلمًا للمرأة في الميراث، انطلقت الدكتورة سناء من أحكام الإرث في الإسلام، موضحة أن هذه الأحكام يتحقق فيها العدل الرباني، وأن اختلاف طريقة توريث الذكر والأنثى، ولئن كان ينفي مساواة التماثل بينهما، فإنه لا يعني أفضلية إرث الذكر على إرث الأنثى ولا العكس. فالعدل الرباني في أحكام الإرث في الإسلام يتجلى في تميّز كل من الذكر والأنثى بآليّات تضمن لكل منهما التفاضل في بعض الحالات، والمساواة في حالات أخرى؛ ذلك أنّ تميّز الذكر بضابط (للذكر مثل حظّ الأنثيين) الذي فضل ميراث الذكر في حالات مضبوطة على ميراث الأنثى المساوية له في الدرجة، يقابله تميّز الأنثى بأحكام وبضمانات اختصّت بها في الميراث، وفضّلت ميراثها في حالات أخرى على ميراث الذّكر أو جعلت نصيبها من الميراث مماثلاً لنصيب الذكر.

وانتهت إلى أن مفهوم "الجندرة" يخل بالتوازن بين الرجل والمرأة ويظلمهما معًا، وهو يتعارض تمامًا مع ما تحققه أحكام الإرث في الشريعة الإسلامية من توازن رباني معجز في الإرث بين الذكر والأنثى.

 

 z الأستاذ الدكتور محمد أيمن الجمال، أستاذ القضايا الفقهية المعاصرة بجامعة السلطان محمد الفاتح في إسطنبول، والذي شارك بورقة عنوانها "أجندة 2030 للتنمية المستدامة.. ازدواجية في المعايير".

ركز فيها على الشعارات البراقة التي اشتملت عليها الوثيقة، والتي خالفت الواقع، حتى بدا لقارئ تلك الوثيقة أن الرجل والدين هما الظالم للمرأة، في حين أن تلك الوثيقة وما سبقها من مواثيق دولية هي من ظلم المرأة، وضيع حقوقها التي كفلتها لها الشريعة الإسلامية الغراء.

وتجاهلت الوثيقة حقيقة أن كلا من الرجل والمرأة مظلومان من قبل السلطات الحاكمة في معظم بلاد العالم، وأن الظلم الأكبر إنّما يقع على الكيان الجامع لهما، وهو كيان الأسرة، ويقع على الفرد الأضعف وهو الطفل!

وأوضح الدكتور الجمال أن ما تقوم به تلك الوثائق من إجرام وانحياز إلى جانب دون جانب من أصحاب الحقوق لهو جريمة جديدة تضاف إلى جرائم المجتمع الدولي في حق الأسرة والطفولة كلها.

وأكد على بطلان من يقول بإمكانية الاستفادة من تلك الوثيقة بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة مثلا، أو بما لا يتعارض مع القيم والأخلاق المجتمعية؛ لأن الوثيقة نفسها ترد على ذلك الادعاء، إذ تنصّ في ديباجتها على أنّها: "كلّ لا يتجزّأ"

 

توصيات المؤتمر:

1.  توصية للحكومات الإسلامية بالانسحاب من الاتفاقيات الدولية التي تتعارض مع الدين الإسلامي، مثل اتفاقية سيداو، واتفاقية حقوق الطفل، وبالمثل التوقف عن التعاطي مع المواثيق التي تشكل خطرًا على الأسرة، مثل وثيقة 2030 للتنمية المستدامة، ووثيقة القاهرة للسكان، ووثيقة بكين.

2.  نشر المواثيق الإسلامية التي أصدرتها الهيئات العلمائية المعتبرة، مثل ميثاق الأسرة الدولي الذي وضعه الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بالتعاون مع اتحاد المنظمات غير الحكومية في العالم الإسلامي، وميثاق الأسرة في الإسلام، الذي وضعه المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة، والتي تم إصدارها لتكون أرضية تشريعية لقوانين الأسرة في العالم الإسلامي.

3.  مراجعة منظومة قوانين الأسرة في العالم الإسلامي، ورصد تطبيقات المواثيق الدولية التي أجريت عليها، والعمل على تنقية تلك القوانين، والعمل على تعديل تلك القوانين بهدف مطابقتها للشريعة الإسلامية.

المصدر: الاتحاد


: الأوسمة


المرفقات

السابق
تفكيك منظومات الاستبداد (٤٧): نظامنا السياسي عصيّ على الإصلاح

مواضيع مرتبطة

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع