اللغة العربية
في أفغانستان: ازدهار متواصل في ظل التحديات
شهدت السنوات الأخيرة، خاصة
منذ استيلاء حركة طالبان على السلطة في أغسطس 2021، زيادة ملحوظة في عدد المعاهد
التي تركز على تعليم اللغة العربية في العاصمة كابل وعدد من المدن الأفغانية.
في
ظل الظروف الحالية، أصبح تعلم اللغة العربية أمرًا أساسيًا للكثير من الأفغان، فهي
تعد مفتاحًا لفهم الإسلام والنصوص الدينية والعلوم الشرعية، مما يبرز مكانتها
وتأثيرها الكبير في المجتمع الأفغاني.
الجذور التاريخية للغة
العربية في أفغانستان
دخلت اللغة العربية إلى
أفغانستان مع انتشار الإسلام خلال القرنين السابع والثامن الميلاديين، ومنذ ذلك
الحين أصبحت اللغة الأساسية لفهم القرآن الكريم والحديث الشريف، مما جعلها جزءًا
لا يتجزأ من التعليم الأفغاني.
لعب العلماء الأفغان دورًا
مهمًا في نشر العلوم الإسلامية واللغة العربية في مناطق عدة مثل "هرات"،
"بست"، "غزنة"، و"بلخ"، التي كانت مراكز علمية
وثقافية هامة في العالم الإسلامي.
رغم تزايد استخدام الفارسية
والبشتو في الحياة اليومية خلال القرنين التاسع عشر والعشرين، بقيت اللغة العربية
راسخة في مجال التعليم الشرعي، خاصة في المساجد والمدارس الدينية.
حتى في أوقات الأزمات
الكبرى، مثل الغزو المغولي، ظلت اللغة العربية حاضرة في المجال الديني، حيث استمر
تدريسها في المساجد والمدارس الإسلامية.
في فترة "الجهاد ضد
الغزو السوفييتي"، انتشرت اللغة العربية بشكل أوسع بين المهاجرين الأفغان،
مما أدى إلى إنشاء مدارس ومعاهد متخصصة لتعليم العربية.
استمر هذا الوضع بعد حكم
طالبان الأول (1996-2001) وأثناء فترة حكم المجاهدين، حيث كانت اللغة العربية تُدرَّس
في المعاهد الدينية والجامعات الحكومية.
اللغة العربية بعد سقوط
طالبان
بعد سقوط نظام طالبان، شهدت
اللغة العربية بعض التحديات نتيجة الانفتاح على التعليم الغربي وتعلم اللغات
الأجنبية.
رغم ذلك، استمر التعليم
الديني في تمسكه بتدريس العربية، كما كانت كليات الشريعة في الجامعات الحكومية،
مثل جامعة كابل وجامعة ننجرهار، تخرج متخصصين في اللغة العربية وأدبها.
العودة إلى السلطة: ازدهار
معاهد اللغة العربية
مع عودة طالبان إلى السلطة،
أصبح تعلم اللغة العربية ضرورة أساسية للكثير من الأفغان الذين يرغبون في قراءة
القرآن والنصوص الدينية بلغتها الأصلية.
شهدت المعاهد المتخصصة في
تعليم العربية في كابل زيادة كبيرة في أعداد الطلاب، خاصة أولئك الذين يسعون
لاستكمال دراساتهم العليا في الجامعات العربية في دول مثل مصر، والسعودية، والأردن.
أظهر العاملون في وزارة
الخارجية الأفغانية أيضًا إقبالًا كبيرًا على تعلم العربية، نظرًا لأهميتها في
تعزيز العلاقات الدبلوماسية مع الدول العربية.
في هذا السياق، أولت حكومة
طالبان اهتمامًا خاصًا بتعلم العربية، حيث تم دمجها في وسائل الإعلام الحكومية
والرسمية، وتعزيزها عبر البرامج الدينية والتعليمية على شاشات التلفاز والإذاعات.
ازدهار معاهد اللغة العربية
في كابل
في العاصمة كابل، ارتفع عدد
المعاهد التي تقدم دورات في تعليم العربية بشكل ملحوظ، ومن أبرزها معهد
"الحجاز" الذي شهد إقبالًا كبيرًا من الطلاب.
يوضح مدير المعهد، نصيح الله
ناصح، أن البرامج التعليمية تهدف إلى تطوير مهارات الطلاب في القراءة والكتابة
باللغة العربية، مما يعزز قدرتهم على فهم النصوص الدينية بشكل دقيق.
التحديات والفرص
رغم الإقبال الكبير على
معاهد اللغة العربية، فإن قطاع التعليم في أفغانستان يواجه تحديات كبيرة، أبرزها
نقص الموارد والتمويل، بالإضافة إلى حرمان الفتيات من التعليم بعد الصف السادس
الابتدائي، مما يؤثر سلبًا على انتشار اللغة العربية بين العديد من فئات المجتمع.
ومع ذلك، يظل تعلم اللغة العربية أولوية للكثير من الأسر الأفغانية التي ترى فيها
الطريق لفهم الدين وتعزيز هوية أبنائها الثقافية والدينية.
المصدر: الجزيرة