رئيس الاتحاد العالمي لعلماء
المسلمين يستعرض مفهوم فقه الميزان وضوابطه لتعزيز وحدة الأمة
في إحدى حلقات برنامج "الشريعة
والحياة في رمضان" على قناة الجزيرة، استعرض رئيس الاتحاد العالمي
لعلماء المسلمين فضيلة الشيخ الدكتور علي محيي الدين القره داغي، مفهوم فقه الميزان
وضوابطه، موضحًا المنهج الصحيح في إقامة العدل بين الناس لتحقيق الوحدة وحماية الأمة
من عوامل الفرقة.
الميزان
الإلهي: أساس إقامة العدل في الأمة الإسلامية
وشدد القره داغي على أهمية هذا الموضوع
في ضوء تأكيده في القرآن الكريم، حيث تحدث الله عز وجل عن فقه الميزان في سورتين، هما
سورة الشورى وسورة الحديد.
وقال الله سبحانه وتعالى في سورة الحديد:
"لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط".
وأوضح الدكتور القره داغي أن الله سبحانه
وتعالى كرر ذكر كلمة "الميزان والموازين" أكثر من 20 مرة في القرآن الكريم،
مشيرًا إلى أن هذه الموازين كانت قائمة في عصر النبي صلى الله عليه وسلم وعصر الخلفاء
الراشدين في التصورات والتصرفات.
وأضاف القره داغي أن الأمة الإسلامية شهدت
اختلالًا في موازينها، موضحًا أن الخوارج، على سبيل المثال، قد نظروا إلى ميزان واحد
فقط، وهو الآيات التي تتحدث عن القتال والشدة والحكم لله سبحانه وتعالى، متجاهلين الميزان
الآخر الذي يتعلق بالصلح والسلم الاجتماعي، وهذا الفكر انتقل إلى بعض الجماعات المتطرفة
في العصر الحديث.
الاختلالات
في الموازين تعود إلى الفهم المغلوط للدين
وأشار الدكتور القره داغي إلى أن بعض الأفراد
يخطئون في فهم الدين، مما يؤدي إلى اختلال موازينهم، مثل الاهتمام بالسنن على حساب
الفرائض، وهو ما يعكس عدم الفهم الصحيح لمقاصد الله سبحانه وتعالى من خلق الإنسان.
وفيما يتعلق بالجوانب التطبيقية لفقه الميزان،
أكد الدكتور القره داغي على ضرورة أن يعتمد الفرد في إقامة الميزان على الوحي والعقل،
وأن يقيم التوازن في عباداته بحيث يؤدي الصلاة التي تلتزم بالشروط الظاهرية والباطنية.
كما شدد على ضرورة أن يقيم الفرد التوازن
في علاقته مع نفسه، سواء في الجوانب الروحية أو الجسدية، وعدم تغليب جانب على آخر.
إصلاح الاجتهاد:
مفتاح النهوض بالأمة وتجنب التفرقة
وأبرز الدكتور القره داغي نجاح الرسول صلى
الله عليه وسلم في إقامة التوازن بين الظاهر والباطن، وبين العقل والروح، وبين الداخل
والخارج، مما تجلى بشهادة الله عز وجل.
كما أكد على التوازن الذي أقامه النبي عليه
الصلاة والسلام في علاقته مع أسرته.
وفي حديثه عن الخلل الذي أصاب الأمة، لفت
القره داغي إلى أن ذلك يعود إلى عدم مراعاة التوازن بين الوحي والعقل.
كما تحدث عن خلل الحكومات المسلمة في إقامة
الميزان، مشيرًا إلى أن المفكرين الأوائل في أوروبا توصلوا إلى أن إصلاح المجتمع لا
يمكن أن يتم إلا من خلال إصلاح ثلاثة أنظمة: النظام السياسي، النظام التعليمي، والنظام
الديني.
وأخيرًا، شدد رئيس الاتحاد العالمي لعلماء
المسلمين على ضرورة إصلاح النظام الاجتهادي في الأمة، مؤكدًا على أهمية تطوير الأمة
من خلال الاجتهادات الصحيحة وتجنب الانشغال بالقضايا الجزئية والتكفير والتفسيق.
(المصدر: الجزيرة)