من أسماء الله الحسنى..
"العزيز"
بقلم: علي محمد الصلابي
الأمين العام للاتحاد
العالمي لعلماء المسلمين
إن اسم الله العزيز يبين لنا جلال القدرة
وعظمة السلطان، فالله تعالى هو العزيز الذي لا يُغلب، والقاهر الذي لا يُقهر، والغالب
الذي لا يرام؛ فعزته تتجلى في كل مخلوقاته، من أعظم الكواكب إلى أصغر الذرات، كلها
تشهد بعزته وقدرته.
فالعزة الحقّة هي عزة الله، ومن أراد العزة
فليطلبها في طاعة الله والاستسلام لأمره؛ فلا عزة لأحد إلا به، ولا قوة إلا بقدرته.
ومن توكل على العزيز فقد اتصل بمن لا يضام، ومن استعان به فقد استعان بالقوي العزيز،
فنحن نعبد الله العزيز، ونستعين به، ونستجير بعزته من ذل الخضوع لغيره.. فسبحانه ما
أعظمه من إله، وما أجلّه من رب!
من أراد
العزة مع المال، أو مع المنصب، أو مع الجاه، أو مع الصحة والعافية، أو مع الدنيا، أو
مع الآخرة، فعليه أن يقتبسها ويستمدها من العزيز، الذي من رَكنَ إليه أوى إلى ركن شديد
وقد ذكر اسمه "العزيز" في القرآن
اثنتين وتسعين مرة، جاء في أكثرها مقترنًا بأسماء أخرى من أسمائه، سبحانه، الحسنى،
والله، عز وجل، هو العزيز بكل معاني العزة، كما قال سبحانه: ﴿من كان يريد العزَّة فللَّه
العزَّة جميعًا﴾ [فاطر:10].
ويوضح العلّامة السعدي (رحمه الله تعالى)
المعاني الثلاثة للعزيز، فيقول: "العزيز" الذي له العزة كلها: عزة القوة،
وعزة الغلبة، وعزة الامتناع، فامتنع أن يناله أحد من المخلوقات، وقهر جميع الموجودات،
ودانت له الخليقة وخضعت لعظمته (قصة بدء الخلق، الصلابي، ص1139).
فمن أراد العزة مع المال، أو مع المنصب،
أو مع الجاه، أو مع الصحة والعافية، أو مع الدنيا، أو مع الآخرة، فعليه أن يقتبسها
ويستمدها من العزيز، الذي من رَكنَ إليه أوى إلى ركن شديد، واختص بمنعة لا تُبارى ولا
تجارى.
وكل من جرب أن يكون الله مَلاذه وملجأه
في حاجته وسؤاله؛ واعتزازه واعتزائه وطلبه، فإن العزيز، سبحانه، يعطيه سؤله، ويحفظ
له قدره ومنزلته، فسؤال الله، عز لا ذلَّ معه، وسؤال غيره ذل أعطى أو منع.
ومن كان الله مُعْتَصَمه ومقصده عزَّ وقوي،
وإن كان ضعيفًا في بدنه، أو واهنًا في قوته؛ أو مُقلًّا في ماله، أو ذليلًا في عشيرته،
فمن أراد عزة لا شائبة تشوبها فليلزم:
فاشدُدْ يديك بحبل الله
معتصما *** فإنه الركن إن خانتك أركان
ومن أسباب الوصول إلى ذلك: التواضع والتسامح
والعفو عن الناس، والتجاوز عن عثراتهم أو تقصيرهم في حقك، ففي «صحيح مسلم» عن أبي هريرة-
رضي الله عنه-: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "ما نقص مال من صدقة، وما
زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه"، ومن أسبابه: الاستمساك
بالقرآن تلاوةً وفهمًا وتدبرًا وتحكيمًا؛ فإنه سبحانه سماه العزيز (مع الله، العودة،
ص83).
من آثار
الإيمان باسم الله العزيز أن يكون ذُلّ العبد لله وحده، لا يلتجئ إلا إليه، ولا يحتمي
إلا بحماه، ولا يلوذ إلا بجنابه، ولا يطلب عزه إلا منه
و«العزيز» أي: الذي له جميع معاني العزّة،
كما قال سبحانه: ﴿إنَّ العزَّة لله جميعًا﴾ [يونس: 110]، أي: الذي له العزة بجميع معانيها،
وهي ترجع إلى ثلاثة معانٍ كلها ثابتة لله، عزّ وجلّ، على التمام والكمال.
* المعنى الأول: عزّة القوّة، وهي وصفه العظيم الذي لا تنسب إليه قوة المخلوقات
وإن عظمت.
* المعنى الثاني: عِزة الامتناع، فإنه الغني بذاته فلا يحتاج إلى أحد، لا يبلغ
العباد ضرّه فيضرونه، ولا نفعه فينفعونه؛ بل هو الضارّ النافع، المعطي المانع، منزه،
سبحانه، عن مغالبة أحد، وعن أن يقدر عليه أحد، وعن جميع ما لا يليق بعظمته وجلاله من
العيوب والنقائص، وعن كل ما ينافي كماله، وعن اتخاذ الأنداد والشركاء.
* المعنى الثالث: عِزّة القهر والغلبة لجميع الكائنات، فهي كلها مقهورة لله
خاضعة لعظمته، منقادة لإرادته، ونواصي جميع المخلوقات بيده، لا يتحرّك منها متحرك،
ولا يتصرف متصرف إلا بحوله وقوّته وإذنه، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، ولا
حول ولا قوة إلا بالله.
ومن آثار الإيمان بهذا الاسم أن يكون ذُلّ
العبد لله وحده، لا يلتجئ إلا إليه، ولا يحتمي إلا بحماه، ولا يلوذ إلا بجنابه، ولا
يطلب عزه إلا منه (فقه الأسماء الحسنى، البدر، ص 246 بتصرف).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* ملحوظة: جميع المقالات المنشورة تعبر
عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.