الاتحاد
العالمي لعلماء المسلمين يعزي في وفاة الشيخ الدكتور محمد صدقي البورنو
قال تعالى: ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى
رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾
(الفجر: 27-30).
يتقدم الاتحاد
العالمي لعلماء المسلمين بخالص العزاء وأصدق المواساة إلى الأمة الإسلامية -ولا
سيما الشعبين العزيزين الفلسطيني والتركي- في وفاة فضيلة الشيخ الدكتور أبو
الحارث الغزّي محمد صدقي البورنو، الذي انتقل إلى جوار ربه يوم الأربعاء 26
رمضان 1446هـ الموافق 26 مارس 2025م في مدينة غازي عنتاب بتركيا عن عمر ناهز خمسة
وتسعين عامًا.
كان الفقيد
-رحمه الله- عالمًا في أصول الفقه، وفقيهًا محققًا، وداعية مربٍّ، وأستاذًا
جامعيًا، ومجاهدًا فلسطينيًا حمل همّ قضيته علمًا وعملًا.
ترك بصمة
علمية واضحة، وكان منارة للعلم والوعي، يحمل هموم الأمة، ويجدد روح اليقظة
والتعلم، غرس في قلوب ناشئة الأمة معاني الكرامة والحرية من خلال فقه راسخ وبصيرة
نافذة.
وقد كُرِّم الفقيد في جامع أروسلو بمدينة غازي عنتاب خلال تجمع لطلاب العلم
والعلماء في 4 مايو 2023، بحضور عدد من العلماء والطلاب.
وُلد الفقيد في حي الزيتون بمدينة غزة، ونشأ في بيئة مفعمة بالصمود والعلم،
فتلقى تعليمه في الأزهر الشريف ودمشق، حتى أصبح من أبرز أعلام الفقه وأصوله.
لم يقتصر
أثره في المجال الأكاديمي فحسب، بل كان له حضور قوي في ميادين المقاومة، مشاركًا
في معارك الدفاع عن فلسطين، ليجسد نموذج العالم المجاهد.
النشأة
والتعليم
وُلد الدكتور
أبو الحارث الغَزِّي، محمد صدقي بن أحمد البُورْنُو، في حي الزيتون بقطاع غزة في
1/11/1931م، وأصوله تعود إلى بلدة بُورْنُو في ديار بكر.
درس
الابتدائية في غزة عام 1945م، ثم التحق بجيش الإنقاذ خلال حرب 1948، حيث أُصيب
وأُسر لفترة وجيزة.
سافر إلى مصر
عام 1954 لطلب العلم، والتحق بالأزهر الشريف، حيث أتم تعليمه بتقدير ممتاز، حصل
على إجازتين في اللغة العربية والشريعة الإسلامية من جامعة الأزهر وجامعة دمشق عام
1962، وكان الأول على دفعته في دمشق.
لاحقًا، حصل
على الماجستير ثم الدكتوراه من جامعة الأزهر عام 1979 في السياسة الشرعية، عن بحثه
حول سياسة عمر بن عبد العزيز الإصلاحية.
المسيرة
المهنية
بدأ التدريس
في المغرب عام 1962، ثم انتقل إلى السعودية وليبيا، حيث درّس في المعاهد والكليات
بين 1965 و1977.
بعد حصوله
على الدكتوراه، عاد إلى السعودية أستاذًا مساعدًا في جامعة الإمام محمد بن سعود
بالرياض، ثم انتقل إلى فرعها في القصيم حتى عام 1997.
تولّى تدريس
القواعد الفقهية، وكان أول من درّسها في الجامعات السعودية، ووضع لها منهجًا
أكاديميًا معتمدًا، أشرف على العديد من الرسائل الجامعية، وساهم في تطوير الدراسات
الفقهية.
كتبه:
1- الذِّكر
وأثرُه في دنيا المسلم وآخرته، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، ضمن
سلسلة الداء والشفاء، 1408هـ.
2- الغُنية
في أصول الفقه، للإمام منصور بن إسحاق السِّجِسْتاني (ت 290 هـ) (تحقيق)، 1410هـ/
1989م.
3- قدوة
الحكَّام والمصلحين عمر بن عبد العزيز رحمه الله، (رسالة الدكتوراه)، مكتبة
المعارف بالرياض، 1413هـ.
4- الوجيز في
إيضاح قواعد الفقه الكلِّية، طبع عدَّة طبعات، ط4، مؤسسة الرسالة ببيروت، 1416هـ/
1996م.
5- الجامع
لسيرة عمر بن عبد العزيز رحمه الله، للإمام أبي حَفْص عمر بن محمد المَلَّاء (ت
570 هـ) (تحقيق)، في مجلدين، مؤسسة الرسالة ببيروت، 1416هـ.
6- موسوعة
القواعد الفقهية، (لأول مرَّة في التاريخ الإسلامي، وهي موسوعة مرتبة ألفبائيًّا)،
في ثلاثة عشرة مجلَّدًا، مؤسسة الرسالة ببيروت، 1424هـ/ 2003م.
7- الأحاديث
الغَزِّية في الجهاد والاستشهاد والنية، مؤسسة الرسالة ببيروت، 1424هـ/ 2004م.
8- كشف
السَّاتر شرح غَوامض روضة الناظر، وهو شرح لكتاب ابن قُدامة، في مجلَّدين، مؤسسة
الرسالة ببيروت، 1434هـ/ 2013م.
9- قبس
البيان مختصَر تفسير الإمام ابن جرير الطبري جامع البيان، تحت الطبع على هامش
المصحف.
10- الردُّ
المُفحِم على من أجاز إمامة المرأة بالرجل المسلم، تحت الطبع والترجمة.
11- العِماد
في الجهاد.
نسأل الله
تعالى أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، وأن يرفع درجته في عليّين، وأن يثيبه على ما
قدّم من علم وعمل، وأن يرزقه الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء
والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا، كما نسأل الله أن يلهم أهله وذويه ومحبيه الصبر
والسلوان في هذا الوقت العصيب.
﴿إِنَّا
لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾
الدوحة: ٧ ٢
رمضان ١٤٤٦هــ
الموافق: 27
مارس 2025م
د. علي بن
محمد الصلابي
أ. د. علي محيي الدين القره داغي
الأمين العام
الرئيس