البحث

التفاصيل

غزة العزة تباد، تحت ضربات الأوغاد

الرابط المختصر :

بسم الله الرحمن الرحيم

غزة العزة تباد، تحت ضربات الأوغاد

بقلم: أ.د/ عبد الرزاق قسوم

عضو مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

 

عندما تتعطل لغة الكلام في ألسنتنا، وعندما تتآكل مفردات الأقوال في أقلامنا، وعندما تسقط الأقنعة عن وجوه سادتنا وكبرائنا، فاعلم أن خللا ما، في فقه السنن قد وقع، وينذر بقرب المهانة والمحن.

فلئن كان التاريخ لا يعيد نفسه، كما يقول فلاسفة التاريخ، لأن الحادثة الزمنية لا يمكن أن تتكرر، ولئن كان منطق القوة لا يمكن أن يغلب منطق الحق، حتى وإن ضعفت بعض حلقات مكوناته، فإن إعراضا، ونذرا، تُنبئ بإمكانية وقوع النكبة، إذا لم تواجه بهبّة ووثبة.

وباستعراض ما يحدث اليوم في غزة، من عربدة صهيونية، وفي ظل الأسلحة العربية والإسلامية المخزونة في المؤسسات، والتي بدأ يصيبها الصدأ، والجيوش العربية والإسلامية المركونة في الثكنات، والتي تسير على غير هُدى، هل من الممكن أن يغلب السبعة السبعين، والشرذمة المليارين؟

أم هل هي القيامة، قامت –اليوم- في غزة، لأن الغرب النصراني الصهيوني يريد للأمة أن تكون مريضة حتى يبيع لها الدواء، ويريدها أن تبقى فقيرة حتى يبيع لها الغذاء، ويعمل على أن تكون متحاربة حتى يبيع لها السلاح، ومقسمة حتى يضمن لها نوعا من البقاء.

نقول هذا والنذر تُتْرى، لمحاولة الصهاينة، وبدعم من أمريكا، وبتواطئ من العملاء، كي تقوم العصابات الصهيونية المسلحة، ذات الجنود المتوحشين الذين لا يرقبون في الفلسطينيين إلاّ ولا ذمة، يقومون بالتفجير، والتهجير، وبالتجويع، والترويع، كي يقيموا دولة إسرائيل العظمى، في عام 2048، تدشينا للمئوية الأولى من حدوث النكبة عام 1948.

إن ما يحدث اليوم في غزة، من إبادة، وما يجري في سوريا من انتهاك للسيادة، وما يقدم عليه الصهاينة في الضفة والقدس، واليمن، ولبنان، من انتهاك للمدرسة، والمستشفى، والعيادة، ودور العبادة، ليجعلنا نتساءل:

وأين من كل هذا، موقف الجنائية الدولية؟ والمنظمات الأممية؟ والهيئات الحقوقية الإنسانية؟

هل خلا الجو للصهاينة، حتى راحوا يعربدون كما يشاءون، وهم الذين يكرهون الموت ويحبون الحياة؟

لقد عرفنا جيش الصهاينة، الذي كان يزعم أنه الجيش الذي لا يهزم، كيف مرغت كتائب القسام أنفه في التراب؟ وكيف طوّق الحوثيون عتاده في الجو والبر والبحر، فأغلقوا عليه الأبواب؟

ثم ها هو الجيش الفلسطيني، يتآكل من داخله، فتسود حالة الإحباط جنوده الاحتياطيين، فيرفضون الانضمام إلى القتال.

كما تطوّق حكومته المظاهرات الشعبية المطالبة برحيل قادتها، ويتآكل اقتصاده فتتضاعف أزماته؛ كما أن ظاهرة النزوح، ومغادرة الكيان لم تعد خافية على أحد.

أفبعد هذا، يخرج علينا من صفوفنا أشباه الدعاة، والمتفيقهين، وعلماء السوء، من يطعن في المقاومة، فيطالبها بنزع السلاح، ومغادرة البطاح، والكف عن الكفاح، تالله إن هذا لهو السفاح!

فيا أمة المليارين! يا أيها المسلمون الصامدون! ﴿إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾ [سورة آل عمران، الآية 140].

إن قوة الصهاينة المزعومة، إنما جاءت من ضعف الأمة المأزومة، فأمتنا تملك الزاد، والعتاد، والعباد، ولكن ينقصها حسن الزعامة، ونبل الاقتياد.

فنقطة ضعف أمتنا تكمن في أن فيها سماعون للعدو، فهم يستبدلون الذي هو أدنى، بالذي هو خير، وما اغتيال قادة المقاومة بالوشاية، والسعاية، إلا نذير شؤم لدى بعض القوم.

نحن واعون، بخطورة المرحلة، ومدركون لمشهد الموت، والحزن، والأسى، الذي يطبع واقع غزة العزة.

كما أننا نشاطر الغزاويين ما يعانونه في كل لحظة، من المفقودين بالعشرات، من النساء، والأطفال، والعُزَّل من الرجال، ولكن إيماننا بأن الحق هو الذي ينتصر على القوة، هو الذي يجعلنا أكثر إيمانا، من أن الصهاينة بالرغم من عربدتهم، ووحشيتهم، هم إلى زوال، لأن ذلك هو وعد الله في قوله: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [سورة المجادلة، الآية 21]، وقوله: ﴿وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾ [سورة الصافات، 173].

غير أن الهجمة الوحشية الشرسة التي أقدم زعيم الكيان الصهيوني، والتي يهدف من خلالها إلى نسف الوجود الفلسطيني من غزة، كي يسيطروا من جديد على غزة، إن هذه الهجمة لا ينبغي الاستهانة بها، وإن لم تواجه بمقاومة شاملة وكاملة، من الأمة بأكملها، وإن لم يستخدم في ذلك كل ألوان الأسلحة المادية والمعنوية، بدأ بتقديم الدعم الاقتصادي، وتقديم الدعم العسكري، واللوجستيكي الاعتيادي، ووصولا إلى سلاح المقاطعة بمختلف الأيادي، إن لم يتم تحقيق ذلك، فقد يمكن العدو الصهيوني، ولو إلى حين، من فرض سيطرته على القطاع، وتمكينه من تطبيق سياسة التوسع، والابتلاع.

فلا أحد ينكر الضربات الموجعة التي وجهها الصهاينة لمختلف قطاعات شعبنا في غفلة وغفوة من أمتنا، التي جعلها قادتها تغط في نوم عميق ولا وعي سحيق.

نريد إذن، لكل أفراد أمتنا، أن يهبوا من نومهم، وأن يثبوا، بكل ما أمكنهم من سلاح، لدفع العدو الصائل بما أمكن.

فأطماع العدو وحلفائه، إن لم يواجه بصحوة عسكرية بارزة، وإن لم تستجب القوة الحية في أمتنا، إلى فتوى العلماء الربانيين، بضرورة الحشد والتعبئة على أكثر من صعيد، إن لم تتحقق هذه المواجهة، فأطماع العدو، لن تتوقف عند غزة، والضفة، والقدس، بل إن عين العدو على وهران، والطهران، وفزان، والقيروان، وسلاحه موجه إلى إيران، وأفغانستان، وكل العربان، والإخوان.

ذلك، إذن، هو عهد الإسلام في ذمتنا، وأمانة محمد في أعناقنا، وشهامة العروبة في ضمائرنا، ولئن تمكن الصهاينة من فرض هيمنتهم على فلسطين، وفي غفلة من المسلمين، فأيقن بأننا من الخاسرين، وأعوذ بالله من السلب، بعد العطاء.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* ملحوظة: جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.


: الأوسمة


المرفقات

السابق
كركوك تستضيف مؤتمرًا علمائيًا حاشدًا لنصرة غزة بمشاركة رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

مواضيع مرتبطة

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع