أنأكل الطعام ونلبس الثياب، وبنو هاشم هلكى؟!

أنأكل الطعام ونلبس الثياب، وبنو هاشم هلكى؟!

بقلم: أ د/ محمد دمان ذبيح

عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

 

** [المقال ضمن: (الحملة العالمية للثوابت الشرعية) بإشراف لجنة الثوابت والفكر الإسلامي، تحت شعار: "ثوابتنا أُسُسُ دينِنا ومعالمُ نهضتنا"]

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين ثم أما بعد،،

     إنها كلمة قالها زهير بن أبي أمية أحد كفار قريش، وهذا بعد أن اجتمع مع جماعة من أصحابه ليلا بأعلى مكة، فأجمعوا أمرهم ، وتعاقدوا على القيام في الصحيفة حتى ينقضوها ، وقال زهير : أنا أبدؤكم ، فأكون أول من يتكلم ، فلما أصبحوا غدوا إلى أنديتهم ، وغدا زهير بن أبي أمية عليه حلة ، فطاف بالبيت سبعا ، ثم أقبل على الناس فقال : يا أهل مكة ؟ أنأكل الطعام ونلبس الثياب ، وبنو هاشم هلكى لا يباع ولا يبتاع منهم ، والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة .[1]

     ألا نستحي من الله تعالى، ثم من أنفسنا يا أمة العرب والإسلام؟! فهذا واحد من كفرة قريش تحركت في داخله معاني الشهامة، والنخوة والمروءة، عندما رأى هذا الظلم المسلط على بني هاشم من طرف صناديد الكفر وقتها، ونحن اليوم ومع إخواننا في غزة، والتي تعاني كما نعلم جميعا الجوع، والفقر، والمرض و...لا نتحرك ساكنا، ولا نبذل أدنى مجهود في سبيل نصرتهم ، وفك الحصار عنهم ، وإخراجهم من هذا النفق المظلم الذي يجعل الولدان شيبا.

      والغريب في الأمر أننا وإخواننا في غزة جميعا رضينا بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا!! ! وهو ما يعني أن المسؤولية أعظم أمام الله تعالى، والأمانة أكبر أمام الأمة، والحِمل أثقل أمام التاريخ، فإن لم نكن في مستوى هذه الثلاثية فلنعترف بهذه الحقيقة " جاهلية العرب في الماضي أفضل من حضارة اليوم"،  فعلا ، فعندما تكون الجاهلية مصحوبة بالرجولة، والإنسانية فهذا أحسن من حضارة مصحوبة بالذل، والصغار، وصدق عنترة بن شداد عندما قال:

لا تسقني ماء الحياة بذلة  ***  بل فاسقني بالعز كأس الحنظل

ماء الحياة بذلة كجهنم  ***  وجهنم بالعز أطيب منزل

     يا أمة العرب والإسلام لنستيقظ فنحن أمة العزة والإباء ، أنأكل وإخواننا جوعى؟ ! والله تعالى يقول:

﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ [التوبة: 71]، ويقول أيضا : ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ﴾ [الماعون: 1 - 3].

    يا أمة العرب والإسلام لنستيقظ فنحن أمة العزة والإباء ، أنأكل وإخواننا جوعى؟ ! ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: " ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع إلى جنبه"[2].

     تحركي يا أمة الإسلام فإن العار كل العار أن تعجز أكثر من خمسين دولة إسلامية عن توفير الطعام لغزة، في حين أمريكا و على مرأى ومسمع من الجميع تقدم الدعم المادي والعسكري للكيان الغاصب !.

    اجتمعي الآن يا أمة المليارين على قلب رجل واحد ، يحمل هما واحدا وهو إدخال المساعدات لإخواننا في غزة ، ولا تخافي في ذلك لومة لائم ، فالأمر يحتاج منك فقط صدقا مع الله تعالى ، وقرارا رجوليا، وعملا تاريخيا يرفعك في الدنيا والآخرة، والحذر كل الحذر من الخيانة، والغش، و الخداع، و التدليس ، ومن كل البيوع الفاسدة ، يقول الإمام عبد الحميد بن باديس رحمة الله تعالى عليه : " إن القدس أخت مكة والمدينة، من خانها خانهما، ولا عذر له مطلقا." ، ويقول أيضا الشيخ البشير الإبراهيمي رحمة الله تعالى عليه: "  فلسطين وديعة محمد عندنا، وأمانة عمر في ذمّتنا، وعهد الإسلام في أعناقنا، فلئن أخذها اليهود منّا ونحن عصبة؛ إنا إذا لخاسرون."

    أظنها يا أمة العرب والإسلام كلمات تتحرك لها الجبال، فكيف بمن يقول: " لا إله إلا الله محمد رسول الله؟!"،

    إنها كلمات تجعلك حقا تشعرين بعظم المسؤولية الملقاة على عاتقك، والتي ترفعك إلى هذا الوسام، وهذا الشرف:

﴿ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [النمل: 37].

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* أ د/ محمد دمان ذبيح؛ عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، جامعة محمد العربي بن مهيدي أم البواقي -الجزائر-.

* ملحوظة: جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.