البحث

التفاصيل

كُرَبٌ وَويْلات وَسَبيل طَوْق النَّجَاة

الرابط المختصر :

كُرَبٌ وَويْلات وَسَبيل طَوْق النَّجَاة

"وَصِيةٌ مِن مُشْفقٍ على حَالِ المُسلمينَ اليَوم"

بِقلم: د. مُنذر عَبد الكريم القُضَاة

عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

 

الحمدُ لله وحدهُ، والصَّلاةُ والسلامُ على من لا نبي بعدهُ، وبعد...

إنَّ العينَ لتدمع، وَالقلب لِيحزن لما يَجري الآن مِن أحداثٍ جِسام في الأمة الإسلامية، وما تُعانيه مِن أدواءٍ، وَويلاتٍ، وَكربٍ، وَمصائبٍ.

 مُعاناةٌ مِن خللٍ في طاعة الله – عزَّ وجل- ورسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

مُعاناةٌ مِن عدمِ تحقيق توحيد الخالق – سبحانه- كما يحبُ ويرضى.

مُعاناةٌ مِن عدمِ تحقيق إتّباع رَسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما يجب وَينبغي.

مُعاناةٌ مِن الصراعِ بين الرَّاعي والرعيَّة.

مُعاناةٌ مِن التفرّق وَعدم التآلف بين بعضنا.

مُعاناةٌ مِن تداعي وَتكالب الأمم علينا، كما تَتداعى الأكلة إلى قَصعتها.

وآخرها الحرب الأخيرة على غزَّة في ظلِّ سكوت وصمت عالمي وتنديد لا يرقى لأي مستوى مؤثر على اليهود

مُعاناةٌ مِن نزعِ المهابةِ مِن صُدورِ أعدائنا.

وَذل سلطه الله علينا لابتعادنا عن الجهاد رغبةً في الدُّنيا

وهذا أفضى بنا إلى المزيدِ من الفرقة، وَالخلاف، وَالنزاع، وَلا حَولَ وَلا قوةَ إلا بالله.

وفي خضم هذه الأمراض، وَالأدواء تأججت في كثير من بلاد المسلمين المظاهرات، واتقدت الاحتجاجات، وزادت الاعتصامات، وبوادر الانقلابات، وظهرت النزاعات المسلحة

وثارَ النَّاس، وفشا القتل، وكثر الهرج، واستُحلت الدماء، وَهُتكت الأعراض، وغرق النَّاس في بحرٍ من الفتن السوداء. وَساد الناس جُهَّالهم.

وأصبحَ كثير من المسلمين اليوم مُتهمون بالتطرّف، وَحري بهم أن يكونوا بعيدين عنه، ولكن عدم فهم حقيقة الدين، والتشرد، والتنطع فيه، والفهم السقيم لنصوصه، والابتعاد عن الطريق القويم أسباب أدَّت إلى انحراف المنحرفين؛ فغيروا الحقيقة وبدّلوا الشريعة، وكفّروا، وَقتلوا، ودمّروا، وألصقوا بالإسلام التهم، وَشوهوا صورته بين الأمم.

فما هو سبيل النجاة في ما نحن فيه الآن؟ وما هو الدواء الشافي؟ وكيف الخلاص والنجاة؟!

نعيش في وقتٍ تسرَّب فيها الوهن للأمة الإسلامية في هذه الأيام، وَتعددت فيه المرجعيات الدينية، وَقلَّ العلماء، وَكثرت الشبه، وَلبس الحق على أهله، وَأصبح يحول بين الحق وأهله، دُعاة الضلالة، وَأدعياء العلم، وَهم أقربُ إلى الضلال – وَإن تباكوا على الإسلام-.

ولقد وجهنا رَسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى ما ينبغي فعله في مثل ما نحن فيه الآن من فتنٍ عظيمةٍ، وقد قال الله تعالى في حقِّ رسولهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:}وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ (3إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ {سورة النجم الآيتان 3-4

فعن عبدالله بن عمرو بن العاص (رَضي الله عنهما) قال: قالَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ ، وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ ..." صحيح مسلم (1844)

وهذا يعني أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دلَّنا على ما ينبغي فعله عند الفتن، فلا اجتهاد في مورد النص، وأحسن الاجتهاد بذل الوسع في معرفة علاج الشرع الحنيف.

عن حذيفة رضي الله عنه قال: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَامًا، فَمَا تَرَكَ شَيْئًا يَكُونُ فِي مَقَامِهِ ذَلِكَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ، إِلَّا حَدَّثَهُ حَفِظَهُ مَنْ حَفِظَهُ وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ ...) رواه البخاري (6604) ومسلم (2891)

وعليه فيجب الرجوع إلى كتاب الله –تعالى- وسُنة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمعرفة السلوك القويم، والسبيل المستقيم في ما يحري من أحداث في الأُمَّة الآن.

قال سفيان الثوري: (إِنِ اسْتَطَعْتَ، أَلا تَحُكَّ رَأْسَكَ إِلا بِأَثَرٍ فَافْعَلْ).

الخطيب البغدادي في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (142/1)

فَحذارِ أن تردَّ هذا الأمر إلى غيرِ الكتابِ والسنةِ، هذا إن كنت ترفع راية الكتاب والسنَّة.

أمَّا من رفع راية العلمانية؛ فحلوله علمانية، ومن رفع راية الإلحاد؛ فحلوله إلحادية، ومن رفع راية الشرك؛ فحلوله شركية، ومن رفع راية الشيطان؛ فحلوله شيطانية.

 فانظر أخي ما هي رايتكُ بين هذه الرايات؟!

أيها المسلمون: أتعلمون ما هي أسباب الفتن والهلاك؟

أسباب ما نحن الآن فيه أنها عدم التعاون، والنصرة بين المسلمين وغياب المصلحين. قال الله تعالى: }وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ{ سورة هود الآية: 117.

وأيضاً من أسبابِ الهلاك عدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والامتناع عن قول الحق خوفاً من الناس.

قال الله تعالى: } فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا {سورة المائدة الآية: 44

ولتعلم أخي: أنَّ الأمرَ بالمعروف والنهي عن المنكر بضوابطهِ الشرعية، أمر مشروع وهو من أسباب النجاة في الآخرة – بإذن الله تعالى- وأيضاً فإنَّ الفسوق والمعاصي والظلم التي فشت بين الناس والفساد من أسباب الفتن التي تصيب الآن هذه الأمة.

عن قتادة قال :  قَالَ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - : (يَا رَبِّ ! أَنْتَ فِي السَّمَاءِ وَنَحْنُ فِي الْأَرْضِ ، فَمَا عَلَامَةُ غَضَبِكَ مِنْ رِضَاكَ ؟ ، قَالَ : إِذَا اسْتَعْمَلْتُ عَلَيْكُمْ خِيَارَكُمْ ، فَهُوَ عَلَامَةُ رِضَايَ ، وَإِذَا اسْتَعْمَلْتُ عَلَيْكُمْ شِرَارَكُمْ ، فَهُوَ عَلَامَةُ سَخَطِي عَلَيْكُمْ ). ذكره البخاري في كتاب "خلق أفعال العباد بدون إسناد"، ورواه البيهقي في كتاب "الأسماء والصفات "

ومن أسباب الفتن التي تعصفُ بالأمة الآن: الكفر بأنعمِ الله – سبحانه- وَعدم شكره على نعمه.

ومن أعظم أسباب الفتن موت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وموت الصحابة قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ، فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ، وَأَنَا أَمَنَةٌ لِأَصْحَابِي، فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ، وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي، فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ". صحيح مسلم - فضائل الصحابة) 2531( 

ومع ذهاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه (رضي الله عنهم) وذهاب منهجهم اشتدَّ الخلاف، فها نحنُ نعيش الاختلاف الذي أعلمنا إياه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قال: " إِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلافًا كَثِيرًا ؛ فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي ، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ بَعْدِي ؛ فَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ ؛ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ ضَلالَةٌرواه أبو داوود والترمذي وقال حديث حسن صحيح

ومن أسباب الفتن ما عمَّ به البلاء في معظم نواحي بلاد المسلمين إلا من رحم ربي ما يحدث من جريمة نكراء؛ لإسقاط علماء السنة والجماعة، والافتيات على علماء ومشايخ السلف بدعاوى كثيرة مُتعددة باطلة لا يُراد بها وَجه الله سبحانه وتعالى.

وكثرة التخويف للعلماء والدعاة والصادعين بالحق

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:" ولا تقع فتنة إلا مِن ترْك ما أمر الله به، فإنه سبحانه أمر بالحق وأمر بالصبر. فالفتنة إما مِنْ تَرْك الحق، وإما من ترك الصبر". الاستقامة، (١/ ٣٩).

فها هو الخلاف الآن يعظم ويشتد في بيان أسباب المحن، والمخرج منها في بلاد المسلمين.

فما هي أسباب النجاة من الفتن التي تعصف بالمسلمين في هذه الأيام، ولا يخفى عليكم أنَّ سبيل النجاة من الفتن هو النظر في أسبابها

 أمّا أسباب النجاة فهي:

-    تقديم كلام الله تعالى ورسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على كل كلام وتأويل واجتهاد، قال الله تعالى: } وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ {سورة آل عمران الآية: 132.

-    والتوبة من أسباب النجاة لقوله تعالى: }إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ۗ { سورة الرعد الآية: 11.

ومن أبرز السبل في العلاج من الفتن اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء والتضرع، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ “، قَالُوا: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ..." صحيح مسلم (5221)

وَالتوقف عن النيل من علماء أهل السنة والجماعة؛ فهذا الزمان أولى الأزمنة بالتوقف عن النيل من العلماء؛ لكثرة ما يعرض فيه من اشتباه؛ قال الفضيل بن عياض: ( هَذَا زمَان احفظ فيه لسَانَك، وأخفِ مَكانك، وَعالج جفانَك، وخذ مَا تعرف وَدَع مَا تنكر لتصلح شأنكَ) حلية الأولياء: ( 8/ 94)؛ سير أعلام النبلاء: (8/ 436)

أخي المسلم: ماذا تفعل عند الفتنة؟

الجواب على ذلك: في حديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، أَفْلَحَ مَنْ كَفَّ يَدَهُ". رواه أبو داوود (4249) وصححه الشيخ الألباني

وأيضاً ما ورد عن عبد الله بن عمرو (رضي الله عنهما) قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا رَأَيْتَ النَّاسَ قَدْ مَرَجَتْ عُهُودُهُمْ وَخَفَّتْ أَمَانَاتُهُمْ وَكَانُوا هَكَذَا ". وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ قَالَ فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ كَيْفَ أَفْعَلُ عِنْدَ ذَلِكَ جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاكَ قَالَ :" الْزَمْ بَيْتَكَ وَامْلِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ وَخُذْ مَا تَعْرِفُ وَدَعْ مَا تُنْكِرُ وَعَلَيْكَ بِأَمْرِ خَاصَّةِ نَفْسِكَ وَدَعْ عَنْكَ أَمْرَ الْعَامَّةِ". رواه أبو داود (4343) ، وأحمد (6987)

إذاً: الصبر ولزوم البيت، وأملك عليك لسانك واصمت، كُن أخي عبد الله المقتول، ولا تكن عبد الله القاتل، وكفَّ اليد، وعليك بالسمع والطاعة للسلطان، وولي الأمر، واعتزال الفرق كلها إن لم تكن هناك جماعة، ولا إمام، والتثبت مما يُنقل بين الناس، والحرص على الانشغال بالعبادة، وحسن الختام.  وَكُن بعيداً عن الفوضى التي تزيد الخلاف والشر، والفوضى التي تجر القتل، والفوضى التي تأتي بالسلب والنهب، والفوضى التي تقود إلى الاعتداء على الأعراض، واخرج من هذه الفتن لا تصيب دماً ولا مالاً ولا عرضاً.

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمرَ بلزوم البيوت عند كثرة الفتن واشتدادها

ففي الحديث الشريف " .... قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كُونُوا أَحْلَاسَ بُيُوتِكُمْ". سنن أبي داوود (4263) أي ألزموا بيوتكم.
وفي لفظ الترمذي:" كَسِّرُوا فِيهَا قَسِيَّكُمْ، وَقَطِّعُوا فِيهَا أَوْتَارَكُمْ، وَالزَمُوا فِيهَا أَجْوَافَ بُيُوتِكُمْ، وَكُونُوا كَابْنِ آدَمَ". 

اللهمَّ اجمع كلمة المسلمين.

اللهمَّ وحد صفوفهم.

اللهمَّ خذ بأيديهم لما تحبه وترضاه

اللهمَّ أصلح أئمتنا وولاة أمورنا.

اللهمَّ اجعل ولايتنا في عهد من خافك واتقاك برحمتك يا أرحمَ الراحمين. اللهمَّ انصر كل من جاهد لإعلاء كلمتك ولرفع رايتك.

اللهمَّ انصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان. اللهمَّ ثبت أقدامهم، اللهمَّ أنزل السكينة على قلوبهم. اللهمَّ من أراد بالإسلام والمسلمين بكيدٍ، فأشغله بنفسه، وأجعل تدبيرهُ في تدميره وحطمه ومزقه وألعنه كل لعنة، وخذه أخذ عزيز مقتدر يا رب العالمين.

اللهم اشهد أني قد بلغت

وآخر دعوانا إن الحمد لله رب العالمين.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* ملحوظة: جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.


: الأوسمة


المرفقات

التالي
أنقرة.. رئيس الشؤون الدينية التركي ونائب رئيس الاتحاد يناقشان دعم غزة وقضايا الأمة
السابق
مأزق المساواة وجندرة الحياة في ثقافة الأسرة العربية (4)

مواضيع مرتبطة

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع