الدوحة في: 08 رمضان 1432هـ
الموافق:2011/08/08م
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه.. وبعد:
فإن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يتابع عن كتب وبقلق بالغ ما يحدث في سورية من قيام النظام السوري بقمع شعبه وبمجازر بشرية وجرائم إنسانية ضد الشعب السوري الأعزل كان آخرها مجزرة هلال رمضان التي راح ضحيتها أكثر من 146 شهيداً أكثرهم في مدينة حماة، وتابع جرائمه في بقية المدن والمحافظات المنتفضة في دير الزور وحمص وإدلب والمعرة وغيرها.
والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إذ يُذكّر النظام السوري ببياناته المتكررة وخطب ومواقف رئيسه العلامة الدكتور يوسف القرضاوي يرى ما يلي:
أولاً: يدين الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بأقسى عبارات الإدانة الجرائم البشعة والممارسات الوحشية التي يرتكبها النظام السوري ضد شعبه الأعزل التي تجلت باستخدام الأسلحة الحربية ذات العيارات الثقيلة، وفي مهاجمة المدن والمنشآت المدنية والممتلكات العامة والخاصة والمتظاهرين السلميين إلى درجة ترتقي إلى مرتبة الجرائم ضد الإنسانية.
ثانياً: يشدِّد الاتحاد على أهمية الحفاظ على سلمية الثورة وعدم اللجوء إلى السلاح على الرغم من التضحيات الجسيمة التي يقدمها الشعب في وجه هذا العدوان المجرم الآثم. كما يؤكد على رفض أي تدخل أجنبي غير إسلامي، ويحذرمن الوقوع في فخ لعبة الطائفية التي يروجها النظام ليشرذم الجهود ويحول الثورة إلى اقتتال طائفي.
ثالثاً: يقدر الاتحاد الموقف الأخلاقي السامق للشعب السوري المطالب بحريته في وجه آلة الظلم والجور والاستبداد العاتية وصبره على الأذى في سبيل ذلك، وأن ذلك يرقى إلى أعلى درجات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما قال الله عز وجل على لسان سيدنا لقمان: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} [لقمان:17] وهو كذلك من أفضل الجهاد كما في الحديث: "أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر"، وأن من قتل في مواجهة الظلمة فهو شهيد.
رابعاً: يؤكد الاتحاد على وجوب دعم ومؤازرة الشعب السوري في محنته كما ورد بذلك الأحاديث الثابتة، ويدعو إلى دفع الصدقات وزكاة المال (ونحن في شهر الخير والعطاء) للمتضررين الذين فقدوا المعيل، باستشهادهم أو اعتقالهم أو ملاحقتهم.
خامساً: يندِّد الاتحاد بالتعتيم والتضليل الإعلامي الذي يمارسه النظام لتزوير الحقائق التي تجري في سورية، وقد عمدت الحكومة إلى مصادرة أجهزة الجوال وكاميرات الفيديو التي تجدها مع الشعب لإخفاء الحقائق التي أصبحت مكشوفة مهما حاول النظام إخفاءها والتستُّر عليها.
سادساً: يشيد الاتحاد بالبيان الصادر من دول مجلس التعاون الخليجي وبالخطوة السعودية في استدعاء سفيرها في دمشق للتشاور، ويتوجه الاتحاد بالشكر الخالص لخادم الحرمين الشريفين على موقفه هذا في مساندة الشعب السوري وتأييده لمطالبه العادلة أملا أن تتبع هذه الخطوة خطوات أخرى تهدف لرفع غطاء الشرعية عن النظام السوري وعزله وإضعافه والعمل بكل الوسائل الدبلوماسية وممارسة كل أنواع الضغط السياسي والاقتصادي والإعلامي والمعنوي عليه حتى يستجيب لجميع مطالب الشعب السوري.
ويشيد الاتحاد بالتحرك التركي الأخير ويضع الحكومة التركية ولاسيما الرئيس أردوغان أمام مسؤولياته تجاه حماة التي تعهَّد بحمايتها سابقاً.
سابعاً: يطالب الاتحاد منظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية أن تخرجا من صمتها القاتل، وتقوما بواجبهما نحو الشعب السوري الذي تُقمع إرادته، ويٌقتّل أبناؤه جهارا نهارا، وتقام المجازر دون استحياء.
ثامناً: يدعو الاتحاد الشعب السوري إلى الصبر والثبات واستمرار مظاهراته بقوة حتى تتحقق مطالبه المشروعة، داعيا الجيش وقوى الأمن إلى القيام بمسؤوليّاتهم الشرعيّة والوطنيّة في حماية الشعب الأعزل والدفاع عنه، ولا يجوز لهم إطلاق النار وترويع الآمنين، فضلاً عن القتل، ولا طاعة عليهم لمن يأمرهم بذلك كائناً من كان، ومن قُتل منهم لرفضه القتل وإطلاق النار، أو قُتل مطالباً بحقّه في الحرّيّة والكرامة، أو مدافعاً عن عرضه أو ماله، محتسباً لله في نيّته، فهو عند الله من الشهداء المبرورين.
تاسعاً: يذكّر الاتحاد علماء ومشايخ سورية بمسؤوليتهم أمام الله وأمام الشعب، في الوقوف مع الشعب المضطهد والجهربكلمة الحق،ونطالبهم بقيادة التظاهرات والإصرار على سلميتها، وندعوهم إلى إقامة صلاة التراويح في الساحات العامة والدعاء الطويل بعدها..
وأضعف الإيمان إذا لم يجهروا بكلمة الحق أو يشاركوا في الجهاد ضد الظلم أن لا يقفوا مع الباطل، ويلتزموا الصمت "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت".
عاشراً: يدعو الاتحاد الشعوب الإسلامية والعربية، لمساندة الشعب السوري، والشعب اليمني، والشعب الليبي، بالمظاهرات السلمية المؤيدة لهم، وبالدعاء والقنوت لهم بالنصر العاجل.
وفي الختام يقدم الاتحاد إلى الشعب السوري أحر التعازي باستشهاد ثلة مباركة ضمن قوافل الشهداء التي يقدِّمها أبناؤه المناضلون الذين نفضوا غبار الذل، وشقوا طريقَ العزة والحرية.. ومهدوا الطريق للشعب من بعدهم، وسقوا أشجار الكرامة بدمائهم الزكية الطاهرة.
وندعو الله تعالى أن يزيد هذا الشعب قوةً وثباتاً، ويربط على قلوبهم، ويثبت أقدامهم في طريق نضالهم الشائك.. حتى تستقر سفينتهم على شاطئ العزة والكرامة..
ونسال المولى عز وجل أن يجعل هذا الشهر شهر خير وبركة وفرَج ونصر مؤزر ونُصرةٍ للشعوب المظلومة في كل مكان وبخاصة في سورية واليمن وليبيا.. وإننا على يقين باقتران النصر بشهر رمضان المبارك فهو شهر الانتصارات الحاسمة في تاريخ الأمة الإسلامية بدءا من النصر في غزوة بدر الكبرى، ثم فتح مكة ضد المشركين، مروراً بالنصر المؤزَّر في معركة عين جالوت ضد أعتى أعداء العالم من التتار، ونسأل الله أن يحقق النصر لأمتنا وشعبنا في هذا الشهر العظيم ويختمه بفرحتين: فرحة الفطر وفرحة سقوط أنظمة القمع والظلم والاستبداد التي يأتي في مقدمتها النظام السوري الغاشم.
والله مولانا وحسبنا وناصرنا، وهو نعم المولى ونعم النصير.
أ.د علي القره داغي أ.د يوسف القرضاوي
الأمين العام رئيس الاتحاد