الرابط المختصر :
في تعليقه على سؤال ما هو الفرق بين المجاهد والإرهابي ؟ ( المطلوب
علامات ظاهرة وليست التي في القلوب مثل النية ) قال الشيخ الدكتور طارق
سويدان :
أحييكم مرة أخرى على إجاباتكم الرائعة والتي تدل على فهم متزن للإسلام ،
واسمحوا لي أن أعرض عليكم إجابة موسعة في هذا الموضوع الهام :
أولاً : تعريف الإرهاب
كما تعودنا لا بد من تحديد المعاني وتعريف المصطلحات حتى نستطيع التقييم باسلوب علمي .
ومصطلح الإرهاب يستعمله الجميع ضد الجميع ،
فالغرب والطغاة يطلقونه على كل من خالف سياساتهم حتى لو لم يحمل السلاح ،
ومن حمل السلاح بحق وباطل يطلق الإرهاب على كل خصومه حتى المجاهدين الآخرين .
واليوم قام أناس بحمل السلاح للجهاد ضد المحتلين أو الطغاة ، كما قام أناس
للقتال ضد هؤلاء المجاهدين ، وكل طرف يتهم الآخر بالإرهاب ، حتى اختلط
الأمر على الناس ، ولهذا طرحت هذا السؤال على أمل المساهمة في توضيح الأمر .
ولكي نحدد من هو الطرف المجاهد والطرف الإرهابي لا بد من تحديد مصطلح الإرهاب بدقة .
ولذلك بحثت ونظرت وتأملت فوجدت أن معظم التعاريف فيه عدم علمية وتميل لهوى
صاحب التعريف ليوجه الأمر لصالحه ، ومن هنا رأيت أن أطرح تعريفي الشخصي
للإرهاب :
" الإرهاب هو القتل المتعمد للأبرياء أو الأذى الموجه لهم أو لممتلكاتهم لأهداف سياسية "
وبهذا التعريف تخرج الجرائم التي ترتكب لأهداف مالية كالسطو والسرقات رغم
أن فيها قتل أو أذى للأبرياء والممتلكات لأنها ليست لأهداف سياسية .
كما تخرج المعارك الحربية بين الجيوش رغم القتل والأذى الذي فيها .
كما يخرج من التعريف القتال الموجه ضد المحتلين والطغاة لأنهم ليسوا أبرياء .
ويدخل في التعريف تدمير المباني والمصانع وغيرها ( إن كانت لأبرياء ) حتى لو لم يحدث فيها القتل .
وبهذا التعريف قد يكون الاٍرهاب من أشخاص أو جماعات ( مثل #داعش و #حزب_الله و #الحوثيين وغيرهم
وقد يكون اإرهاب من أنظمة وحكومات مثل نظام #بشار و #القذافي و #مبارك وغيرهم الكثير
ثانياً : الإرهاب في الأدلة الشرعية
الإرهاب ليس جديداً ، فقد تنبأ به النبي صلى الله عليه وآله وسلم وظهر في
زمن الخلفاء الراشدين متمثلاً في فرقة الخوارج التي مارست الإرهاب فعلاً .
واليكم خلاصة أوصافهم من الأدلة الشرعية والتي روى أكثرها الإمام البخاري رحمه الله تعالى :
١- " قوم يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم "أي يكثرون من قراءة القرآن
الكريم بأفواههم لكنه لا يتجاوز حناجرهم إلى عقولهم فهم لا يفهمونه !
٢- " قوم حدثاء الأسنان سفهاء الاحلام " أي أكثرهم شباب يفتقدون الحكمة
٣- " يقولون من خير قول البرية "أي يكثرون من الاستشهاد بالأحاديث الشريفة ، لكنها لديهم أقوال بلا فهم .
٤- " يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاتَهُ مَعَ صَلاتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ
صِيَامِهِمْ "أي أنهم كثيرو العبادة حتى إن صلاتهم وصيامهم أكثر من معظم
الصحابة رضي الله عنهم
٥- " يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلاَم " أي أن
أسلحتهم وجهادهم المزعوم موجه للمسلمين ، فيكثرون من قتل أهل الإسلام بدعوى
أنهم ارتدوا !!!
٦- " وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ فرغم أنهم
يدّعون الإسلام والجهاد إلا أنهم لا يقاتلون الكفار ذوي الكفر الصريح رغم
أنهم يستحلون دماء أهل القبلة .
٧- " لا يجاوز إيمانهم حناجرهم يمرقون
من الإسلام كما يمرق السهم من " الرمية " أي أنهم مسلمين في الظاهر ( ولا
يجوز تكفيرهم ) لكن إيمانهم ظاهري ، وفهمهم للإسلام سطحي سريع ليس فيه عمق (
كسرعة السهم الذي يمر من خلال الهدف )
والأحاديث الصحيحة كثيرة حول
هذه الأوصاف التي انطبقت على الخوارج آنذاك وتنطبق على داعش و حزب الله
وأمثالها اليوم ولا شأن لنا بإيمانهم ولا تخدعنا الأدلة الشرعية التي
يستشهدون بها !
ثالثاً : كيف نتعامل معهم ؟
الحوار هو الأصل في التعامل مع كل أصحاب الآراء والأفكار حتى لو كنت متطرفة ،
ولذلك رفض سيدنا علي رضي الله عنه قتال الخوارج رغم أنهم كفروه وهو
الخليفة والإمام الشرعي ، وقتل قولته الشهيرة : " قومٌ رأوْا رأياً فدعوهم
وما رأوْا ".
٢- حدد سيدنا أمير المؤمنين علي رضي الله عنه متى يحل قتالهم فقال :
" بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لَا تَسْفِكُوا دَمًا حَرَامًا ، أَوْ
تَقْطَعُوا سَبِيلًا أَوْ تَظْلِمُوا ذِمَّةً فَإِنَّكُمْ إِنْ فَعَلْتُمْ ،
فَقَدْ نَبَذْنَا إِلَيْكُمْ الْحَرْبَ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا
يُحِبُّ الْخَائِنِينَ "
إذاً أهم العلامات الظاهرة التي تميز الإرهابي هي :
قتل الأبرياء
وقطع طريق الأبرياء ( المتمثل اليوم في حصارهم )
وظلم أهل الذمة ( المتمثل اليوم فيما فعلوه بالأزيديين والنصارى )
٣- قاتلهم أمير المؤمنين لما قتلوا عبدالله بن خباب بن الأرت وزوجته ،
وقصتهم رحمهم الله تعالى كما جاءت في كتاب أسد الغابة مختصرة :
((قتلُ عبد اللّه بن خباب، قتله الخوارج،
كان طائفة منهم أَقبلوا من البصرة إِلى إخوانهم من أَهل الكوفة،
فلقوا عبد اللّه بن خباب ومعه امرأَته،
فقالوا له: من أَنت؟
قال: أَنا عبد اللّه بن خباب صاحب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم،
فسأَلوه عن أَبي بكر وعمَر وعثمان وعلي، فأَثنى عليهم خيرًا،
فذبحوه فسال دمه في الماء، وقتلوا المرأَة وهي حامل مُتِمّ
فقالت: أَنا امرأَة، أَلا تتقون الله؟! فبقروا بطنها، وذلك سنة سبعة وثلاثين
)) وقد قتلهم بناء على حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم القائل :
لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ " . متفق عليه
أي قتلا عاما مستأصلا وعن علي رضي الله عنه
(( إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
فلأن أخر من السماء أحبَّ إلىَّ من أن أكذب عليه
وإذا حدثتكم فيما بيني وبينكم فإن الحرب خدعة
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( فأينما لقيتموهم فان قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة )).
إذاً يجب أن نقاتل هؤلاء الإرهابيين ولا نتردد
فهم خطر على الأبرياء
بل خطر على الاسلام نفسه !
الخلاصة أننا لا شأن لنا بالنيات وما في القلوب فهذه لا يعرفها إلا الخالق
سبحانه ، لكننا نميز بين الإرهابي والمجاهد بهذه العلامات الظاهرة .
والله تعالى أعلم
المصدر: الصفحة الرسمية على تويتر للدكتور طارق سويدان