الرابط المختصر :
أثناء حرب التحرير تركت ساحة الحرية في بنغازي، وذهبت لبعض الثوار في جبهة البريقة، وجلست مع أحد قادتهم، ونصحتهم بتشكيل مجموعة واعية تمثلهم سياسيا، حتى تواكب الحراك السياسي في بنغازي، وتعايش تطورات بناء الدولة خطوة بخطوة، وكانت النصيحة (لأسباب ومخاوف)، تحقق أكثرها للأسف، ولم يلتفت لنصحي آنذاك، بل نظر إلي أحد قادتهم بشيء من الثقة الزائدة، وإن شئت فقل شيء من الغرور.
اليوم أكرر النصح لكل مجموعات الثوار-بخاصة الذين في درنة وبنغازي- الذين لا ينتهجون التكفير، والإرهاب، ويحترمون مسار الدولة المدنية، أن يختاروا مجموعات واعية ناضجة، لتمثيلهم في أي مفاوضات سياسية للتعريف بمطالبهم بكل وضوح، والتعبير عن مخاوفهم دون مواربة، وتقديم رؤيتهم في بناء الوطن وتضميد جراحه.
وأقول لهم احذروا، توظيف الساسة، وتجار الحروب، ولهيب العواطف، وخيالات الفلاسفة، وحماسة الفرسان، فكل حروب الدنيا تنتهي بهزيمة ساحقة لأحد الأطراف، أو الوصول لمقاربة سياسية تحفظ الحق وتحقق العدل وتحقن الدماء، والمحارب الذي لا قائد سياسي له، هو عبارة عن أداة تقتل أو تُقتل، وليس هذا من ديننا الإسلامي في شيء.
والسعي لسحق أطراف الحرب في ليبيا، لا يقول به مسلم فضلا عن فقيه عالم، ولا أظنه يتحقق إلا بعد حرب خبيثة ضروس سيسأل الجميع فيها، عن الدماء التي أريقت، والنساء التي رُملت، والأطفال التي يُتمت، والأوطان التي دُمرت، وقبل كل ذلك مقاصد الشريعة الكبرى التي انتُهكت.
نصيحتي هذه، هي أيضا (لأسباب ومخاوف) أتمنى على الله أن لا تتحقق.