دعا سماحة الشيخ العلامة يوسف القرضاوي العلماء إلى القيام بواجبهم في حفظ دين أمة الإسلام ورسالتها حتى تكون خير أمة أخرجت للناس، وعبر عن ثقته في أن الشعوب الحية والجماهير الحرة تعرف جيدا من يحمل رسالة الإسلام ويتحمل في سبيلها ومن يأكل بدينه على موائد اللئام.
جاء ذلك في كلمة فضيلته في افتتاح الاجتماع الثاني لمجلس أمناء الاتحاد في دورته الرابعة والذي بدأت فعالياته الجمعة بالعاصمة القطرية الدوحة.
ومما جاء في كلمة فضيلته:
(1)
لا أستطيع أن أشكركم على الجهد الذي تبذلونه.. الذي يستطيع أن يوفيكم أجركم هو الله "وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ"، نسأل الله سبحانه أن يجعل عملنا خالصا لوجهه وابتغاء مرضاته.. لا لدنيا ولا لشيء ولا لشخص ولا لهيئة أو حكومة.
(2)
عندما أتحدث عن الأمة فأنا لا أعني أمة العرب أو أمة الهند أو أمة الترك إنما أعني أمة الإسلام.. أمة القرآن.. التي قال الله فيها: "كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ"، وقال فيها: "كَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا".
(3)
لابد أن نعلم أن هذا الكون به قوى كبرى تعمل على إخضاعه حتى لا يخرج على طاعتها، ولا يسير في غير الركاب الذي حددته، والطريق الذي رسمته.. هذه القوى التي تعادي الإسلام و تكيد للمسلمين، لا تريد لأحد أن يسير إلا بأمرها.. يظنون أنفسهم آلهة.
(4)
بدأت الأمة تتراجع.. يقتل بعضها بعضا، بعضهم ينفق أموالا لم يكتسبها بكد يمينه أو عرق جبينه في سبيل محاربة أهل الإسلام في كل مكان "الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ" انتهكوا الحرمات..أوغلوا في الدماء.. استباحوا الأعراض.. عاثوا في الأرض فسادا وإجراما.
(5)
يظل في هذه الأمة من يقول: لا إله إلا الله، محمد رسول الله.. يرفع بها صوته، ويجهر بها.. يدافع عن هذا الدين ويحمل تبعاته، ويقف حارسا يقظا أمام مخططات أعدائه، وشوكة صلبة في حلوق من باعوا ضمائرهم، واشتروا الحياة الدنيا بالآخرة.
(6)
هناك من لا يشعر بالمظلومية مما يحدث في بلاد الربيع العربي؛ إما لأنهم من أصحاب المصالح فيما حدث، أو لأنهم غافلون عما يحاك لأمتهم، أو قد طمست العصبية على بصيرتهم؛ فأخذوا يعادون خصومهم في العمل السياسي، ظنا أنهم سيحلون محلهم، ولا يدرون أنهم يستخدمون، إلى أن ينتهي الدور المنوط بهم، ثم يركلون ويلقى بهم إلى غياهب السجون، أو قاع الذل والمهانة.
(7)
علينا - نحن العلماء- أن نقوم بواجبنا، وأن نحفظ على أمتنا دينها، وأن نحفظ عليها رسالتها، التي ألزمها ربها بها، لتكون خير أمة أخرجت للناس، لأنها أمة الهداية.. تهدي الأمم إلى التي هي أقوم، إلى الصراط المستقيم، صراط الله الذي له ما في السموات وما في الأرض.
(8)
ثقوا أننا نملك قوة كبيرة في الأمة.. فنحن العلماء الذين لا يتحكم فينا أحد.. والذين لا يبيعون دينهم ومبادئهم لأحد.. لسنا من هؤلاء الذين يبيعون القرآن والسنة والشريعة في سبيل أن يرضى الحاكم عنهم، أو يعينهم في مناصبه، أو يغدق عليهم من أمواله.
ثقوا أن الشعوب الحية والجماهير الحرة تعرف جيدا من يحمل رسالة الإسلام ويتحمل في سبيلها ما يتحمل، ويقاسي ما يقاسي، ومن يأكل بدينه على موائد اللئام.
(9)
العلماء الربانيون هم أولئك الأحرار، الذين لا يتقيدون إلا بالقرآن والسنة، ولا يلتزمون إلا بآية محكمة، أو سنة ثابتة، يدورون مع الحق حيث دار، ويرحلون مع الدليل الصحيح حيثما ارتحل.
وهذه مهمتكم.. مهمة الرسل، الذين أنتم ورثتهم.. أحملكم مسؤوليتكم ومسؤولية المسلمين من خلفكم، والله سبحانه أهل لأن يهديكم للتي هي أقوم وأن يوفقكم إلى سواء السبيل.