أهل القدس يسطرون التاريخ بدمائهم، ولكن بكاءنا إذا لم يصحبه العمل الجاد والتخطيط فلا قيمة له
الدفاع عن القدس والمساهمة بالمال والنفس والعلم والفكر هو شرف لنا قبل ان نعتبره فرضا علينا
إلى أهل فلسطين: دماؤكم لن تذهب سدى فهي تشهد لكم عند الله، وتروى بها أرضكم التي تنجب الأبطال
إلى المحتلين: ما أقدمتم عليه من الجرائم ضد الإنسانية يندى لها جبينكم لن تستمر كثيراً وأن فسادكم لن يتركه الله تعالى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله الطيّبين وصحبه الغر الميامين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد،،
أصحاب السعادة والسماحة والفضيلة،،،
إخواني وأخواتي الكرام، أبارك لكم هذا الشهر الفضيل، شهر القرآن والانتصارات، وأشكركم على هذا اللقاء العظيم وعلى إتاحة الفرصة لنا لتتشرف بكم روحي وقلبي وكياني في أرضكم المباركة، أرض الرباط والجهاد إلى يوم القيامة، وكنت أود – والله يعلم – أن أكون معكم بجسدي ولكن حالت ظروف دون إرادتي.
سادتي وسيداتي الكرام،،،
والله إن قلوبنا لتتقطع، وجلودنا تقشعر، وعيوننا تبكي، لما يحدث لأبنائنا وبناتنا في القدس الشريف وغزة العزة والضفة، وهم يسطرون التاريخ بدمائهم، ولكن بكاءنا إذا لم يصحبه العمل الجاد والتخطيط فلا قيمة له كما يقول الشاعر الأبيوردي عندما احتل القدس في السابق:
مزجنا دماءً بالدُّموعِ السَّواجمِ
|
فَلَمْ يَبْقَ مِنَّا عَرْصَة ٌ لِلَمراحِمِ
|
وَشَرُّ سِلاحِ المَرْءِ دَمْعٌ يُفيِضُهُ
|
إذَا الحَرْبُ شُبَّت نارُها بِالصَّوارِمِ
|
فَإِيهاً بَني الإسْلامِ إِنَّ وَراءَكُمْ
|
وَقائِعَ يُلْحِقْنَ الذُّرَا بِالمناسِمِ
|
أَتَهْويمَة ً في ظِلِّ أَمْنٍ وَغِبْطَة ٍ
|
وعيشٍ كنوَّارِ الخميلة ِ ناعمِ
|
وكيفَ تنامُ العينُ ملءَ جفونها
|
على هَفَواتٍ أَيْقَظَتْ كُلَّ نائِمِ
|
أصحاب السعادة،،،
أرجو أن تسمحوا لي أن أتلو أربع رسائل موجزة:
رسالتي الأولى إلى الأمة العربية والإسلامية حول القدس الشريف قبلتنا الأولى ومسرى رسول الله ومركز معراجه.
فأقول: إن الدفاع عنها فريضة شرعية وضرورة قومية وفلسطينية فهي قضية العقيدة، والوطن، و الحرية وأن التهاون في الدفاع عنها خيانة عظمى في حق الله تعالى، وحق شهدائنا على مر التاريخ، وحق أجيالنا وسوف نسأل عنها.
وأن الدفاع عنها والمساهمة بالمال والنفس والعلم والفكر هو شرف لنا قبل ان نعتبره فرضا علينا فشتان بين المضحي بدمه وروحه، وبين من قعد ولو بعذر مثل ما قال مستشار السلطان ألب أرسلان أبو نصر محمد بن عبد الملك البخاري – مخاطبا السلطان: إنك تدافع عن دين وعد الله بنصره وإظهاره على سائر الأديان وأرجو أن يكون الله قد كتب باسمك هذا الفتح -، ثم لما رأى السلطان مترددا قال له : يا سلطانُ إن قافلة الدعوة والجهاد تسير بك وبغيرك فليكن لك شرف المشاركة فيها.
فنهض السلطان – فقال: نعم يارب سمعا وطاعة، وقد نصره الله حقا.
رسالتي الثانية إلى أهلنا في فلسطين كلها وبخاصة في القدس الشريف، وفي غزة والضفة إنكم تدافعون عن شرف هذه الأمة، إن دماءكم لن تذهب سدى فهي تشهد لكم عند الله، وتروى بها أرضكم التي تنجب الأبطال، وإنكم حقاً وبتعاون المخلصين أبطلتم وتبطلون صفقة القرن فجزاكم الله خيراً.
والله أنا شخصيا أخجل عن أن أتحدث عنكم فأنتم تسطرون بدمائكم وأرواحكم أجمل وأعظم تاريخ.
رسالتي الثالثة إلى المحتلين ومن وراءهم نقول : أن ما أقدمتم عليه من الجرائم ضد الإنسانية يندى لها جبينكم لن تستمر كثيراً وأن فسادكم لن يتركه الله تعالى دون رادع فقد وعدنا الله بنهايتكم بسبب علوكم وفسادكم في الأرض، فقال تعالى ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا ) سورة الإسراء الآية5
ورسالتنا لأمريكا في نقل سفارتها إلى القدس الشريف واعترافها بالقدس عاصمة للمحتلين: أن ما فعلتم مخالف لكل القوانين والشرائع، وأن عاقبة الظلم الدمار فهذا وعد الله الحق، قال تعالى ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (8) وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ (9) وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ (10) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ (11) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (12) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ) سورة الفجر الآية 14
ورسالتنا الأخيرة رسالة الشكر لكل من وقف مع الحق الفلسطيني ووقف ضد ما يسمى صفقة القرن وعلى رأسها الأردن أرض الرباط والجهاد ملكا وحكومة وشعباً، وتركيا، وغيرها من الدول والشعوب الحية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في 6 رمضان 1439ه، الموافق 22 مايو 2018م، كلمة
أ . د . علي محيي الدين القره داغي
الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
ونائب رئيس المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث
في اللقاء السنوي حول القدس الشريف بعمان – المملكلة الأردنية الهاشمية الشقيقة.