بسم الله الرحمن الرحيم
نـداء
قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُواۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰۖ وَاتَّقُوا اللَّهَۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [سورة المائدة 8].
تتابع جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، بكل ألم وحسرة، ما آل إليه واقع وطننا العربي المسلم، من خلافات وصراعات، وحروب، مزقت الأمة، وأنهكت قواها، وسجن وتعذيب للمخالفين السياسيين ورجال الفكر والدعوة وتسليط أقصى العقوبات عليهم، ودَوْسٍ على أبسط حقوق الإنسان في الـحياة، وتكميم أفواه وضمائر الشرفاء.
إن ما تعرضه شاشات العالم من أحداث وطننا العربي المسلم، فاق كل تصور، حيث وصل إلى أقصى مستويات العدوان على كرامة الإنسان وقيمه الفاضلة.
فهذه الأحكام الجـماعية بالإعدام، أو المطالبة بها دون مراعاة لأبسط قواعد القانون والأعراف، وأحكام الدين، وهذا التصنيف في خانة الإرهاب، للهيئات والمنظمات، العلمية، والثقافية، والـخيرية، إنما يقدم صورة بشعة عن أساليب الحكم في بلادنا الإسلامية، ويصب في طاحونة الحاقدين على الإسلام والمسلمين في العالم.
وإن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، -المؤمنة بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول- وبصفتها القلب النابض بما يصيب كل مسلم ومسلمة، وانطلاقا من مبدأ الأخوة الذي وضعه الله تعالى ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الحجرات 10]، ترى من واجب النصح والأمانة فيه أن تتوجه بهذا النداء، للأمراء، والزعماء، والعلماء، والشرفاء، في وطننا العربي المسلم عموماً، وفي جمهورية مصر العربية، والمملكة العربية السعودية خصوصا، داعية الجميع إلى أن يتقوا الله في أنفسهم وفي أمتهم، بتجاوز محنهم محافظةً على استقرار مجتمعاتهم وبالحرص على سفينة الأمة بالعدل والإنصاف والابتعاد عن التشنجات التي تفرضها الصراعات السياسية الآنية، وأن يعدلوا عن إصدار الأحكام بالإعدام أو المطالبة بها، وغيرها من الأحكام القاسية على المخالفين السياسيين و العلماء، والشرفاء.
وإن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، لتذكر، " والذكرى تنفع المؤمنين "، بأن الوطن يتسع للجميع، المؤالف والمخالف، وتدعو الجميع إلى الإلتزام بقيم الإسلام وأخلاقه، مهما كانت الظروف والأحوال.
وإنها تهيب بكل العلماء الأتقياء، والمثقفين الشرفاء، والساسة النزهاء، أن يرفعوا أصواتهم نصحاً للحاكم والمحكوم، عملاً بقوله تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [سورة التوبة 71].
إن هذه الأحكام الجماعية أو الفردية بالإعدام والمطالبة بها، لتمثل وصمة عار في جبين العدل والعدالة في بلاد الإسلام، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالخلافات السياسية.
فإلى أولي الأمر في المملكة العربية السعودية، بلاد الحرمين الشريفين، مهد رسالة الإسلام، وإلى حكام مصر الحضارة، مصر الأزهر الشريف، نتوجه بهذا النداء ندعوهم فيه إلى مراجعة هذه الأحكام وإلغائها، وأن يأخذوا بما عملت به الكثير من بلاد العالم ومنها الجزائر؛ أي الصلح والمصالـحة "والصلح خير".
إن لنا لأملا كبيرا في أن يُسْتقبل نداءنا هذا بآذان صاغية، وقلوب واعية، وضمائر حية تجسد ما فيه من دعوة إلى الصلاح والإصلاح، والأمن والإيمان.
﴿وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [التوبة 105].
لتحميل البيان الرسمي انقر هنا