المسلمون في الاتحاد السوفيتي يزيدون على ربع السكان وهم كثرة في شرقه وجنوبه وقلة مبعثرة في وسطه وشماله ، ومع أن البقاع التى يسكنونها مصدر قوة وغنى للروس فإن جمهرة المسلمين مغموطة المكانة ضائعة المستقبل.
عندما كانت روسيا تحت حكم القياصرة كان المسلمون يعاملون بوصفهم كفارا خضعوا للكنيسة الشرقية! وعندما سقطت الكنيسة فى أيدى الثوار الحمر الكارهين للدين كله تحمل المسلمون كفلين من العذاب. وانضم إلى التعصب القديم تعصب جديد..!.
وقد تابعت التغير الذى طرأ على الإدارة الشيوعية فى عهد زعيمها الجديد " ميخائيل جورباتشوف " وحاولت أن أستبين أبعاده فماذا وجدت؟
الرجل يحاول تنشيط الاقتصاد الشيوعى حتى يلحق فى الجودة والغزارة بالاقتصاد الغرب، ويريد أن يتولى المناصب الكبرى رجال أقدر وأذكى وأحب إلى الجماهير! ويريد أن يداوى ضعف الحوافز وشدة الصرامة وقصر النظر فى الرياسة المركزية لشتى الصناعات والزراعات...
هذا ما سُمى انفتاحا فى السياسة الجديدة، إنه انفتاح يعين على اللحاق بدول أنجح وأقدر على ترفيه الشعوب.. أما الناحية التى تهمنا فإن الرفيق " ميخائيل " ضاعف الدعوة إلى الإلحاد ، وشن غارات أوسع على اليقظات الدينية، وقاوم كل نزعة إلى الإيمان بالله. وكان نصيب المسلمين كبيرا من هذا البلاء إذ طرد بعض زعمائهم وأحكم الرتاج على أنشطة علمية واجتماعية كان المتدينون ينفسون بها عن أنفسهم...
ومع سخطنا الشديد على هذا العمى المضاعف ، وألمنا لعشرات الملايين من المسلمين البائسين فإنى لا أملك إلا أن ألوم نفسى وإخوانى..
إن اليهود فى الاتحاد السوفيتى أقل من 2% من عدد السكان ، ومع ذلك فقد وصلوا إلى مناصب علمية حساسة! ونالوا جوائز عالمية فى أهم الثقافات وأعلاها قدرا، وسمعت أصواتهم مدوية فى قصة حقوق الإنسان، واستعدت فئات من العامة والخاصة للهجرة إلى إسرائيل كى تدعم مستقبل اليهودية!.
ما الذى شغل المسلمين عن هذه الأنشطة ؟ ما الذى أخفت صوتهم فى هذه الساحات .
أخشى أن تكون الثقافات المغشوشة والخلافات فى الفروع الفقهية قد خدَّرتهم أكثر مما خدرتهم الشيوعية نفسها، وهذه هى الطامة.