البحث

التفاصيل

تفاؤل المؤمن برحمة الله

الرابط المختصر :

تفاؤل المؤمن برحمة الله

أ.د يوسف القرضاوي

السؤال: المطلوب من المسلم أن يتفاءل بالخير ويرجو رحمة الله دائمًا، وهذا هو شأن الإنسان المسلم، يتفاءل بدخول الجنة وليس بدخول النار، فمتى نتفاءل برحمة الله؟

جواب فضيلة الشيخ:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه

صحيح أن المسلم مطالب بالتفاؤل دائما، يرجو رحمة الله، ويحسن الظن بالله عز وجل، ولكن بحيث لا يغلب عليه الرجاء حتى يصل إلى درجة الأمن من مكر الله، فالله تعالى يقول: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} (الأعراف:99).

فلا بد مع الرجاء خوف، كما يذكر أن الله غفور رحيم، يذكر أن عذابه هو العذاب أليم، كما قال الله تعالى: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ} (الحجر:49-50)، وقال: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ} (الرعد:6).

وقال: {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (المائدة:98)، فلا بد أن يوازن المسلم بين الرجاء والخوف، {وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ} (الحديد:20)، {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ} (غافر:3).

فالمطلوب من المسلم دائما أن يوازن بين الرجاء والخوف، لا يغلب عليه الرجاء حتى يأمن مكر الله، ولا يغلب عليه الخوف حتى ييئس من رَوْح الله، فالله تعالى يقول: {إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} (يوسف:87)، {قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ} (الحجر:56).

{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (الزمر:53)، انظر إلى قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ}، رغم أنهم أسرفوا على أنفسهم بالمعاصي لكن الله تعالى لم يحرمهم شرف النسبة إليه، وقال: يا عبادي.

هذا كله يجعلنا نقف في المنزلة الوسط، لا يغلب علينا الخوف، ولا يغلب علينا الرجاء، نجمع بين الخوف والرجاء، كما قال الله في مدح قوم: {وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} (الإسراء:57).

ويقول عز وجل: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} (الزمر:9)، يخاف من الآخرة، ويرجو رحمة ربه، هكذا يجب أن يكون المسلم بين الحذر والتفاؤل وبين الخوف والرجاء دائمًا.

 


: الأوسمة



التالي
في ظلال مقاصد التوحيد (تعريف علم التوحيد)
السابق
الوصايا العشر للخطباء والوعاظ والدعاة

مواضيع مرتبطة

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع