رسالة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إلى القمة الإسلامية يطالب فيها قادة الأمة، بالوحدة الحقيقية، والتكامل والتكافل المطلوب شرعا، والاستجابة لمتطلبات الشارع الإسلامي.
بعث الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين رسالة إلى القمة الإسلامية يطالب فيها قادة الأمة، بالوحدة الحقيقية، والتكامل والتكافل المطلوب شرعا، والاستجابة لمتطلبات الشارع الإسلامي، وهذا نص الرسالة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه (وبعد)
تعاني أمتنا الإسلامية – منذ أكثر من قرن – من التفرق، والتمزق، والتخلف، والفقر والبطالة والتضخم، ومن مشاكل اجتماعية واقتصادية وعلمية لا تخفى على الجميع.
واليوم تُعقد قمة الدول الإسلامية في ظل نجاح الربيع العربي الإسلامي سياسيا، وحاجته إلى الدعم الاقتصادي والسياسي والاجتماعي...
وأمام هذا الوضع، فإن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يوجّه رسالة إلى قادة الدول الإسلامية يحييهم بها بتحية الإسلام والدعاء الخالص لله تعالى بمزيد من النجاح والتوفيق، ثم يطالب فيها بما يأتي:
أولاً: يا أصحاب الجلالة والفخامة والسمو قد جعلكم الله تعالى مسؤولين أمامه وأمام أمتكم، وأنه سائلكم عما فعلتم كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته" رواه البخاري ومسلم، وإن الإمام العادل يحشر في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله – كما ورد بذلك الحديث الصحيح-، وإن "خيار أئمتكم الذين تحبّونهم ويحبّونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم" رواه مسلم.
ثانيًا: إن هذه المآسي والمعاناة والمشاكل في عالمنا الإسلامي على الرغم من الدور الكبير للخارج، فإن مسؤوليتنا الداخلية هي الأساس، وإن منهج الإسلام هو تحميل أنفسنا المسؤولية الأولى فقال تعالى بعد غزوة أحد: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران:165]. لذلك على الجميع قادة وشعوبا دفع ما عليهم من مسؤولية النهوض، والتقدم وتحقيق العدالة والتنمية والرفاهية والسعادة والرقي لهذه الأمة، التي كان لها السبق في كل ذلك.
ثالثا: لا يخفي على أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، أحوال الأمة السياسية من التفرق والتمزق، فواجبكم السعي الجاد ماديا ومعنويا لتحقيق الوحدة، التي هي فريضة شرعية تدل عليها النصوص الكثيرة، وضرورة ملحة لقوة أمتنا. كما لا يخفى عليكم أحوال الأمة الاقتصادية من الفقر والبطالة والتضخم حتى وصلت نسبة الفقر في بعض الدول الإسلامية اكثر من 50 % على الرغم من توافر خيرات كثيرة، وموارد عظيمة متنوعة، تملكها الأمة.
لذلك فالواجب الشرعي والمصلحة تقتضي التكامل بين الموارد البشرية المتاحة في معظم الدول، والموارد المالية الكثيرة التي تستثمر معظمها خارج البلاد الإسلامية، كما أن التجارة البينية لازالت في حدود 13 بالمائة.
من أجل هذا، نهيب بكم جميعا تحقيق التكامل الاقتصادي مع التكافل الاجتماعي، اللذين يحققان الخير للجميع.
إننا ننتظر قرارات تاريخية في هذه الفترة سياسياً واقتصاديا، فالوحدة خير للجميع، والتكامل والتكافل يحققان الأمن والقوة للجميع، وأن ما يدفعه البعض لإخوانه سيعود عليهم جميعاً بالبركة والسعادة.
رابعاً: لا يخفى عليكم أحوال دول الربيع العربي الإسلامي، وما عانته من ظلم وفساد، دام عقوداً من الزمن، وقضى على معظم الخيرات، لذلك تقع على عاتقكم مسؤولية كبرى نحو هذه الدول، بمزيد من الدعم المادي والمعنوي، لتنهض هذه الدول وعلى رأسها مصر العظيمة التي لها فضل على أمتنا العربية والإسلامية، بمواقفها وجهادها ودفاعها، وأزهرها الشريف.
خامسا: يرجو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين من رجال هذه الدول المشاركة في القمة الإسلامية، أن تتصالح جميعا مع شعوبها، وأن تضع يدها في أيديهم، وتنطلق بهم إلى الأمام، في مواجهة مع التخلف، ومع النظام الاجتماعي، ومع مبدأ الحرية والكرامة التي تنادي به الشعوب؛ ليسير الجميع في صف واحد كالبنيان المرصوص، يشد بعضه بعضا.
وليس هناك مبرر واحد معقول، يجعل الشعب وحاكمه في معسكرين مختلفين، إلا الانحياز إلى الظلم، وهو وخيم العاقبة{ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [ الشعراء:227]
الله الله في هؤلاء كونوا لهم عوناً صادقين باذلين متكاتفين، حتى ننهض كما نهضت معظم شعوب العالم التي لا تتوافر لديها الإمكانيات المادية والمعنوية والأبعاد الحضارية، التي توفرت لأمتنا.
إننا نأمل أن تكون هذه القمة نقلة نوعية لأمتنا الكبرى، للخروج من القول إلى العمل، ومن التفرق إلى الوحدة والتكامل، ومن التخلف إلى الرقى والحضارة والتكافل.
{وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} ]التوبة:105[.
الدوحة: 25 ربيع الأول 1434هـ
الموافق: 06 فبراير 2013م