البحث

التفاصيل

تلبيس الجن، أم لباسه؟!

الرابط المختصر :

تلبيس الجن، أم لباسه؟!

الكاتب: د. ونيس المبروك

 

السحر حق، وهو ثابت بنص الكتاب والسنة، فلا ينكره مسلم

ولكن من التخلف والجهل، تضخيم أثر هذه الأمور في حياة الناس، ونِسبةُ كل ِفشل أو ابتلاء، إلى السحر أو العين

ما يشاع الآن في مجتمعاتنا من ربط كل أزمة بين الأزواج، أو مرض لم يُوجد له علاج، بالسحر والعين أو الجن، هو تطفيف لميزان الشريعة والكون، ولا يقل خطرا وأثرا عن إنكار السحر والعين، ووجود الجن!!

من ثوابت العقيدة، الإيمان بأن الله أودع في هذا الكون أسبابا وقوانينا، ماديةً واجتماعيةً، وجعلها - سبحانه -سُننا ثابتة، لا تتبدل ولا تتحول، إلا في حالات استثنائية " نادرة " كالمعجزات في حق الأنبياء، أو الكرامات في حق الأولياء.

ومن هذه القوانين الثابتة، أن سوء خلق أحد الزوجين، وجهلِه، وإهماله، وطغيانه؛ يؤدي لإفساد بيت الزوجية، وازدياد الكراهية، وضيق صدر أحد الزوجين بالآخر، ... ولا علاقة بين السحر والجن وانهدام "كثير" من البيوت!

ومن هذه القوانين الثابتة، أن تكاسل الطالب في دراسته، وسوء تدبير التاجر لتجارته، وإهمال الصحيح لصحته، وسوء خلق أحد الزوجين مع رفيقه.. هي السبب في رسوب الطالب، وخسارة التاجر، ومرض الصحيح، وطلاق الزوجين، ومن خديعة النفس عندئذ؛ تحميل الجن والسحر، مسؤولية الرسوب والخسارة والمرض والطلاق!!!

عندما تركنا الأخذ بأسباب النجاح في كل شيء، وضعُف في قلوبنا التوكلُ على رب الأسباب، تعلقت قلوبنا وعقولنا بأمور خارجه عن إرادتنا، وجعلناها " شماعة" ومخدر نفسي، يعفينا من مسؤولية ما كسبت أيدينا.

عندما تُفسر كل ما يحدث حولك من مصائب، بأعمال السحر وكيد الجن، تكون قد قلبت موازين القرآن الذي يؤكد أن [مَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ]

وعندما تعطي الجن هذه المساحة في حياتك، وتجعل له سلطانا على زوجك وتجارتك وصحتك وسيارتك..، وتجعله سببا في ضلالك، وسوء خلقك، فأنت تقلب موازين القرآن الذي قال لإبليس [إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ۚ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلًا]

أنا أدعو للتوازن ووضع الأمور في نصابها الصحيح ، وأرى أن تلبيس الجن على دين المرء، أخطر من لباسه، وأكرر ما قلته في فاتحة الكلام :لا ينكر السحر والجن مسلم، ولكن ديننا الحنيف يوجب علينا - ديانةً -الأخذ  بكل أسباب النجاح المادية والفلاح المعنوية، ونبينا الكريم يحثنا على "التحصن" بالذِكر والوضوء والركوع ، والتحلي بحسن الخلق، فإن أصابنا بعدها شيء؛ علمنا أنه ابتلاء، واخذنا بأسباب الوقاية والشفاء، وفوضنا أمرنا -إيمانا واحتسابا- لرب الأرض والسماء.





البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع