بسم الله الرحمن
الرحيم
لجنة الاجتهاد والفتوى بالاتحاد العالمي
لعلماء المسلمين تصدر فتوى بشأن "التهجير القسري لأهل غزة"
بتاريخ
26 شعبان 1446هـ / 25 فبراير 2025م
بسم الله، والحمد
لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى أله وصحبه ومن والاه وبعد:
فإن لجنة الاجتهاد والفتوى بالاتحاد العالمي لعلماء
المسلمين تتابع عن كثب وباهتمام بالغ مجريات الأحداث في فلسطين عامة وفي غزة
خاصة، وآخرها التصريحات غير المسؤولة وغير القانونية التي أطلقها الرئيس الأمريكي
دونالد ترامب واقتراحه إخلاء قطاع غزة عن سكانه، وتهجير أكثر من مليوني
فلسطيني من القطاع إلى دول عدة، بل إصراره على أن يتعامل مع القطاع على أنه
صفقة عقارية من صفقاته التجارية، بشراء وامتلاك قطاع غزة!!!!!
وإننا – في لجنة الاجتهاد والفتوى بالاتحاد العالمي
لعلماء المسلمين- لنرى أن التهجير القسري لسكان غزة جريمة كبرى شرعًا
وقانونًا وأخلاقًا، يجب على الشعوب والحكومات الوقوف ضدها والسعي بكل الوسائل
لإيقافها، وأن ذلك من الجهاد في سبيل الله نصرة لإخواننا المظلومين المضطهدين،
وتحقيقًا للعدالة، وأن كل محاولة للتهجير لهي كبيرة من الكبائر وخيانة عظمى لله
ورسوله والأمة.
وفي ذلك الصدد نبين ما يلي:
أولاً- أنه لا يخفى على أحد أن من أهم دوافع تهجير سكان قطاع
غزة خدمة دولة الاحتلال الصهيوني قصد توسيع رقعة الأراضي المحتلة، ولكسب ود
الصهاينة الإنجيليين في أمريكا المؤيدين لدولة الكيان الصهيوني، ومحاولة تصفية
القضية الفلسطينية كما وعدهم ترامب، وتصدير الاضطراب إلى الدول الإسلامية التي
تجاور فلسطين المحتلة، ومحاولة تحقيق نصر لرئيس حكومة الكيان الصهيوني من خلال
السياسة والذي لم يستطع أن يحققه من خلال القتال بعد الهزائم التي مني بها واهتزاز
صورته داخليًّا وفي العالم، حتى إننا وجدنا من اليهود؛ بل ومن الصهاينة من يرفض
تلك السياسات الجائرة ويراها خطرًا على الكيان ذاته، فضلًا عن أنها جرائم
حرب.
ثانيًا- أن التهجير القسري جريمة حرب؛ لا تجوز شرعًا أو
قانونًا وأخلاقًا، وقد شرع الله تعالى القتال لأجل منع التهجير والظلم فقال
تعالى: ﴿أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن
الله على نصرهم لقدير الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا
أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم
بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ
فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ
اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [الحج، الآية: 39-40]
وقد عرف القانون الدولي التهجير القسري بأنه:
"إخلاء غير قانوني لمجموعة من الأفراد والسكان من الأرض التي يقيمون
عليها"، وهو يندرج ضمن جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد
الإنسانية؛ بل هو جريمة ضد الإنسانية، كما جاء في نظام روما الإنساني للمحكمة
الجنائية الدولية، وهو ما أكدته المادة (49) من اتفاقية جنيف الرابعة لعام
1949م.
ثالثًا- يحرم التهجير القسري بدون ذنب لفرد واحد، فما بالنا بأكثر
من مليوني شخص، وقد دلت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية على حرمة تهجير الإنسان
من أرضه ووطنه، من ذلك قوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّا
كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ
دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ...﴾ [النساء: 66]. فقد ذكرت الآية أن التهجير عقوبة،
وأن البقاء في الأوطان فطرة، وهذا دليل تحريمه. ومن السنة قوله صلى الله عليه
وسلم: «لا يحل لمسلم أن يروع مسلمًا». [رواه أبو داود "الأدب"، 5004]،
والتهجير أعلى درجات الترويع، كما أن التهجير ظلم محرم. لقول النبي صلى الله عليه
وسلم:" اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة" رواه مسلم. والتهجير
القسري من الظلم المحرم. وقال الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله: "الإكراه
على ترك الديار أو الانتقال منها بغير حق هو من الظلم الذي حرمه الله ورسوله".
رابعًا- أنه يحرم على المسلمين أفرادًا وجماعات وحكومات التعاون مع
المشروع الصهيوني الأمريكي الظالم القائم على تهجير أهل غزة قسرًا من ديارهم؛ لأنه
من التعاون على الإثم والعدوان الذي نهى الله عنه في قوله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا
تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: 2]، وثبت عن
النبي صلى الله عليه وسلم: «من أعان ظالمًا بباطل ليدحض به حقًّا؛ فقد برئت منه
ذمة الله وذمة رسوله». [رواه الطبراني].
خامسًا- يجب على الشعوب العربية والإسلامية دعم أهل غزة ونصرتهم بكل
الوسائل الممكنة، كل حسب استطاعته، من النصرة بالمال والسلاح، ورفع الدعاوى
القضائية على الحكومة الأمريكية والكيان الصهيوني في المحافل الدولية، وخروج الناس
في الوقفات السلمية في الشوارع والميادين لإظهار موقف الشعوب ودعم موقف الحكومات
الرافضة من خلال الظهير الشعبي؛ مما يخفف الضغط الأمريكي والصهيوني على حكوماتنا،
وعمل الحملات الإعلامية في التلفاز والإذاعة ومواقع الإنترنت ووسائل التواصل
الاجتماعي، وتخصيص خطبة جمعة في العالم الإسلامي كله؛ تبين الرؤية الشرعية الرافضة
للتهجير القسري، ودعمًا لأهلنا في غزة أنهم ليسوا وحدهم في هذه المعركة، وتحقيق
النصرة الواجبة شرعًا؛ انطلاقًا من قوله تعالى: ﴿وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي
الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ﴾ [الأنفال: 72]، وللحديث المتفق عليه: «المسلم
أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يسلمه» خاصة بعد الصمود البطولي الذي أظهره أهل غزة،
ففي الوقت الذي يموت فيه أبناؤه من البرد؛ فإنهم أصروا على البقاء في غزة رغم
الدمار الحاصل..
سادسًا- أن تقاعس الشعوب والحكومات في
العالم الإسلامي عن نصرة أهل غزة ضد التهجير القسري جريمة كبرى وخيانة لله ورسوله
ولأمة الإسلام، لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ
وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الأنفال:
27]، ومن تلك الخيانة ترك أهل غزة
فريسة للصهيونية العالمية، وأن الواجب تثبيت أهل الرباط كما هو الحال في غزة خاصة
وفلسطين عامة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «رباط
يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها». [رواه البخاري،
"الجهاد" 2892]. وقد بين فقهاء الإسلام أن المقام في ثغور المسلمين –
كالثغور الشامية- أفضل من المجاورة في المسجد الحرام والمسجد النبوي، ومن المقرر
شرعًا أن الإعانة على الواجب من الواجبات، كما أن الإعانة على الحرام من المحرمات.
والحمد لله رب العالمين.
*صادر عن لجنة الاجتهاد والفتوى
بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين*
أمين اللجنة رئيس اللجنة
أ.د.
فضل عبد الله مراد أ.د. علي محيي الدين القره داغي
الأعضاء المشاركون في الفتوى:
1
|
فضيلة الشيخ محمد الحسن الددو
|
عضو
|
2
|
فضيلة الشيخ عبد الحي يوسف
|
عضو
|
3
|
فضيلة الشيخ إبراهيم أبو محمد
|
عضو
|
4
|
فضيلة الشيخ سلطان الهاشمي
|
عضو
|
5
|
فضيلة الشيخ أحمد كافي
|
عضو
|
6
|
الدكتورة فريدة صادق زوز
|
عضو
|
7
|
فضيلة الشيخ محمد جورماز
|
عضو
|
8
|
فضيلة الشيخ مصطفى دداش
|
عضو
|
9
|
فضيلة الشيخ سالم الشيخي
|
عضو
|
10
|
فضيلة الشيخ مسعود صبري
|
عضو
|
11
|
فضيلة الشيخ ونيس المبروك
|
عضو
|
12
|
فضيلة الشيخ عجيل النشمي
|
عضو
|
13
|
فضيلة الشيخ نور الدين الخادمي
|
عضو
|
14
|
فضيلة الشيخ أحمد حوى
|
عضو
|
|
|
|