مَآلاتُ الصَّمْتِ
الجَمْعِيِّ
بقلم: د. عثمان محمد
غريب
عضو الاتحاد العالمي
لعلماء المسلمين
لِاستمرَارِ هذا الصَّمْتِ أو
الإِصْمَاتِ الجَمْعِيِّ للشُّعوبِ المسلمة تُجَاهَ مَا جَرَى فِي العَالَمِ
الإسلامي بدءً باحتلال العراق وتدميره وإلى ما يجري اليوم من إبادة جماعية لأهلنا
في غزة مآلاتٌ فَجِيعةٌ وعواقبُ جسيمةٌ، رُبَّمَا تَجُرُّ بِوَيْلاتِهَا إِلَى
إِلْحَاقِ الحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ بِأُولَى القِبْلَتَيْنِ وَثَالِثِ
الحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَينِ واحتلالِهما وَتَدْمِيرِهِمَا -حماها الله من الطغيان
والعدوان-.
والنكبةُ الجائحةُ حينذاك لَوْ قُدِّرَ
هذا وَدُمِّرَ الحَرَمَانِ الشريفان أَوْ اُحْتُلَّا -لَا سَمِحَ اللهُ- أَنْ
تَجِدَ المسلمين في جَيَشَانٍ وَفَوَرَان، وتُلْفِيَهُم في نَحِيبٍ وَبُكاء،
وَاسْتِعْبَارٍ وَعَويلٍ، وَحَنَقٍ وَامْتِعَاضٍ وَقْتيٍ، وَرُبَّمَا مُظاهراتِ
شَجْبٍ واستنكار، والدُّعَاءِ بالويل والثُّبور لِلْعَدُوِّ الغاشم، ويكون كُلُّ
ذلك آنياً مؤقتاً، ثم يَأْلَفُونَ تلكم النَّكْبةَ الفجيعةَ والكُرْبَةَ
الفَاقِرة، ويخبو لهيبُ الغيرةِ داخلَ جُذُورِ قُلُوبِهم فيصبحون خامدين خاملين،
وللواقع المُرِّ خاضعين، يعيشون أيامهم وكأن شيئا لَمْ يَكُنْ، وَرَزِيئَةً لَمْ
تَقَعْ -أعاذنا الله من الخذلان والاتكاسة-.
أما الجامعة العربية، بل منظمة التعاون
الإسلامي وبقية الاتحادات والمنظمات وجلُّ الحكام فيكتفون كَمَا أَلِفْنَاهُم-
بالإدانة على استحياء وَوَجَل، وكأن اللغة العربية عَقِمَتْ أَنْ تَلِدَ غَيْرَ
مادَّةِ: أَدَانَ، يُدِينُ، إَدَانَةً، وأخواتها.
ومعلومٌ أنَّ مَنْ أَلِفَ المَشَاهِدَ
المُرَوِّعَةَ لِجُثَثِ الأطفال والنساء والشيوخ مرةً فإنه يألف ما هو أشدُّ منها
وأنكى مَرَّاتٍ كرَّاتٍ.
وَمَنْ صَمَتَ لاحتلالِ بَلَدٍ مِنَ
البلاد الإسلامية فسوف يصمت لاحتلال البقية الباقية منها.
وَمن رَضَخَ لتغيير اسم القدس الشريف
إلى أورشليم، واستكانَ لاختطافه من أيدي المسلمين وتسليمه للكيان الصهيوني فسوف
يرضخ ويستكين لاحتلال مكة المكرمة وتسليمها لكفار قريش، وسوف يذعن لتغيير اسم
المدينة المنورة إلى يثرب، وَيَنْصَاعُ لتسليمها إلى يهود خيبر.
وأنا هنا أُنْذِرُكُمْ بَيْنَ يَدَي
فَاجِعَةٍ فَجِيعَةٍ وَنَكْبَةٍ نَكْبَاء قبل أنْ تَنْدَمُوا، وَلَاتَ سَاعَةَ
مَنْدَمٍ، وقد أَعْذَرَ مَنْ أَنْذَرَ.
وغيرُ خفيِّ على كل من له مُسْكةٌ من
عَقْلٍ وِدِينٍ أن طفلا أو امرأة أو شيخا أو شابا مؤمنا أعظم حرمة عند الله تعالى
من الكعبة المعظمة -حماها الله-، وقد ثبت عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رضي الله
عنهما- أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ، وَيَقُولُ: «مَا أَطْيَبَكِ وَأَطْيَبَ رِيحَكِ، مَا
أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ،
لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ حُرْمَةً مِنْكِ، مَالِهِ،
وَدَمِهِ، وَأَنْ نَظُنَّ بِهِ إِلَّا خَيْرًا»(1)
اللهم احمِ الحَرَمَيْنِ
الشَّرِيفَيْنِ.
وحرِّر أُولَى القِبْلَتَيْنِ ثَالِثِ
الحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَينِ
اللهم انصر غزة على تل أبيب وأخدانها.
اللهم حرِّرنا وحرر بلادنا.
اللهم أعِد إلينا رشدنا الشارد، وعزنا
الضائع.
آمين يا رب العالمين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* ملحوظة: جميع المقالات المنشورة تعبر
عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
(1) سنن ابن ماجه - كتاب الفتن- باب
حرمة دم المؤمن وماله - حديث:3930.