إنّ الرئيس الأمريكي ومن ورائه المتطرفون المسيحيون الصهاينة يظنون أن مساعدتهم المالية للفلسطينيين وسيلة للتنازل عن القدس، ويصرون على الابتزاز السياسي للفلسطينيين، والعبث التفاوضي الذي لا شأن له إلا أن يتنازل الفلسطينيون عن أراضيهم التي ينهبها الاستيطان يوميا، وبناء الجدار، والحفر المتواصل تحت المسجد الأقصى والتضييق على المقدسيين في منازلهم، وفرض الضرائب المجحفة عليهم، وعلى ترميم ما يمكن ترميمه من منازلهم ويمنعون من بناء مدارس لأبنائهم أو مساكن جديدة وفرض ضرائب هائلة.
إنَّ الشعوب الإسلامية اليوم تتحرك فهذا مؤتمر يعقد في ماليزيا يحضره علماء المسلمين ومؤسسات عديدة من مختلف أرجاء العالم الإسلامي، وهذا مؤتمر أصدقاء فلسطين يعقدونه في لندن، ومؤتمر آخر يعقد في سطيف دعت إليه جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ولكن هل يكون مصير هذه المؤتمرات كمصير ما عقد من مؤتمرات في 1948 في الأمم المتحدة ومجلس الأمن ومؤتمر لندن، ومؤتمر القاهرة ومؤتمرات عقدت في الهند لثلاث مؤسسات؟ آن الأوان لوضع خطة استراتيجية لتحرير فلسطين تقدم على أساس علمي، تقني، والتخلص من التبعية والتخلف، بالبحث العلمي، والتنمية للإنسان والاقتصاد، وإعداد العدة للدفاع عن القدس دفاعا حقيقيا مع فعالية سياسية في المجتمع الدولي، والأمم المتحدة التي تملك الفيتو لصالح الصهاينة في كلّ مرة.
وعلى المؤتمر الذي عقد في ماليزيا وغيرها أن يعوض ما تمنعه أمريكا من معونات للفلسطينيين بجدية، وأن يحتضن الشباب الفلسطيني في الجامعات ومراكز البحوث، والأكاديميات العسكرية لتدريبهم، وليمتلكوا كل الوسائل العلمية، التي تؤهلهم للدفاع عن وطنهم وإذا كانت الدول الغربية ومنها فرنسا والولايات المتحدة قد ساعدت الصهاينة أن يمتلكوا الطاقة النووية وصنع الأسلحة الفتاكة فلماذا لا تساعد الدول الإسلامية الفلسطينيين في هذا المجال وغيره، لتحرير أوطانهم، كما فعلت بعض الدول العربية أثناء ثورة التحرير الجزائرية بتدريب بعض الشباب الجزائري وانخراطهم في بعض الكليات العسكرية البرية والبحرية والجوية.
أما عقد المؤتمرات وإصدار البيانات والخطب، التي يعقبها تخطيط، وتنفيذ ومتابعة، مع نشاط سياسي فعال في المجتمعات الدولية، والشعبية، لإيجاد سند قوي يكون عضد التحرير فلسطين، وتحرير الأوطان أمر شرعي، في القانون الدولي والضمير الإنساني.
وتستند الولايات المتحدة إلى القوة العدوان على الشعوب، وشن الحروب التي لا تنتهي، بدعوى الدفاع عنه النفس وتمتع الشعوب المضطهدة كالشعب الفلسطيني، أن يدافع عن وطنه، وتدعي الديمقراطية، في حين أنها تساند الطغاة والاستبداد تبعا لمصالحها لا غير.
وهي التي صنعت دولة الصهاينة فقد اعترفت بدولتهم سنة 1948 بعد إعلانها بدقيقتين وأيدتها بالأموال والأسلحة، وما تزال تدعم هؤلاء الصهاينة الذين يقتلون الشباب الفلسطيني يوميا، ويدمرون بيوتهم ومزارعهم، وحقولهم، وتقتلعون أشجارهم.
واليوم نسمع ونرى نائب الرئيس الأمريكي واليوم نسمع ونرى نائب الرئيس الأمريكي يخطب لدى الصهاينة خطابا لاهوتيا، وهو المتطرف المسيحي المتصهين، وكان هؤلاء الأمريكان عازمون على شن حروب دينية، وإحياء الحروب الصليبية في عصر يقال إنه عصر العلم والتنوير والديمقراطية والتعايش السلمي بين الأديان.
متى تتفطن النخب في العالم الإسلامي إلى ما يحيط بهم من الأخطار، ليعلموا بجد على التخلص من التخلف ومن الاستبداد، أين فكر هذه النخبة للدفاع عن أمتهم، وأين هؤلاء اليساريون الذين يزعمون تمكين الحرية، وأين العلماء الباحثون في مختلف العلوم لوضع استراتيجية علمية للنهوض بالأمة.
إن مجرد التشدق بالحرية، والعمل ضدها، ومساندة الاستبداد الذي نرى عليه كثيرا ممن يزعمون أنهم نخبة وكتاب وشعراء باعوا أنفسهم للاستبداد ورضوا لأنفسهم الترف والأكل على كل مائدة، ويجند كثير من الإعلاميين المزيفين للتطبيل والتزمير للاستبداد، والدفاع عنه جهارا كأنهم فقدوا الضمير الإنساني الفطري الذين نجده حتى عند الطفل إذا رأى عدوانا فإنه ينزعج ويبكي لما رأى.
إنَّ الشعوب اليوم أخذت تدرك ما يجري في العالم، وتعلم الظالم المستبد، وأخذ بعضها يثور ضد الاستبداد، ويتعرض لثورات مضادة، تريد إجهاض كل تقدم، وتدمير كل ما يعترض مصالحهم، وكل داع لإصلاح الوضع، يرمي من جملة ما يرمي به بالإرهاب الذي أصبح أداة لاستبداد الدول، وشن الحروب بدعوى محاربة الإرهاب في حين أن هؤلاء هم الذي يصنعون الإرهابيين ويمدونهم بالسلاح، يحاربون عنهم بالوكالة كما تفعل أمريكا بالأكراد الذين لم يستيقظوا بعد من غفلتهم، واتبعوا من يغرر بهم، ثم يتركهم بعد انتهاء المهمة.
إن المغفلين والبلداء والدهماء الجهلة هم الذين تجندهم المخابرات وتقودهم إلى المهالك وسفك الدماء بجنون، وهم لا يشعرون، وبعضهم عن شعور وتعمد يزعم أنه يدافع عن الإسلام.